الحرب على الإرهاب

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٤/نوفمبر/٢٠١٨ ٠٤:٣٧ ص

ستيفن تانكل
تريشيا بيكون

ينتظر مجتمع السياسات في الولايات المتحدة إصدار الوثيقة المحدّثة من قبل إدارة ترامب حول الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب. وإذا استرشدنا بالماضي كمؤشر، سنجد أنّ هذه الوثيقة ستحوّل عبء عمليات مكافحة الإرهاب إلى شركاء الولايات المتحدة، الأمر الذي سيتطلب تنسيقاً أكثر كثافة مع تلك الدول. ومن الممكن أن يتخذ هذا التعاون أربعة أشكال.

الشكل الأول هو عمليات مكافحة الإرهاب تقوم بها الدول الشريكة، وتشمل الجهود المحلية لإنفاذ القانون، والعمليات العسكرية لاستعادة الأراضي و/‏أو العمليات المالية لتدمير البنية التحتية للإرهاب. وقد يكون التأثير على هذه العمليات صعباً للغاية بالنسبة لواشنطن، لأنها تعتمد في كثير من الأحيان على العلاقة بين الدولة الشريكة والجماعة الإرهابية موضع البحث. فإذا كانت تلك العلاقة عدائيةً، فمن المحتمل أن تقوم الحكومة بعمليات مكافحة الإرهاب بمبادرتها الخاصة. ولكن، إذا كانت العلاقة تعاونيةً فلن يكون أمام الولايات المتحدة ما يمكن فعله للتأثير على تلك الحكومة ودفعها لاتخاذ إجراءات ضد الجماعة.

والشكل الثاني هو التعاون التكتيكي مع الولايات المتحدة، مثل تبادل المعلومات الاستخبارية والسماح بدخول المجال الجوي والقواعد العسكرية. وتعتمد هذه القضايا على العلاقات الثنائية أكثر من غيرها، كما أن للكفاءة السياسية للإدارة الأمريكية تأثير أكبر.
والشكل الثالث هو الحصول على مساعدة من دول أخرى، مثل الانضمام إلى ائتلافات أو طلب دعم دبلوماسي للتفاوض مع جماعات مختلفة. أمّا الشكل الرابع فهو مواجهة التطرف العنيف، الذي هو ذو أهمية بالغة ولكنه في غاية الصعوبة. فالدول تكون أكثر استعداداً لإطلاق مبادرات خاصة بمكافحة التطرف العنيف مثل وجهات النظر المضادة واجتثاث التطرف عندما تدرك وجود تهديد. لكنها نادراً ما توافق على تنفيذ المبادرات ذات الصلة بمكافحة التطرف العنيف مثل الإصلاحات الاقتصادية وتحسين سيادة القانون، وخاصة في الشرق الأوسط.
لذلك تحتاج الولايات المتحدة إلى قضاء المزيد من الوقت في تحليل ما يمكن أن تتوقعه من شركائها في مكافحة الإرهاب. ولأسباب مفهومة، حاول صنّاع القرار التقليل من شأن عمليات مكافحة الإرهاب لصالح منافسة القوى العظمى، مما يجعل المشاركة الفعالة في الأعباء أكثر أهمية.

وكلما ظهرت شائعات بأن جماعتين جهاديتين قد تشكلان تحالفاً أو تنفصلان، يميل المحللون في مجال مكافحة الإرهاب إلى التركيز على أوجه التشابه أو الاختلاف بين أيديولوجياتهما وأولوياتهما واستراتيجياتهما. ومع ذلك، لا تشكل هذه السمات مؤشرات جيدة حول ما إذا كانت التحالفات ستقوم أو تنحل بالفعل.

ويمكن التنبؤ بالتنسيقات بين الجماعات الإرهابية بشكل أفضل من خلال وجود تنافس بينها أو انعدامه، وتحديداً التنافس على الموارد، أو العناصر المؤيدة، أو الأراضي. وحتى إذا اشتركت جماعتان في القضية الجهادية نفسها بمعناها الواسع، فإن التنافس يمكن أن يجعل إحدى الجماعتين ترى مكاسب الجماعة الأخرى كخسارة. ولا تتوقف الجماعتان فجأةً عن التصرف بتنافسية عندما تشكّلان تحالفات - بل غالباً ما تكون هذه العلاقات مؤقتةً، ومحدودة النطاق، ومدفوعةً بالسياسة الواقعية، وتتسم بالسلوك العدائي، إذ لا تريد أي من الجماعتين أن تكون في موقفٍ ضعيف عندما ينهار التحالف.
وفي المقابل، تميل التحالفات بين الجماعات غير المتنافسة إلى أن تكون أقوى وأكثر تكاملاً. وعادة ما يحدث ذلك عندما تتشارك الجماعات قضيةً أوسع نطاقاً، ولكنها تعمل في بيئات ضيقة مختلفة، مما لا يوفر لها سبباً قوياً للخوف من بعضها البعض. ونتيجة لذلك، غالباً ما ترى مكاسب بعضها البعض كتعزيز متبادل، وترغب بشكل أكبر في مساعدة شركائها على إصلاح نقاط الضعف التنظيمية.
ولكي يتحقق سيناريو «كابوس» بروس هوفمان، سيتعين على تنظيمي «القاعدة» و «الدولة الإسلامية» وضع حد للمنافسة بينهما، ولكن من الصعب تخيّل قيام قادتهما بوضع حساباتهم التنافسية جانباً. فالسيناريو الأكثر احتمالاً هو تعاون الجماعتين بشكل سطحي كمنافستين، وهو أمر لن يلحق ضرراً كبيراً بالأمن القومي للولايات المتحدة.
ويُجسّد التعاون بين الجماعات الإرهابية مشهد مكافحة الإرهاب، إلا أنّ مجتمع مكافحة الإرهاب لم ينظر أبداً بجدية في الجهود الرامية إلى تعطيل هذه العلاقات. وقد حان الوقت لبدء النظر فيها.

ستيفن تانكل: أستاذ مساعد في الجامعة الأمريكية،

وزميل مساعد بارز في «مركز الأمن الأمريكي الجديد»
تريشيا بيكون: أستاذة مساعدة في كلية الشؤون العامة
في الجامعة الأمريكية (عن معهد واشنطن)