سوتشي.. من المعارضة لواجهة السياسة في ميانمار

الحدث الأربعاء ٢٣/مارس/٢٠١٦ ٠٠:٥٣ ص

يانجون – – وكالات

أعلن رئيس برلمان ماينمار أمس الثلاثاء أنه تم ترشيح أون سان سو تشي زعيمة حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية الحاكم في ماينمار لتولي منصب وزاري في الحكومة الجديدة.

وقال رئيس البرلمان مان وين خيانج ثان إن الرئيس المنتخب هتين كياو طرح أسماء 18 مرشحاً، من بينهم سو تشي زعيمة المعارضة السابقة، لتولي 21 حقيبة وزارية. بينما قال مسؤول بارز بالحزب الحاكم إن سو تشي ستتولى منصباً واحداً على الأقل في الحكومة الجديدة. وأضاف المسؤول طالباً عدم الكشف عن اسمه حيث إنه ليس مخولاً بالتحدث إلى وسائل الإعلام «إن سو تشي ستتولى بالتأكيد منصب وزيرة الخارجية، وبالتالي سيكون بوسعها المشاركة في مجلس الدفاع والأمن الوطني». ويعد هذا المجلس أعلى سلطة في حكومة ماينمار، ويضم ستة أعضاء من العسكريين من بينهم قائد القوات المسلحة.

كما تم ترشيح سو تشي لتولي منصب وزيرة التعليم، وكذلك ممثلة الطاقة والكهرباء بمكتب الرئيس، وذلك وفقاً لوثيقة غير رسمية.

بداية

ولدت اون سان سو تشي في 19 يونيو العام 1945 وقد حصلت من مجلس النواب الأمريكي على أرفع ميدالياته.

تلقت تعليمها في المدارس الكاثوليكية ثم التحقت بإحدى الكليات في الهند عندما عملت أمها كسفيرة لبورما في الهند ونيبال وفي العام 1969 حصلت على البكالوريوس في علوم الاقتصاد والسياسة من اوكسفورد. عملت في الأمم المتحدة في نيويورك لمدة ثلاثة أعوام في مسائل تتعلق أساساً بالميزانية.
وفي العام 1972 تزوجت من د.مايكل اريس وهو أستاذ بريطاني متخصص في أديان وثقافة التبت ولكنه كان يعيش في بوتان وأنجبت منه ولديها الكسندر وكيم وفي العام 1985 حصلت على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن وقد عادت إلى بورما العام 1988 لكي تعتني بأمها المريضة ولكنها فيما بعد قادت الحركة الديمقراطية في بورما ووضعت تحت الإقامة الجبرية في منزلها منذ العام 1989 لأنها شغلت منصب أمين عام الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية أهم أحزاب المعارضة في بورما.
حصلت على جائزة سخاروف لحرية الفكر سنة 1990 وجائزة نوبل للسلام سنة 1991 من أجل دعمها للنضال اللاعنفوي. وحصلت في العام 1992 على جائزة جواهر لال نهرو من الحكومة الهندية. كما حصلت على عدد من الجوائز العالمية في مجال حرية الفكر كما قرر مجلس الشيوخ الأمريكي بالإجماع منح ميدالية الكونجرس الذهبية وهي أرفع تكريم مدني في الولايات المتحدة لزعيمة المعارضة البورمية اونج سان سو تشي مصدقاً قراراً كان اتخذه مجلس النواب بهذا الخصوص.

عائلة سياسية

ولدت أون سان سو تشي في مدينة يانجون تسمى الآن بيانجون والدها هو أون سان مؤسس الجيش البورمي الحديث والذي تفاوض مع الجيش البريطاني ليحصل على استقلال بورما في العام 1947 تم اغتياله من قِبل منافسيه السياسيين في العام ذاته فنشأت بذلك أون سان برعاية والدتها وخين كيي وشقيقيها أون سان لين وأون سان أوو بمدينة رانجون. وقد توفي أخيها أون سان لين صغيراً - بالثامنة من عمره تحديداً - غرقاً ببحيرة المنزل. هاجر أخاها الأكبر أون سان أوو إلى سان دييجو كاليفرونيا بعد ذلك ليصبح بعد ذلك مواطناً أمريكياً. وبعد غرق أخيها الأصغر في منزلها انتقلت مع والدتها إلى منزل آخر فالتقت أون سان سو تشي بشخصيات من خلفيات جديدة وآراء سياسية ودينية مختلفة.

