اقتصادنا والخدمات الإلكترونية

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٧/نوفمبر/٢٠١٨ ٠٢:٢١ ص
اقتصادنا والخدمات الإلكترونية

محمد الراسبي

إن الإعلان عن جائزة مولانا السلطان قابوس للإجادة في الخدمات الحكومية الإلكترونية للمؤسسات الحكومية وفئة القطاع الخاص والمتوسطة والصغيرة أنشئت لتواكب عصر السرعة والتقدم التكنولوجي والحلول الذكية بهدف تسريع الخدمات وتحقيق أفضل إنجاز والوصول إلى حيث ما انتهى الآخرون، ولكن ما نلمسه أن كثيراً من الوزارات والمؤسسات ما زالت بعيدة عن التنافسية وخدماتها غير مرضية البتة وإن دخلت التنافسية تدخل بخجل ولا تلبي حاجة الوطن والمواطن أو المقيم، بل حتى إن الإنجاز الداخلي والخدمات البينية بين الموظفين ذاتهم قد لا تتعدى البريد الإلكتروني أو قد تكون خدمات وتطبيقات بسيطة لا تتعدى سور الوزارة ذاتها؛ مما ينتج عن ذلك عدم التقدم خطوة سواء بنية أو بحسن نية مما يجعل تلك المؤسسة أو الوزارة تتذيل القائمة ويضعف إنتاجها مقارنة مع غيرها من الوزارات والتي سعت لأن تواكب ما يجب عليها أن تواكبه وإن كانت إنجازاتها ما زالت في غير الطموح بغض النظر عما وصلت إليه وإن كانت في النهاية تعتبر محاولات تحسب وجهداً تشكر عليه هيئة تقنية المعلومات.

إن مؤسسات مثل هذه تؤثر على اقتصاد الدولة سلبا بشكل مباشر أو غير مباشر، كما تؤثر على الاستثمار المحلي والخارجي كون أن إنهاء المعاملات مثلاً جزء لا يتجزأ من المنظومة الاستثمارية وإحدى حلقاتها الأساسية والتي إذا فُقدت تفقد معها الفرص وتتحوّل إلى إضاعة الوقت بالإبقاء على الخدمات التقليدية بدل أن تكون إلكترونية متقدمة 100 % أو حتى 50% آخذين في الاعتبار أن هذه المؤسسات هي من تقدم الخدمة سواء للمواطن أو المقيم أو للقطاع الخاص وأن استلامها وتسليمها لأي حزمة خدمية يجب أن يكون مقترناً بالوضوح وسلاسة القنوات الاعتمادية وتسليم كل خدمة في وقت زمني يُحدد لها مسبقاً ويُعاقب أو يُشعر من يتسبب في تأخيره سرعة الإنجاز من مبدأ الالتزام والمصداقية.

متى ما رأينا أن المؤسسات الحكومية وخاصة الخدمية منها تتعامل مع المراجعين بأنهم زبائن مهمون كأهمية الزبائن بالنسبة لشركات القطاع الخاص والتي تتنافس في تقديم الخدمات وتطوير منظوماتها الخدمية بهدف كسب رضا زبائنها حينها سندرك بأننا في الطريق الصحيح لإستراتيجية الحكومة الذكية، إذ إن من يقيم تلك الخدمة المقدمة الزبون كأحد المحكمين وليس مقدم الخدمة كون الزبون هو من يشعر بمدى التطور في هكذا خدمات وليس العكس.

كثيرا ما نخسر إيرادات بملايين الريالات بسبب تأخر تسليم الخدمات في الوقت، فضلاً عن أن وقت المراجع ذو قيمة عالية فأصبح يضيع بين ردهات المراجعات المتكرر والجلوس في كرسي الانتظار الساخن لعمل روتيني والذي بدوره يحرق الوقت والمال في الوقت الذي يتسابق فيه الآخرون في توفير الوقت وتحويله إلى رأس مال يستثمر لشيء آخر يخدم الوطن سواء لمقدم الخدمة أو المستفيد منها.
إذن الحكومة الإلكترونية أو e-government والمستهدفة في ظل دائرة من دوائر الحكومة عليها أن تسعى جاهدة لتنفيذ قدر ما تستطيع من التطبيقات لكي تعتمد على التقنيات الحديثة في شتى المجالات سواء اتصالات أو مواصلات أو مشافٍ أو شرطة وألا تكتفي فقط بالإجراءات الإدارية الداخلية بينها كمؤسسات حكومية بل يجب أن تحوّل تلك التطبيقات إلى الخدمات العامة الإلكترونية والتي تخدم أكبر شريحة ممكنة من المراجعين والمستفيدين من أي خدمة تقدمها هذه المؤسسة الحكومية أو تلك وكذلك الخدمات التي تربط الحكومة بمؤسسات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني وكل ما يتعلق بتعاملاته مع الحكومة.
نرجو وكما تتم الإشادة بمن هم اجتهدوا في هذا المجال وتحقيق إنجاز ما يجب إبراز كذلك من هم مقصرون وفي ذيل القائمة أو المؤسسات غير المكترثة بما يجول حولها لأنها لا محالة ستحس بالمسؤولية وتلحق بالركب أو على الأقل ستحس بالمسؤولية وتبدأ بنقر المؤشر الإلكتروني كبداية للبدء بجدية.
ينبغي أن يكون في قمة هرم كل وزارة ومؤسسة حكومية مسؤول من أولوياته القيام بتوجيه فريق العمل المختص بوضع خريطة واضحة المعالم كركيزة مربوطة بخطة إنجازات محددة الزمن بهدف التسريع بوتيرة الخدمات الإلكترونية التنافسية مقرونة بالجودة العالية، وبأن تكون مكملة للمؤسسات الأخرى سواء في السلطنة أو خارجها للمواطن أو المقيم بهدف تنوع وتعدد نوافذ الخدمات الإلكترونية، حينها ستختفي أو تقلص ظاهرة الانتظار الزمني في جميع نقاط الخدمات المقدمة في مناطق السلطنة وأن نحاكي الواقع إلكترونيا لا تقليدا والتفرغ لما بعده من إنجازات في ذات الشأن على المستوى الإقليمي والدولي آخذين في الاعتبار أن الوقت مهم للجميع وليس فقط لمقدم الخدمة فعلينا استغلاله للنهوض باقتصادنا كون التقدم تكنولوجيا أحد الروافد الأساسية لبناء اقتصاد.
حتما سيكون المردود منعشا لاقتصاد سلطنتنا بشكل مباشر حيث إن لكل خدمة تقدم تقابلها إجابيات وهناك فوائد جمة لا يسع المجال لذكرها بتسريع وتيرة العمل والإنجازات حيث إن التقدم التكنولوجي لكل دولة يعكس صورة تلك الدولة ومدى تطورها وبناء الثقة بين جميع المستفيدين وبأننا دولة عصرية نواكب ما يجب علينا أن نواكبه ما دام في زمن تتحدث فيه لغة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والذي أصبح لا مفر منه وأي هروب أو تأخر سيعتبر في مقبل الأيام تخلفا وإضرارا بالاقتصاد ونموه.