البيع لن يكون على الورق

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٨/نوفمبر/٢٠١٨ ٠٤:٥٨ ص
البيع لن يكون على الورق

علي بن راشد المطاعني

كتبت كثيرا حول بيع العقارات على الورق في السلطنة وما صاحب ذلك من حالات النصب التي تتم عبر البيع الوهمي للشقق السكنية، وعرضت حالات لأحلام كانت وردية ما لبثت أن تحولت لآلام وكوابيس، وسينتظر أصحابها لسنوات طوال في انتظار الحصول على الحقوق الضائعة خلف بحور السراب، وأن عليهم ارتياد ساحات القضاء وبانتظام في سبيل إحقاق حق لهم سليب.

كهذه الممارسات ألحقت ضررا كبيرا بالقطاع العقاري وبسمعته، هنا جاء المرسوم السلطاني السامي رقم: 30/2018، بإصدار نظام الضمان لمشروعات التطوير العقاري، ليضع حدا لهذه الآلام والقضايا والمشكلات التي أصابت القطاع العقاري في مقتل، وبإصدار المرسوم الذي سينظم السوق وشركات التطوير العقاري ويحد من البيع الوهمي ويلزم المطورين بالتقيد بالمدة وتسليم المشاريع في الموعد المحدد في العقود، وعدم الغش ويتيح للشركات أن تمارس أعمالها تحت رقابة وزارة الإسكان بالنسبة لمشاريع التطوير العقاري والمشاريع السياحية، الأمر الذي ينهي الكثير من المشكلات في إدارة البيع للشقق ويعالج الاختلالات التي أفرزتها الممارسات الخاطئة.

بلا شك أن حساب الضمان لمشاريع التطوير العقاري يمثل خطوة مهمة لتعزيز الثقة في القطاع العقاري في السلطنة وتنظيمه بشكل أفضل من خلال وضع المبالغ المراد دفعها للمطورين العقاريين في حسابات خاصة للمباني المراد شراؤها، وذلك لضمان عدم صرف المطورين للمبالغ في جوانب أخرى ليس لها علاقة بالمشاريع المراد بيعها للعامة، وبذلك فإن هذا النظام سيوفر الحماية اللازمة للمشترين وبشكل يتوافق مع مراحل البناء في المباني المعروضة للبيع بنظام التمليك.
فعلى الرغم من تأخر هذا النظام أكثر من اللازم، وقد انعكس التأخير سلبا على السوق العقاري وما اكتنفه من عدم التطوير من قبل بعض المتلاعبين بأموال المشترين لوحدات سكنية على الخريطة أو على الورق، إلا أن صدوره يعد أفضل ضمانة لاستقرار السوق العقاري، وسيحد من إنشاء أي مشروع إلا من خلال مطورين عقاريين مسجلين لدى وزارة الإسكان وعدم استخدام أموال المشترين إلا في بناء المشروع المزمع تمليكه وبالتالي سيسهم في تمتع السوق بالاستقرار ويعزز من ثقة المستثمرين ويجذب أعداداً أكبر من الراغبين في شراء الشقق السكنية.
وقد شدد النظام على المطورين العقاريين بإيداع المبالغ في حسابات مصرفية في البنوك والسحب من هذه الحسابات وفق ما يتم إنجاره من مراحل المشروعات من خلال شهادات معاملة من استشاري ووفق آليات دقيقة، وعدم الإعلان والترويج لبيع الوحدات العقارية ما لم يحصل المطور على ترخيص من الجهة المختصة وفرض عقوبات صارمة على المخالفين تصل للسجن ثلاث سنوات وغرامات مالية تصل حتى 100.000 ريال.
غير أن المسؤولية لا تقع على الجهات المنظمة والمطورين العقاريين فحسب، بل أيضا على المواطنين إزاء اختيارهم للشركات التي لها سمعة طيبة في السوق وتحري الاختيار الدقيق للمطور الملتزم لضمان عدم التلاعب، كذلك الحصول على معلومات كافية عن المستثمر والوحدات السكنية قبل إبرام عقود الشراء وتأكيد الحصول على العقار في الوقت المناسب.
نأمل أن يعمل نظام الضمان على تعزيز الثقة في السوق العقاري وتنظيمه بشكل أفضل مما هو عليه ومن بعد الالتزام بأحكام النظام والقانون.