الرياض عاصمة الإعلام العربي

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٩/ديسمبر/٢٠١٨ ٠٣:٤٢ ص
الرياض عاصمة الإعلام العربي

علي بن راشد المطاعني
تشرفت بحضور حفل تدشين العاصمة السعودية الرياض كعاصمة للإعلام العربي لعام 2019 بحضور 450 إعلاميا من مختلف أقطار الوطن العربي، وذلك في احتفالية رائعة وأنيقة أقامتها وزارة الإعلام السعودية على شرف وزراء الإعلام العرب. الرياض أعادت استحضار تاريخ الإعلام وبداياته المختلفة بكل وسائلها المتاحة كمرجعية يتم الاستناد إليها بشأن تطوره من بعد إيضاح التحديات التي يواجهها الإعلام العربي والطموحات التي يصبو للوصول إليها في إطار استكمال زخمه التوعوي.

لقد أجاد منظمو الحفل في وضع فقرات شيقة وقصيرة جدا أدخلت البهجة إلى نفوس الحضور، وسبقتها الندوة التي عقدتها الجامعة العربية على هامش الفعالية التي أكدت وأمنت على أهمية الكلمة (وأمانتها) عندما تخاطب الجماهير، في وقت ما عادت فيه الأمانة -كلمة ومعنى- تحمل ذات القدسية التي عرفت بها، إذ غدت للأسف مطية لأصحاب الهوى والغرض، وبسبب ذلك ضل الإعلام طريقة كهاد ومرشد ودليل، فلابد من إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح كما أمرنا الله عز وجل في محكم كتابه.

فالندوة لم تغفل التحديات الجديدة التي يواجهها الإعلام وما يواجهه من تحديات تكنولوجية هائلة جعلت من اختلاط الحق بالباطل أمرا واقعا، وبحثت في كيفية التعاطي مع الواقع الجديد عبر المحافظة على الثوابت الأخلاقية والمهنية للمهنة وفي ذات الوقت ملاحقة الجديد بكل تجلياته اللا مسؤولة في أغلب الظن.
ولا شك أن اضطلاع الرياض بهذه المسؤولية الجسيمة يضع على كاهلها تحديات جساما، ذلك أنها ومع بداية العام الجديد -إذ هو يدق على أبوابنا الآن- ستغدو المناط بها دون غيرها من عواصم العرب إعادة الهيبة والمصداقية والأمانة والحصافة التي فقدها إعلام العرب في السنوات الأخيرة، إذ بات يعرف كما نعلم بأنه إعلام اللا حقيقة، ولا نرغب في أن نقول إعلام الكذب باعتباره قد فشل فشلا ذريعا عبر السنوات الفائتة في إقناع الشارع العربي بأنه حامل لواء الصدق والأمانة، وعلينا التيقن من ذلك عبرة نظرة موضوعية للأزمات والكوارث والنكبات التي مرت بها الأمة في تاريخها الحديث لنجد أن إعلامنا كان بعيدا تماما عن قول الحقيقة، ومن هنا تأتي جسامة المسؤولية، ومن هنا يتجلى عظم الخطب الذي تنوء بحمله الرياض في العام المقبل بحول الله وقوته.
فما يحتاجه عالمنا العربي اليوم هو زخم جديد من الصدق في معناه الأنقى والأتقى، نحتاج لأن يقودنا الإعلام العربي الجديد إلى اليقين الكامل بأن ما يقال عبره هو الحقيقة كاملة غير منقوصة، فشعوب العرب وبعد أن فقدت الثقة في إعلامها فإنها اليوم تواقة إلى أن يتخلى إعلام الأمة عن أدرانه القديمة ويضطلع بحمل لواء الأمانة تلك التي حملها الإنسان قبلا إذ هو ظلوم جهول، فشعوبنا تحن إلى إعلام يقودها إلى طريق الحق والهداية والنور لا إلى طريق الظلمات والفجور، الأمة تتطلع إلى إعلام قادر على مناطحة أعداء الأمة بالحقيقة وبالبيان الرزين وبالأدب واجب الاتباع ممن يتحدثون بلغة القرآن في كوكب الأرض، فلا غرو أن يكون إعلامهم بمستوى كتابهم الكريم نظافة وسموا وشرفا وإشراقا.
نأمل أن توفق الرياض في مهامها ومسؤوليتها تلك العظيمة، ونحن على يقين كامل بأنها أهل لذلك، ولديها من الإمكانات ومن البيان المبين ما يمكنها من تحقيق النجاح والفلاح الذي تنتظره شعوب الأمة.