وظائف تنتظر صنارة التعمين

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١١/ديسمبر/٢٠١٨ ٠٤:١٥ ص
وظائف تنتظر صنارة التعمين

محمد الراسبي

عندما يتكشف لنا أن هناك فرصاً وظيفية والتي ليست بالمستحيلة والتي يذكر عنها بأنه لا يستطيع شغرها مواطن أو القول إنه غير جاهز لفك شفرة تلك الوظائف المعرفة والمتحفظ عليها والتي للأسف لم نستطع التقاطها حتى الآن بصنارة التعمين وإحلالها. كثيرة هي الوظائف المتوفرة وليس مبالغة إن قلنا بالآلاف لكن محتاجة إلى قرار من كل الأطراف المعنية وعزيمة سواء هذه الوظائف تخصصية أو غير تخصصية.
هذا يوحي لنا أن مسار البوصلة التوظيفية ما زال ليس في الاتجاه المأمول كما أريد له أن يكون برغم كل الجهود وهذا واقع لا يختلف عليه اثنان، هذا لا ينفي الجهود المبذولة ولكن الحصيلة ما زالت غير مرضية البتة كما هو المؤشر العام. فلنأخذ القطاع المالي (على سبيل المثال) والذي يعتبر من القطاعات الأقل إحلالاً كما نراه أمامنا في كثير من الشركات الكبرى والذي يحتوي على مئات الوظائف وقس ذلك على بعض الوظائف الأخرى.
من الأسباب التي تذكر أحيانا في عدم إحلال بعض المهن وتلك الخطوط الوظيفية أن التخصصات والمخرجات لا تتماشى مع ما هو متوفر من وظائف كأحد الأسباب أو أن نسبة التعمين حققت أو أن العدد المستهدف اكتمل لتلك المؤسسة وهكذا.. السؤال الذي يطرح نفسه، على أي أساس كل هذه الأهداف تعتبر محققة (أي نسب التعمين) عندما تكون هناك وظائف محتاجه أصلا أن تعمن وهناك باحثون عن عمل وقادرون فعليا انتهاز هذه الفرص فعليا وليس صوريا!!
ان نوعية التوظيف هي الأهم وليس الكم لأن الكم لا يتوفر إلا في الوظائف الدنيا والتي يتم التركيز عليها كونها تحقق النسبة المشروطة للتعمين وبهذا تكون تلك المؤسسات بعيدة عن الأعين بينما ينفذ جلد الوظائف ذات الثقل المادي والاداري والمهاري والتي قد يكون دخل عدد 2 من هذه الوظائف الادارية والماهرة مثلا قد يساوي دخل 10 وظائف من (الغير ماهرة)، الرقم الثاني يحقق نسبة التعمين ونيل الرضى بينما الأول يحقق النوعية وهو الذي نطمح فيه والذي يجب التركيز والتعويل عليه في تحسين مستوى الوظائف بفتح المجال وإحلالها وتخفيف العبء عن من يستطيعون شغرها.
إذن هناك وظائف كثر لا يشغرها العماني نقب عنها وعرفت مكامنها ولكن لا تفتح صناديقها فهذه تجدها في كبرى الشركات ذات الدخل والربح الكبير مستمره عكس المؤسسات الصغيرة البسيطة والتي قد لا يتجاوز هامش ربحها الشهري (إن كانت رابحة) بين 500 الى 1500 ريال ويفرض عليها إيجاد وظائف وتعينات جديدة أو تحقيق نسبة حتى تجد نفسها رهن الديون والالتزام أو الإغلاق، إنه الهرم المقلوب.
كيف نريد أن تنفذ عملية إشغال مثل هذه الوظائف وفي بعض المؤسسات ذات المشاريع المليونية تضم بين جنباتها عدداً هائلاً من ذوي الدخل الجيد بل الجيد جداً في رواتبهم من الوظائف والإدارات المتوسطة وغيرها وهي وظائف سهلة التعامل معها وإجادتها ولا تحتاج الى عبقرية او سنوات خبرة او تخصص بذاته لإحلالها ولكنها تستخدم أعذار كحائط صد للمانعة في الاقتراب منها!.
نعلم أن هناك صعوبة في اختراق بعض المؤسسات لاستماتتها لحماية تلك الوظائف ومن يعملون بها لأن سلسة المسؤولين في تلك المؤسسة هم انفسهم من ذوي الممانعة يحجبوا إحلال الوظائف كل مرة ومن البديهي أن يصادر قرار التعمين أو تمييعه فلا نتوقع أن يكون هناك تعاون لأن سلسلة القرار تدور في فلك ذات أصحاب القرار بغض النظر عن من هم بل قد يوهموا (صاحب المؤسسة) ذاتها أن المواطن غير مؤهل وتعيينه لا يخدم المؤسسة لسبب أو لآخر.
كم من وظائف معقدة وصعبة بل لا يجيدها إلا قلة من العمانيين لا يتعدوا أصابع اليد على مستوى السلطنة والخليج بدأوا من الصفر وأجادوها وابدعوا فيها وكم من نماذج واقعيه حيث كان غير العماني هو المسيطر لعشرات السنين وبمجرد استبداله بمواطن تجد التغيير الجذري للأفضل سواء للموظفين أو للمؤسسة ذاتها بعد أن كانت الفرص ودائرة القرار مغلقة إلا لبني جنسه.

