أنقذوا الدلافين

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٩/ديسمبر/٢٠١٨ ٠٤:١٧ ص

بيتر سينغر

لقد بدأ الصيد السنوي للدلافين ببلدة تايجي اليابانية في سبتمبر وبحلول شهر مارس المقبل وعلى الرغم من الإدانة العالمية والانتقادات المتزايدة من اليابانيين انفسهم فإن حوالي 1500 دولفين سيتم تجمعيها في جون خليج صغير قبل أن يتم طعنها حتى الموت.

تايجي ليست المكان الوحيد الذي يتم فيه صيد الدلافين فجزر فارو وجزر سولومون وجرينلاند وروسيا واندونيسيا وبيرو وكندا هي أيضا تضم مواقع للقتل ولكن أضخم عمليات الصيد تحدث في اليابان حيث يعتبر الصيادون التجاريون الدلافين بإنها حيوانات ضارة لأنها تأكل الأسماك ذات القيمة التجارية علما انهم خلال عمليات الصيد يقومون بإيقاع الدلافين في الفخ ومن ثم يقومون ببيع الدلافين «الجميلة» للحدائق المائية ويذبحون بقيتها من اجل لحومها. يقدر انه خلال السبعين سنة الفائتة تم قتل اكثر من مليون حوت ودولفين وخنزير بحر في المياه اليابانية. إن التقارير تشير أن العديد من أنواع الحيتان التي تستهدفها عمليات الصيد الساحلية في اليابان لن تعود مطلقا لمستويات مستدامة.

