مسقط - ش
تشهد الأسواق بين فترة وأخرى استخدام طرق احتيالية متنوعة وجديدة حيث يقوم بعض المزودين باتخاذ الحيل بهدف الحصول على الكسب السريع دون مراعاة لحرمة دين أو انتهاك قانون أو صحة مجتمع، الأمر الذي قد يتسبب في خلخلة صحة المجتمع على المدى البعيد ويسهم في تبذير الأموال على سلع ومنتجات مآلها إلى الضياع، كما قد يتسبب في انتشار سلوكيات استهلاكية خاطئة، لذا تأتي الضبطيات التي تقوم بها الهيئة العامة لحماية المستهلك لتحقق جملة من الفوائد للأفراد بشكل خاص والمجتمع بشكل عام، وهو ما سنتعرف عليه عبر صفحة "المستهلك" لهذا الأسبوع بآراء من عدد من المختصين والمزودين ومستهلكين.
تواريخ الإنتاج
في البداية يقول زياد بن عبدالله المسلمي -مستهلك- بأن الهيئة العامة لحماية المستهلك تحميهم من الغش الذي يحصل في تواريخ الإنتاج والانتهاء من خلال الضبطيات التي تقوم بها، كما أنها تحميهم من المضار والأمراض التي قد يسببها الغش، مضيفاً بأنهم يفخرون كثيرًا حين يشاهدون هذه الضبطيات في التلفاز أو الصحف، حيث يشعرون بأن هناك جهة تقف معهم كمستهلكين ضد الجشع والغش والفساد التجاري.
وشخصيًا يرى أن هذه الضبطيات ترفع نسبة الوعي لدى المستهلكين، وتجعلهم يركّزون ويتأكدون من تواريخ صلاحية السلع، وفي حال ملاحظتهم أو اكتشافهم غشًا تجاريًا يرجعون للهيئة للمساعدة على استرجاع حقوقهم، لأن المستهلكين أصبحوا يثقون فيها دائمًا.
ويتمنى المسلمي من الإعلام العماني أن يواكب أكثر هذه الضبطيات ويسهم في نشرها، لما تبثه من وعي لدى المستهلكين، ولما لها من أثر إيجابي حيث تكون عبرة لكل من تطاوعه نفسه لممارسة الغش والفساد التجاري داخل السلطنة.
الشعور بالاطمئنان
ويؤكد أحمد بن عبد الله الرحبي -مستهلك- بأن الهيئة قامت بدورها على أكمل وجه وسعت بكل الطرق للحد من الغش والظواهر السيئة في المجتمع، قائلا: إن الهيئة تكشف من خلال الضبطيات التي تقوم بها عن الكثير من الأشياء التي تغيب عن المستهلكين، على سبيل المثال قضية الأرز الفاسد وقضية قطع الغيار المقلدة التي تابعتها بنفسي من وسائل الإعلام المختلفة، وهو شيء يشعرني بالاطمئنان، وفي كل مرة تكشف الهيئة عن ضبطية جديدة يكون الخبر حديث الناس ويتبادلون بينهم المعلومات والتفاصيل ويحث بعضهم البعض على التركيز عند شراء أي سلعة أو منتج.
ويرى الرحبي بأن المستهلك يُعدّ المستفيد الأول من هذه الضبطيات كون الهيئة تساعده في الحفاظ على صحته وأمنه الغذائي وتمكّنه من التسوق بشكل آمن وسلس، كما أن الضبطيات تقف عثرة أمام ضعفاء النفوس من التجار ، الذين لا يخافون ربهم، ولا يجعلون مصلحة الناس أمامهم، بل يخالفون القانون الذي يفترض أن يكون شيئاً مقدساً ورادّعاً لهم، لكن الهيئة تكون لهم كالسد المنيع لمصلحة المستهلكين.
ويوجه الرحبي كل الشكر والتقدير إلى الهيئة وإلى موظفيها وكوادرها في مختلف محافظات السلطنة على جهودهم المستمرة والضبطيات التي يقومون بها كل مرة، مؤكدا بأن المستهلك يكنّ لهم الاحترام والتقدير والثناء.