في كثير من الشركات الكبرى تجد هناك وافدا خدم شركته وهذا يشكر عليه ولكن يمضي به العمر حتى يصل سن التقاعد بل يمدد له أو تضعف صحته وانهك جسمه ويمشي على عكاز وهو في وظيفته وهناك من قضى نحبهم بعد طول سنين عملهم دليل عجز لأنه أصلا هذه مثل هذه الحالات لا تطور المؤسسة ولا تزيد من إنتاجيها كونها قابعه في ذات المكان دون تطوير نفسها. أننا لسنا ضد عمل الوافد البتة في الوقت الذي ليس هناك بديل أو أشخاص في قائمة الانتظار قادرين والهدف كله أن تضع الأمور في نصابها الصحيح قدر المستطاع.
لدينا قانون عمل يبين الحقوق والواجبات يحفظ لصاحب العمل حقه ومن يقصر في عمله ويخل بمسؤولياته سيأتي من هو افضل منه حينها تتوفر العدالة الاجتماعية وتوظيف المواطن ما هو إلا استبدال بوظائف قائمه بذات الميزات أوما يساوي لها لمن هو مستحقها حينها فليتنافس المتنافسون.
يجب معرفة المهام الوظيفية لكل وظيفة حينها سوف تساهم في معرفة مدى التمكن من هده الوظائف وبداية كسر حواجزها وتعمينها وإذا كان هناك من مختصين غير قادرين أو غير كشافين للشواغر وكيفية إحلالها فنرجو أن يفسحوا المجال لذوي الخبرات العمانية (ليس غيرها) بأن نأتي بمتطوعين أو حتى برسوم رمزيه لعقود مؤقتة والذين سبق وأن عملوا في في مثل هذه الوظائف والذي يعتبرها البعض مستعصيه لتقييم إمكانية إحلال هذه الوظائف والمساعدة بتقديم المشورة وأن يغذوا الوطن بكوادره.
إننا متأكدون أن هناك من سوف يتسابق لمثل هذه الخدمات وتنجز المهمة في وقت زمني دون أي ضرر وأن لا نكتفي بما يقدمه المسؤولون عن التوظيف في هذه الشركة أو تلك بأن نكون متلقين فقط دون التحليل الدقيق ومعالجة كل خط وظيفي بل كل وظيفه.
الثقة والتشجيع هما خطوتان مهمتان لإذابة كل عائق فقط كل ما علينا كسر الحاجز الوهمي وأن ننتقل إلى الواقعية وتحديد هدفنا وهو بأننا قادرون على بناء وطننا وقادرون على تنفيذ مسؤوليتنا وقادرون على تنمية مجتمعنا.