إن محاولات الجدل بأن صيد الدولفين في تايجي ينتهك القانون الدولي لم تحقق النجاح لغاية الآن وعلى الرغم من أن المفوضية الدولية للحيتان قد فرضت حظر على صيد الحيتان للأغراض التجارية، لا يوجد توافق بين الدول الأعضاء على ما اذا كان الحظر يمتد الى نوع الحيتان الصغيرة مثل الدلافين.
على أي حال فإن الحظر على صيد الحيتان التجاري لم يوقف قتل الحيتان من قبل أسطول صيد الحيتان الياباني ومنذ أن أصبح الحظر ساري المفعول،قامت اليابان باستغلال ثغرة تسمح بقتل الحيتان لأغراض «البحث العلمي» حيث استمر صيد الحيتان التجاري تحت ستار العلم ولقد كانت هذه الخدعة واضحة لدرجة أن استراليا رفعت دعوى ضد اليابان في محكمة العدل الدولية حيث جادلت بأن ممارسة اليابان المتعلقة بصيد الحيتان ليست علمية ولقد ربحت أستراليا تلك الدعوى ولكن بينما تسبب هذا الحكم في الحاق بعض الضرر بسمعة اليابان، إلا انه لم يحقق فائدة تذكر للحيتان وذلك لإن الحكومة اليابانية قد طورت الآن برنامجاً جديداً لصيد الحيتان في القطب الجنوبي من المفترض أن يكون أكثر علمية وخلال آخر عمليات الصيد في القطب الجنوبي من قبل اليابان تم قتل 333 حوت مينك بما في ذلك 120 أنثى حامل.
ان المشكلة الأخرى في استخدام القانون الدولي لمنع اليابانيين من قتل أنوع الحيتان هي عدم وجود شرطة عالمية من اجل فرض تطبيق القانون فالعبء يقع على عاتق الدول الأعضاء من اجل التنظيم الذاتي والتي هي عادة لا ترغب بعمله.
ولهذه الأسباب، تحاول منظمة غير ربحية أسترالية تدعى العمل من أجل الدلافين ووكالة التحقيق في الحياة وهي جمعية خيرية يابانية تبني استراتيجية جديدة تتمثل في العمل القانوني ضمن اليابان نفسها حيث سيجادلون بإن عمليات صيد الدلافين تنتهك التشريعات اليابانية لحماية الحيوانات ولو وافقت المحكمة على ذلك، سيكون من الصعوبة بمكان على الحكومة تجنب تنفيذ حكم المحكمة. هل سيوافق القضاة اليابانيون؟ إن هناك أسساً قوية للاعتقاد بأنهم سيوافقون على ذلك فاليابان لديها قوانين صارمة نسبيا فيما يتعلق برعاية الحيوانات، على سبيل المثال يجب ذبح معظم الحيوانات بطريقة تقلل من ألمها وانزعاجها قدر الإمكان. إن تلك القوانين تشبه القواعد والأنظمة المطبقة في معظم المسالخ في العالم الصناعي والتي تتطلب ان يتم صعق الحيوانات -فقدان الوعي بسبب الغاز وعدم الإحساس بالألم- قبل أن يتم نحرها. بالطبع هناك حالات تفشل فيها عمليات صعق الحيوانات ويتم قتل تلك الحيوانات مع تمتعها بالوعي الكامل ولكن عندما يتم عمل الصعق بشكل صحيح فإنه يقلل من معاناة الحيوانات. على النقيض من ذلك فإن الأسلوب المستخدم في قتل الدلافين في تايجي لا يحاول أن يقلل من معاناة الحيوانات حيث لا يتم صعقها قبل ذبحها. إن التحليل المفصل لطريقة القتل المستخدمة في تايجي يظهر أنها تبتعد كثيرا عن الطرق المقبولة للذبح في العالم المتقدم.
إن عملية تجميع الدلافين في جون الخليج الصغير برمتها بما في ذلك احتجازها وقتلها تستغرق ساعات أو حتى أيام مما يعني انه بالإضافة إلى عذاب القتل فإن العديد من تلك الحيوانات الاجتماعية جداً ولفترات طويلة جدا وفي حالة من الرعب تسمع أصوات الحيوانات التي يتم قتلها قبلها وتشاهد أفراد عائلتها ومجموعاتها وهي تذبح بوحشية. لماذا لا يوقف التشريع الياباني لرعاية الحيوانات معاناة تلك الدلافين كما يوقف الأساليب الوحشية المماثلة المستخدمة لقتل البقر أو الخنازير؟ إن منظمة العمل من أجل الدلافين ووكالة التحقيق في الحياة ستجادل بأن القانون الياباني قد أخطأ عندما صنف الدلافين على انها اسماك بدلا من تطبيق مستويات الحماية الأعلى والتي يمنحها القانون الياباني للثديات.
إن من المفهوم أنه قبل تطور الطرق العالمية للتصنيف فإنه كان ينظر لأنواع الحيتان على أنها جزء من الأسماك وليس الثديات ولكن بعد أن اصبحنا نمتلك معلومات أفضل فإن المدعين سيحثون المحكمة على تبني الفهم العلمي الحديث للدلافين كثديات وأن يصدروا حكما بأن متطلب التقليل من معاناة الثديات ينطبق عليها.
لو تم الاعتراف بأن الدلافين تستحق الحماية بموجب قوانين رعاية الحيوانات اليابانية فإن الرعب الناتج عن عمليات الصيد في تايجي سيتوقف وهذا سيعتبر نقلة نوعية بالنسبة للدلافين في اليابان ولكن هذا لا يعني نهاية مخاوفنا فيما يتعلق بقتل الدلافين فتلك الحيوانات الذكية والمدركة لذاتها تعيش في مجموعات اجتماعية ذات علاقات اجتماعية معقدة علما أن لديها مصلحة شخصية بالاستمرار بالحياة فلو لم تكن لدينا حاجة لقتلها من أجل بقائنا، إذن لماذا نقتلها؟

أستاذ أخلاقيات البيولوجيا في جامعة برينستون وأستاذ حائز على جائزة من جامعة ملبورن ومؤسس المنظمة غير الربحية الحياه التي يمكن أن تنقذها. إن كتبه تشمل: تحرير الحيوان، الأخلاقيات العملية، عالم واحد الآن، أفضل شيء يمكنك عمله.