حائط للغش
ويشارك المستهلك محمد بن سيف العامري برأيه في هذا الموضوع قائلا: رغم أننا نعيش في عصر التطور الذي تتغير فيه السلع وتتنوع بشكل كبير ويصاحبها في ذلك ابتكار طرق وحيل جديدة للغش والتلاعب إلا أن الهيئة العامة لحماية المستهلك تقف حائطًا أمام جشع التجار وضبط التلاعب بوضع الضبطيات والإجراءات اللازمة لتحفظ حقوق المستهلك الذي يستفيد من خلال هذه الضبطيات سواء من خلال استبدال السلعة بأخرى جديدة أو حتى باسترجاع ثمنها إذا كان فيها عيبٌ، أو إنه يتحذر من شرائها.
ويرى العامري بأن الضبطيات التي تقوم بها الهيئة تلامس حياة المستهلكين بشكل مباشر وغير مباشر، وتجعلهم يفخرون بهذه الجهة الحكومية التي يكون همها الأول هو المستهلك، فتسعى بكل طاقمها إلى الوقوف معه عندما يتعرض لأي سوء استغلال من قبل التجار والمؤسسات التجارية المختلفة. مؤكداً بأن ضبطيات الهيئة تزرع الثقة في السوق سواء للمستهلكين والتجار ومزودي الخدمات.
مراقبة حثيثة
أما أحمد بن علي أمبوسعيدي وهو تاجر وصاحب محل لبيع الملابس والأدوات الرياضية فيقول إن الضبطيات تعمل على نزع فتيل التجاوزات بأشكالها المختلفة، والتي يتمحور أغلبها حول جشع التجار، فهي تتابع بشكل دوري المحلات والشركات للحد من ارتفاع الأسعار، وحماية المستهلك من كل ما من شأنه المساس بحياته الاقتصادية اللصيقة بالتعاملات التجارية بين الفرد والشركات، بالإضافة إلى التوعية المستمرة للمستهلكين بحقوقهم. وبلا شك أن الضبطيات تسهم في الحد من التجاوزات غير المبررة، وغير المسؤولة من قبل بعض المحلات والشركات، كما أنها تسهم في الحد من ظواهر كثيرة منها الغش التجاري، ومنع كثير من الثقافات الدخيلة بالمرور من خلالها كمنع بيع الملابس التي تحمل بعض الشعارات الممنوعة شرعًا وقانونًا، فهي أيضا تحمي ثقافة مجتمعنا، ومنع الاستغلال للمستهلك، وغير ذلك كثير.
ويرجو أحمد من الهيئة الاستمرار في توعية المستهلك وتعريفه بحقوقه، مع الاستمرار في مراقبة السوق والتشديد على مسألة عدم رفع الأسعار على المستهلك، وبيان مدى أهمية مراجعة المستهلك للهيئة متى ما شعر بوجود غش وقع عليه أو انتهاك لحق من حقوقه أو سلبه عنه.
حالة صحية
ويؤكد داوود بن زهران الإسحاقي صاحب محل فضيات في سوق نزوى على أن الضبطيات التي تقوم بها الهيئة العامة لحماية المستهلك حالة صحية، خصوصًا أنها تسعى جاهدة إلى كشف التلاعبات التي يقوم بها بعض التجار وهم غالبا من الوافدين، فهذه الضبطيات تسهم كثيرًا في الحد من الغش التجاري، ومن خلال معرفتي بالسوق وحيثياته فإن أغلب التجار العُمانيين حريصون على عدم الوقوع في المحظور حتى من باب الشك، وهم ملتزمون بالقوانين والأنظمة ، ليس تطبيقاً للقوانين فحسب، بل لحرصهم على سلامة المواطنين والمقيمين وعلى سمعة السوق العماني والتاجر العماني أيضاً، لذا أرى أن هذه الضبطيات تسهم في تطبيق القانون وتنشر الكثير من الوعي لدى التجار والمستهلكين كافة.
