علي بن راشد المطاعني
البعض يقلل من قيمة وجدوى وأهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ويذكر إمعانا في التصغير بأنها تتركز في مشاريع (العسل والبخور) إلى غير ذلك، متناسيا حقيقة أن هذه المشاريع الصغيرة أو متناهية الصغر ستكون غدا وبحول الله وبآمال وطموحات أصحابها وبجهود الجهات المختصة وبهمة المجتمع الواعي تعانق عنان السماء شموخا، فكل الشركات الكبيرة وذات السمعة المرموقة محليا وإقليميا ودوليا كانت بداياتها مشابهة تماما لبدايات رواد الأعمال لدينا صغيرة حقا ومتناهية الصغر فعلا، وهذا ليس عيبا، فأي تاجر على وجه الأرض بدأ صغيرا ثم تدرج في شعاب النجاح إلى أن وصل للقمة، ولا ينبغي علينا بناء على تلك الحقائق أن نقلل من أي جهد شريف يبذل في ميادين الكفاح من أجل لقمة العيش الكريم، ففي مطلق الأحوال فإن هذا الجهد المتواضع اليوم يقي من شر وذل السؤال وفيه صيانة لكرامة الإنسان.
لقد سنحت لي الظروف بزيارة مقر شركة سامسونج الكورية الجنوبية العملاقة، واطلعنا في معرض الشركة على تاريخ بداياتها المتواضعة من متجر صغير كان يبيع الأرز والحمضيات وبعض المواد الغذائية بشكل بسيط للغاية، وصولا إلى ماهي عليه الآن من صيت وضخامة إذ نجدها اليوم تصدر 70% من صادرات كوريا الإلكترونية، و25% من مجمل صادراتها بشكل عام، وأن مبيعاتها اليوم تجاوزت حاجز الـ400 بليون دولار، وتتوقع أرباحا تزيد على الـ200 بليون دولار.
ونجد أيضا شركة آبل الأمريكية الشهيرة نشأت في جراج المنزل، وفيسبوك كانت بمثابة فكرة في مخيلة طالب جامعي، فإذا هي اليوم من أشهر مواقع التواصل الاجتماعي على مستوى العالم.
وحتى رجال الأعمال في السلطنة عندما نلتفت لبداياتهم نجدها كانت أقل حجما من تجارب رواد الأعمال اليوم، غير إنهم يذكرونها بفخر وشموخ كقصص تستحق أن يحتذى بها.
وفي سبيل الرد الموضوعي والعلمي على أولئك الذين يقللون من شأن تجارة العسل نقول بأنه وعلى ضوء المعلومات المتوفرة فإن حجم سوق العسل يبلغ 14 مليون ريال عُماني سنويا، فهل يرون هذه القيمة بالفعل قليلة، وكذلك سوق البخور ربما يزيد عن ذلك، فهل وبناء على هذه الإرهاصات نترك هذا الحقل ليذهب صيدا سهلا للأسواق الأخرى أو لأحضان القوى العاملة الوافدة.
ومع ذلك فهناك مبادرات رواد أعمال مبتكرة في العديد من المجالات سواء في إنتاج الفحم بتدوير النفايات أو تدوير الإطارات لصناعة مواد للملاعب الاصطناعية.
وفي مجالات الطاقة المتجددة نجد بعض رواد الأعمال دخلت منتجاتهم للأسواق المجاورة عبر إرادة لا تلين، وسيغدو النجاح حليفهم بإذن الله ما بقي الطموح في قمة عنفوانه.
نأمل صادقين أن لا نصم إخواننا رواد الأعمال بتلك الأوصاف المثبطة للهمة، فهم بحاجة ماسة لدعمنا ومؤازرتنا وليس العكس بأي حال من الأحوال.