صناعة النفط والغاز.. تعجل تحولات الطاقة

مؤشر الثلاثاء ٢٧/نوفمبر/٢٠١٨ ٠٢:٠١ ص

مسقط -

تعتبر السلطنة أكبر دولة في الشرق الأوسط منتجة للنفط من خارج دول منظمة أوبك، وتلعب صناعة النفط والغاز في السلطنة دوراً محورياً في التعجيل بالخطوات التي تقوم بها السلطنة في سبيل الوصول إلى تنوع موارد الاقتصاد باستخدام كافة أشكال الطاقة المستقبلية ومن ضمنها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ويرجع هذا الدور إلى الخبرة التي يتمتع بها قطاع النفط والغاز العُماني، من حيث تحقيق التكامل وتعظيم برنامج القيمة المحلية المُضافة.

ومن هذا المنطلق سيلتقي في منتدى عُمان السنوي للطاقة 200 من كبار المسؤولين والمدراء التنفيذيين الذين يتولون مهمة قيادة قطاع صناعة الطاقة في السلطنة، وذلك لمناقشة التحديات وكذلك تقييم الفرص المُتاحة من أجل تطبيق مسيرة تحولات الطاقة لتساهم في مزيد من استدامة مجهودات النمو الاقتصادي والاجتماعي في السلطنة.

عناصر تحولات الطاقة

وسيؤخذ بعين الاعتبار العديد من عناصر تحولات الطاقة، ومن ضمنها القيم الحالية لسلسلة التوريدات الحالية المعلقة بموارد الطاقة التقليدية، وكذلك الأخذ بالحسبان عناصر تأمين توفر التوريدات وتأكيد الاعتماد عليها واستدامتها وذلك بحسب تنوع اهتمامات المجموعات المختلفة من أصحاب المصالح المشتركة في مسيرة تحولات الطاقة. وتتطلب هذه الاعتبارات وجود هياكل إدارية سهلة ومتناسقة مع الأهداف المرجوة، علاوة على توفر مزيج متوازن من موارد الطاقة، واعتماد معايير اقتصادية واضحة تخص تطبيق كل منها.
وتعليقاً على انعقاد منتدى عُمان للطاقة في هذه الظروف أعرب راؤول ريستوتشي المدير التنفيذي لشركة تنمية نفط عُمان عن تفاؤله قائلاً: «لدى السلطنة فرصة رائعة من أجل تطوير مواردها وقدراتها في مجال الطاقات المتجددة وذلك بفضل توفر العناصر الثلاثة: المواطنون والاعتبارات المناخية والخبرات الممتدة في هذا المجال. ويتطلب نجاح تحولات الطاقة في السلطنة وجود البيئة المناسبة لتحقيق هذه التحولات».
ويوضح ذلك بقوله: «إن مثل هذه البيئة تشكل توفر الحوكمة الملائمة وتطوير القدرات والمهارات الوطنية وبناء شبكة سلسلة القيمة المحلية وتنفيذ البنية التحتية المناسبة علاوة على توفر الإرادة والعزيمة من أجل الوصول إلى الازدهار والنمو المُستدام» ويؤكد راؤول ريستوتشي على أهمية مشاركة جميع الأطراف بقوله «ينبغي على جميع أصحاب المصالح المشتركة في قطاع الطاقة في سلطنة عُمان أن يتعاونوا في كافة هذه القطاعات وتقديم مساهماتهم لتحقيق البيئة الملائمة من أجل الوصول للأهداف المشركة».

السطوع الشمسي

وتجـــدر الإشارة إلـــى أن السلطنة تتمتع بواحدة من أعلى مستويات شـــدة السطوع الشمسي في العالم، وقد اتخذت بالفعل خطوات كبيرة وهامة نحو إستراتيجية تحولات الطاقة سعياً للوصول إلى هدفها بتوليد 10 % من إجمالي الطاقة في عام 2025 باستخدام الموارد المتجددة.
وتشترك جميع دول منطقة الخليج في الحاجة الماسة والعاجلة من أجل تبني استراتيجيات تحولات الطاقة وذلك بالنظر إلى ما تشهده من تسارع في نمو استهلاك الطاقة والذي يتم بمعدل سنوي مستمر يبلغ 8 % منذ عام 1972، مقارنة بمعدلات النمو العالمية البالغة 2%. كما أن أربع من دول مجلس التعاون الخليجي الست (وتحديدا الكويت وقطر والسعودية والإمارات) تمثل أقل من 1 % من سكان العالم في حين تستهلك أكثر من 5 % من الاستهلاك العالمي للنفط.

المنتج الوطني

وعلى صعيد آخر تلتزم الشركات الكبرى مثل تنمية نفط عُمان وشِل وأوكسيدنتال وأوكسي ونظيراتها من شركات النفط والغاز في السلطنة، منذ عدة عقود بسياسة تعظيم قيمة المنتج الوطني وشراء المنتجات والخدمات المحلية من خلال برنامج القيمة المحلية المُضافة وكذلك السعي لتطوير وبناء قدرات المواطنين والشركات العُمانية لتحقيق مزايا تجارية واقتصادية مُستدامة في السلطنة.
وفي هذا السياق فقد منحت شركة تنمية نفط عُمان في عام 2017 عقوداً تزيد قيمتها عن 5,19 بليون (مليار) دولار أمريكي لشركات مسجلة محلياً، وتستخدم الشركة مجموعة من المبادرات واسعة النطاق من أجل دعم قطاع الأعمال في سلطنة عُمان من ضمنها المساندة التقنية والفنية وتوصيف توريدات الخدمات والمواد المصنعة محلياً أو المتوفرة من قبل الموردين المحليين، وتأسيس مرافق في سلطنة عُمان للقيام بخدمات الصيانة وتقديم الخدمات الهندسية وغيرها من منشآت التصنيع المحلية.

خطة للطاقة 2040

تمكنت السلطنة من استخدام عائدات النفط في تحقيق تنمية قوية خلال السنوات الأخيرة، إلا أن النمو الاقتصادي والزيادة السكانية التي تشهدها السلطنة تهدد بسحب هذه المكتسبات وتجريدها من قيمتها الأمر، الذي يخلق معضلة تتمثل في تحقيق السبيل الأفضل ما بين تنويع مزيج الطاقة والحفاظ على أمن الطاقة وهل من الممكن تحقيق هذين الهدفين دون الحاجة لتحرير الاقتصاد.
لا شك في أن السلطنة تواجه تحديات كبيرة في قطاع الطاقة خلال العقود المقبلة مع استمرار تناقص الموارد الهيدروكربونية التقليدية (الأحفورية) وفي الوقت نفسه الاستمرار في النمو السكاني السريع من الأجيال الجديدة. ومن المحتم أن هذه الجدلية سوف تضع المسؤولين في موقف لا يحسدون عليه فيما يتعلق بتحقيق قدرة الاقتصاد على الصمود على المدى الطويل وعلى أفضل الاستراتيجيات وموارد الطاقة الأنسب لتحقيق الاحتياجات ودفع عجلة النمو الاقتصادي.