وأضاف الإسحاقي إن ما نتمناه من الهيئة العامة لحماية المستهلك الضرب بيد من حديد على من تسول له نفسه تجاوز حدود الأخلاق التجارية، ولأنني تاجر لا أسمح بأن يُسهم أي تاجر آخر في جلب الضرر للسوق وللمستهلكين، وأتمنى من الهيئة التشديد على المحلات التجارية والشركات التي يديرها الوافدون، لأنه من خلال الضبطيات التي تحصل ومن خلال معرفتنا بالسوق فإن أغلب حالات الفساد والغش تأتي من العمالة الوافدة في بعض القطاعات مثل المطاعم والمواد الغذائية وهذه الأمور لا تخفى على أي مواطن ومقيم، خصوصًا وأن التاجر العُماني أثبت جدارته وحرصه في تقديم السلع بشكل قانوني.
دور الهيئة
يقول حمد بن عدي البرواني مدير عام الدراسات والتطوير بالهيئة بأن الضبطيات التي تقوم بها الهيئة جاءت ضمن جهودها في حماية المستهلكين مما قد يلحق الضرر بهم صحياً أو مادياً في المقام الأول، فهي تكشف الغش وتمنعه من الوصول إليهم، كما أنها من خلال تعريف المستهلكين بهذه الضبطيات تسعى لزرع ثقافة الانتباه فيهم وبالتالي التأكد من السلع والمنتجات التي يشترونها، وضرورة تفعيل المراقبة الذاتية عندما يذهبون إلى الأسواق.
ويشير البرواني إلى أن إجمالي السلع المضبوطة منذ العام 2012 وحتى نهاية شهر سبتمبر من العام الجاري 2018م بلغ 5754342 مليون سلعة تركز أغلبها في قطاع المواد الغذائية وهو أمر يؤكد بأن موظفي الهيئة بالمرصاد لكل من تسول له نفسه الغش والاحتيال حتى بالطرق التي قد يتوقع بأنها لن تنكشف.
ويؤكد البرواني على المزودين بضرورة الالتزام بقانون حماية المستهلك وعدم مخالفته تجنبًا للمساءلات القانونية التي قد يتعرضون لها، والعمل يداً بيد مع الهيئة والمستهلكين لجعل السوق خاليًا من التجاوزات والتلاعبات بشكل يضمن حقوق الجميع، كما ينصح المستهلكين بالإسهام مع جهود الهيئة وتفعيل الرقابة الذاتية والإبلاغ عن كل ما يشكون بأنه مُخالف للقانون.
ونلامس في واقعنا الجهود المقدرة من "حماية المستهلك" من أجل ترسيم الواقع بالعديد من الجوانب التي تعزز من دورها وتحصين المجتمع من المغبات والمخالفات التي تصدر من المخالفين ودون مراعاة لحياة المجتمع وبث السموم الذي يتكسبون منها حفنة من المال وهذا على "حساب المستهلك" الذي يكون الضحية.
فالمساعي التي تقوم بها حماية المستهلك وتعزز من دورها في مجال الضبطية القضائية والتي تكون المحور الهام الذي يعكس الجهود المبذولة والأهداف المنشودة من وجودها تضفي إلى الواقع الكثير من الجوانب الإيجابية بحيث نلامس دورها ولا يمكن أن ننكر ما قامت به من اكتشافات حيث أظهرت ما يخبو على أرض الواقع من ممارسة غير مقبولة ولا مرضية للجميع وإنما من قبل المخالفين الذين يتسترون على إجرامهم تحت طائلة مكاسبهم المادية..
فالهيئة أثبتت للواقع حجم المخالفات التي كانت غير ظاهرة وغير علانية تتغطى خلف الكواليس ويعمل من تسول له نفسه غش المستهلك دون ضمير فعلينا كمجتمع أن ندرك حقيقة ما يتم كشفه من ملابسات لقضايا عديدة أسهمت في إنجاح دورها الضبطي ولاحقت المخالفين قانونياً وقضائياً فالجهود لا يمكن أن ننكرها وإنما يجب أن تكثف الحملات التفتيشية في ظل الممارسات والتجاوزات التي تحصل وعلى المجتمع أن يعي الدور الملقى على عاتقه في التواصل مع الهيئة للإبلاغ عن المخالفين لإيجاد بيئة آمنة خالية من براثن السموم التي يقدمها المخالفون.