هل هكذا يُبجل المعلم ؟

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٣/مارس/٢٠١٦ ٠١:٠١ ص
هل هكذا يُبجل المعلم ؟

د. محمد بن ابراهيم الزدجالي

الحمد لله الذي علم بالقلم ، علم الإنسان مالم يعلم . والصلاة على معلمنا الأول أكرم الخلق قاطبة محمدا صلى الله عليه وسلم . منذ أيام قليلة إحتفلت السلطنة بيوم المعلم الذي أنار طريقنا حين إحلولك ظلام الجهل وخيمت عروشه وأمدنا لطرق الرشاد وأبصرنا للنور الذي أضاء لنا عتمة الحياة . لست هنا بصدد الحديث عن مكانة المعلم و توضيح منزلته بقدر ما إستوقفني مشهد أثار في نفسي الإستغراب وفي قلبي الألم الذي تعاظمت معه مكانة المربي الفاضل الذي ما بخل علينا وعلى أبناءنا يوماً بوقته وجهده وإخلاصه .
أحزنني كثيرا إقدام مجموعة من الطلبة على حرق مكتب (غرفة)المعلمين بمدرسة صحار للبنين مؤخراً ، الأمر الذي أقلق ليلى وأضنى مضجعي ورأيت بأنه لا يمكن أن يمر مرور الكرام دون أن نسلط الضوء على عمق المشكلة وبشاعة المشهد الذي دفع هؤلاء الطلبة لإستهداف مكاتب أكثر الناس حقاً في التكريم والتبجيل، أولئك الجنود المجهولون القادة العظام، الذين ساروا ومضوا بطلابنا حتى أوصلوهم إلى شواطئ العلم، وبر النجاة من الجهالة . غرسوا فيهم الغراس العظيم الذي وصلوا به الى طموحاتهم وأهدافهم في هذة الحياة .
المعلم الفاضل الذي يجب أن نراه بعين الاحترام والإكرام، والخضوع والتواضع، فالخضوع والتواضع للمتعلم أمام المعلم عزة ورفعة لطالب العلم .

لقد أخذت حادثة مدرسة صحار للبنين مجراها القانوني الذي يكفل حق الجميع ولست هنا إلا لتوجيه ثلاثة رسائل مباشرة للطالب و ولي أمره والمعلم الفاضل .
إبني الطالب : يجب أن تعرف أن المعلم الذي يقف أمامك كل صباح يسخر وقته وجهده لينير دربك ويوصلك لمراتب العلم والرِفعة حتى تتبوأ مكانتك التي تطمح لها في هذة الحياة . فهو لا يستحق منك الا الإجلال والتقدير والإحترام ومساعدته في تأدية رسالته على أكمل وجه ، من أجلك أنت وأجل وطنك !
أخي ولي الأمر : غرس مفاهيم إحترام وتقدير المعلم في نفوس أبناءك منذ الصغر يعزز لديهم ثقافة إجلال المعلم وتعظيم العلم والمدرسة ، الأمر الذي سينعكس على أداءهم الدراسي وتحصيلهم العلمي ، ويبعدهم عن رفقة السوء التي تدعو لتعكير صفو المدرسة والدارسين ، فالبيت هو المدرسة الأولى وعلى الأب يقع الدور الكبير في غرس المفاهيم النبيلة عن المعلم ودوره في بناء حياتنا ومستقبلنا ، ومن هنا يجب على ولاة الأمر عدم إهمال أبناءهم ومتابعة علاقتهم بالمدرسة والمعلم وتوجيههم نفسياً للجانب المشرق للعلم والمعرفة .
عزيزي المعلم : متأكد بأن عطاءك لن ينضب
ودورك في تقدم الأمم يزداد أهمية يوماً بعد يوم ، إن رسالتك النبيلة ، رسالة تربوية تعليمية مباركة ومهنة ضروريـة للتقدم الإنساني . كنت ولا زلت وستبقى العمود الفقري للحياة ونورها الذي لا يخفت . فكُن كما أنت معطاءاً للخير والنجاح .
أخيراً : ما حدث في مدرسة صحار للبنين لا يمثل الا فئة قليلة جداً ولا يجب أن نغفل لمكانة وقيمة طلبة هذة المدرسة التي أخرجت نماذج عظيمة للطلبة الذين تبوؤا أعلى المراتب في السلطنة،فلنجعلهم إنموذجاً يُحتذى به ونساهم جميعاً في سد الطريق أمام كل التصرفات الغير مسؤولة التي تصدر من قلة قليلة ونساهم في خلق بيئة إيجابية في المدرسة تعود بالنفع والفائدة لنا ولوطننا الحبيب الذي يقوم على سواعدنا وينهض بالعلم والمعرفة . ولنتذكر دائما أبيات أمير الشعراء في وصف المعلم :

قُـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيـلا
كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا

أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي
يبني وينشئُ أنفـساً وعقولا

سـبحانكَ اللهمَّ خـيرَ معـلّمٍ
علَّمتَ بالقلمِ القـرونَ الأولى

أخرجـتَ هذا العقلَ من ظلماته
وهديتَهُ النـورَ المبينَ سـبيلا

رئيس اللجنه التشريعية والقانونية بمجلس الشورى
رئيس جمعية المحامين العمانية