تلقت تعليمها بمدرسة الميثودية الثانوية الإنجليزية - تغير اسم المدرسة بعد ذلك إلى : مدرسة دانجون الأساسية - قضت بذلك معظم حياتها بموطنها بورما معتنقة الديانة البوذية ثيرافادا. اكتسبت والدة أون سان سو تشي، وخين كيي بعد فترة مكانتها المرموقة كشخصية سياسية في الحكومة البورمية الحديثة وعيّنت كسفيرة في الهند ونيبال سنة 1960 وكانت ابنتها أون ســـان سو تشي ترافقها بأسفارها ودرست في نيودلهي بمدرسة يسوع ومريم وتخرجت بعـــــد ذلك من كلية السيدة شيري رام بمرتبة الشرف في علوم السياسة العام 1964.
واصلت بعد ذلك دراستها الأكاديمية بكلية سانت هيو بأكسفورد وحصلت على شهادتها في فلسفة السياسة والاقتصاد العام 1969. ووفقاً لأحد زملائها فقد وقعت أون سان سو تشي بسنتها الثانية بجامعة أكسفورد بحب طالب باكستاني اسمه طارق حيدر إلا أن علاقتهما لم تدم طويلاً ولم تلاقِ استحساناً من قِبل عائلتها وأصدقائها أصلاً. وحصلت بعد ذلك أون سان سو تشي على درجة الدكتوراه من كلية الدراسات الشرقية والإفريقية من جامعة لندن العام 1985 وتم ترشيحها كزميلة فخرية العام 1990.

العمل

بعد التخرّج سكنت أون سان سو تشي بمدينة نيويورك مع صديق للعائلة هو ما ذان إيي والذي كان مغنياً شعبياً بورمياً. وعملت مع الأمم المتحدة كمسؤولة ميزانية لمدة ثلاث سنوات وكاتبة يومية للدكتور مايكل أريس والذي أصبح زوجها مستقبلاً وتحديداً في أواخر العام 1971 وكان باحثاً في الثقافة التبتية وتحديداً حول الساكنين خارج بوتان. ورزقت أون سان سو تشي بابنها الأول ألكسندر أريس في لندن بعامها التالي من الزواج 1972 وبابنها الثاني كيم أريس العام 1977.

وعملت بعدها لمدة سنتين في المعهد الهندي للدراسات المتقدمة في مدينة شيملا بالهند كما عملت أيضاً لصالح حكومة اتحاد بورما. وفي العام 1988 عادت أون سان سو تشي إلى بورما للمرة الأولى لمساندة والدتها المريضة وقتها وعادت بعدها مرة أخرى لمساندة الحركة الديمقراطية بالبلد. وكان لقاؤها الأخير بزوجها أريس في إجازة عيد الميلاد سنة 1995 فقد ظلت أون سان سو تشي في بورما ومنعتها الحكومة البورمية من لقاء زوجها برفض إعطائه أي تصريح لدخول البلاد. وفي العام 1997 تم تشخيص أريس وإبلاغه بإصابته بسرطان البروستاتا ورغم مناشدة شخصيات بارزة مثل الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان والبابا يوحنا بولس الثاني للحكومة البورمية بالسماح لأريس بدخول الأراضي البورمية إلا أن الحكومة البورمية رفضت مطالبهم بحجة أنها لا تريد تحمّل مسؤولية صحته وليس لديها مرافق صحية ممتازة قادرة على رعايته.

إقامة جبرية

وبدلاً من ذلك حثت الحكومة البورمية أون سان سو تشي لمغادرة البلاد لزيارته وكانت وقت ذاك تحت الإقامة الجبرية المؤقتة ولكن أون سان سو تشي لم ترغب بالخروج من الأراضي البورمية خوفاً من منعها من العودة بعد ذلك من قِبل المجلس العسكري. توفي زوج أون سان سو تشي، أريس عن عمر 53 وتحديداً في يوم 27 مارس من العام 1999. ومنذ سنة 1989 عندما وضعت زوجته أون سان سو تشي تحت إقامتها الجبرية لم يسمح له برؤيتها إلا خمس مرات فقط وكان آخرها في عيد الميلاد العام 1995 كما تم إبعادها عن أبنائها والذين يعيشون في المملكة المتحدة إلا أنه سمح لهم بزيارتها بعد ذلك في العام 2011 في بورما. وتم إطلاق أون سان سو تشي من إقامتها الجبرية بتاريخ 13 نوفمبر 2010.

عقب عودتها إلى بورما قام الجنرال ني وين زعيم الحزب الاشتراكي الحاكم في بورما بتقديم استقالته مما أدى إلى مظاهرات حاشدة تدعو إلى الديمقراطية في بورما قادتها اون في 8 أغسطس 1988 تعم قمعها بعنف ثم قادت نصف مليون مواطن في مظاهرة حاشدة في العاصمة في يوم 26 أغسطس 1988 وفي سبتمبر من العام نفسه وصلت قيادة عسكرية جديدة إلى الحكم في البلاد ومن ثم قامت اون بتأسيس حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية وأعلنت الأمين العام للحزب، وفي 20 يوليو 1989 تم وضعها تحت الإقامة الجبرية وتم عرض الإفراج عنها مقابل مغادرتها البلاد ولكنها رفضت.
وفي العام 1990 دعا المجلس العسكري الحاكم إلى انتخابات عامة في البلاد وقادت اون حزبها في الانتخابات لتحصل على أعلى الأصوات مما كان سيترتب عليه تعيينها في منصب رئيس الوزراء ولكن النخبة العسكرية رفضت تسليم مقاليد الحكم واستمرت في وضعها تحت الإقامة الجبرية.