صفحة جديدة مع طهران..

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٣/مارس/٢٠١٦ ٠١:١٦ ص
صفحة جديدة مع طهران..

لميس ضيف
lameesdhaif@gmail.com

في سبتمبر الفائت، طرحت الدوحة مبادرة لرأب الصدع بين إيران وجاراتها الخليجيات.. وهي مبادرة سرعان ما تهشمت على صخور التطورات التي زامنتها: وفاة مئات الحجاج الإيرانيين في حادثة التدافع في منى، والاعتداء على السفارة السعودية في طهران، وطرد البحرين للممثل السياسي الإيراني بعد تصريحات أغضبت المنامة، وسواها من الأحداث التي أجهضت المبادرة الوليدة.

لكن المبادرة تجددت، ودخلت الكويت على خطها كوسيط بعد أن بعث الرئيس الإيراني حسن روحاني، رسالة إلى أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد يعبر فيها عن رغبة بلاده في «حل المسائل العالقة بين إيران ودول الخليج بالحوار الهادئ». وهو ما حدا بأمير الكويت لإرسال موفده إلى الرياض، في وقت بادر فيه أمير قطر بزيارة إلى أبوظبي لبحث الموضوع نفسه.

يتزامن كل هذا مع تحول عالمي آخر «غير متوقع».. الولايات المتحدة تفتح صفحة جديدة في علاقاتها مع كوبا التي امتلأ دفترها معها بالعداء على مدار 70 عاما ً ! قبل يومين فقط وقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما في قصر الثورة في هافانا متأبطا الرئيس الكوبي، مشددا على أن بلاده تسعى لرفع الحظر عن كوبا بعد أن شطبتها من لائحة الدول الداعمة للإرهاب.
ورغم أن المسائل الخلافية وأولها قضية السجناء السياسيين لا تزال قائمة، إلا أن الولايات المتحدة ترى أن فصل العداء يجب أن يُشطب وأن «الطيب أحسن»..
ليس لنا أن نتنبأ بما ستحمله الأيام المقبلة من تطورات.. لكننا نأمل أن ينتهي فصل العداء الكارتوني بين دول المنطقة، فهذا العداء قد استنزف من قدرات ومقدرات دولنا الكثير.. وألقى بظلاله على العلاقات داخل الدول. فرغم أن الخلافات بين الجانبين «سياسية وليست مذهبية» كما أكد أمير قطر في خطبته الأخيرة أمام الأمم المتحدة، إلا أن الخلاف جُيّر مذهبيا، وأصبح مطية لأهل الفتن، وشماعة للمتعصبين، وها نحن نجني الحصاد المرّ وندفع ثمنه.

من جهته صرح وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير «إن بلاده لا تمانع في فتح صفحة جديدة في العلاقات مع إيران، إذا غيّرت الأخيرة سياساتها «الطائفية»، وتوقفت عن التدخل في شؤون دول المنطقة».

إننا كشعوب نأمل أن تشق المبادرة القطرية/‏ الكويتية طريقها نحو النجاح، ونستحضر هنا بالطبع الموقف العماني الذي لطالما أسس لعلاقات إيجابية صحية مع دول الجوار ودعا لتجاوز الخلافات بالحوار العقلاني. فالدول التي تحاربت وأسالت أنهار الدماء وجدت طريقة للتصالح وتشبيك العلاقات من أجل مصالح شعوبها، فما بالنا نعجز عن فعل المثل مع دولة لم نشتبك معها في حرب مباشرة بل هي مناكفات واتهامات تقذف في كل اتجاه لا يُفترض بها أن تخلق هذه الحالة من العداء.

إن تحديات المنطقة، والتحولات العالمية، تفرض علينا واقعا جديدا.. فالموج عال وأعاصير التقلبات الاقتصادية لا ترحم أحدا.. وخير المنطقة في بدء صفحة جديدة تتيح للجميع التركيز على ما هو مهم حقا: النهوض بهذه البقعة من العالم التي خذلت نفسها ولم تستفد - إلى اليوم - من إمكانياتها الضخمة المشلولة بسبب الخلافات السياسية التي لا تنتهي.