جيم أونيل
بموجب المادة 50 من معاهدة لشبونة، ستنسحب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في 29 مارس 2019. بعد خروجها (إذا حدث ذلك بالفعل)، ينبغي على حكومة المملكة المتحدة أن تحافظ على قيادتها في مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات (AMR)، كما فعلت في الماضي. وقد حان الوقت لكي تشارك المملكة المتحدة مع شركات الأدوية في تجربة نموذج جديد للتمويل للاستثمار في الأبحاث وتطوير مضادات حيوية جديدة.
من الأدوار الأكثر شرفاً التي قمت بها خلال حياتي المهنية - في الفترة ما بين أواخر 2014 وسبتمبر 2016 - قيادة اللجنة المستقلة المعنية بمقاومة مضادات الميكروبات تحت حكومة رئيس الوزراء آنذاك ديفيد كاميرون. كنا نواجه تهديداً خطيراً على الصحة والازدهار العالميين، وكانت جهودنا موضع تقدير في جميع أنحاء العالم. بعد وقت قصير، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلاناً سياسياً رفيع المستوى بشأن مقاومة مضادات الميكروبات، وتم إدراج هذا الموضوع في جدول أعمال مجموعة العشرين.
في الآونة الأخيرة، نشرت لجنة الرعاية الصحية والاجتماعية في مجلس العموم البريطاني تقريراً كاملا عن مقاومة مضادات الميكروبات، والذي يدعو إلى اتخاذ تدابير أكثر جدية لتشجيع إنتاج أدوية جديدة. وتزامن ذلك مع تقرير «وصفة الشعب: تغيير الأفكار حول الابتكار الطبي لخلق قيمة اجتماعية»، الصادر عن معهد الابتكار والأهداف الاجتماعية (IIPP) في جامعة لندن (UCL)، والذي يدعو الحكومات إلى «اختيار نهج موجه للبعثات» من أجل جلب المزيد من الأدوية إلى السوق.
يعد هذا الاهتمام المتزايد أمرا ايجابيا. كما أشرت بمناسبة إصدار تقرير معهد الابتكار والأهداف الاجتماعية، ركز التقرير الأولي حول مقاومة مضادات الميكروبات على الحاجة إلى المزيد من التمويل في المراحل المبكرة من تطوير عقاقير جديدة. واليوم، تم إحراز تقدم حقيقي في هذا المجال، ويرجع الفضل في ذلك إلى التمويل من طرف هيئة الأبحاث والتطوير الطبية الحيوية التابعة لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية، ومركز «ويلكوم ترست» الخيري. علاوة على ذلك، تحفز المساهمات الحكومية والخيرية بعض الشركات الخاصة، وبالتالي المزيد من الباحثين حول مقاومة مضادات الميكروبات، إلى المشاركة في هذا المجال.
بدون الدعم الأولي من حكومات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين وغيرها من البلدان، لن يخاطر المرء باستثمار رأس المال الخاص في هذا المجال. كما تظهر الأحداث الأخيرة، عند خلق الظروف المناسبة، قد تنشأ بالفعل سوق لتطوير مضادات حيوية جديدة. علاوة على ذلك، لدينا خيارات أخرى لتعزيز الحوافز. تشير بعض الدراسات الأكاديمية أن تمويل سنوي بقيمة بليون دولار سيسمح بإدخال العديد من المضادات الحيوية الجديدة إلى السوق في السنوات المقبلة.
تتوافق معظم المقترحات الأكاديمية الحديثة مع نهج «تخصيص مبالغ مالية مقابل جلب مضادات حيوية إلى السوق» الذي أوصينا به في التقرير الأولي للجنة مقاومة مضادات الميكروبات. وأود أن أضيف فقط أنه ينبغي منح هذه الجوائز بشروط معينة تتعلق بالتسويق والتسعير لعقاقير جديدة، لاسيما في البلدان المنخفضة الدخل.
إذا تم الحفاظ على المبلغ المالي الذي تم تخصيصه لتمويل المرحلة المبكرة على مدى السنوات الخمس المقبلة، فقد يصل المبلغ الإجمالي للاستثمار إلى ملياري دولار كما أوصينا في تقريرنا. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه الاتجاهات الإيجابية، لم تعلن أي حكومة حتى الآن عن خطط لتخصيص أموال مقابل جلب مضادات حيوية إلى السوق.
وبالمثل، على الرغم من النقاش الحاد بين المديرين التنفيذيين لصناعة الأدوية حول الحاجة إلى جلب مضادات حيوية جديدة إلى السوق من خلال التجارب السريرية، إلا أنهم لم يتخذوا أي إجراء حقيقي بهذا الشأن. والأسوأ من ذلك، أنه من بين الشركات التي كانت تعمل بالفعل في مجال المضادات الحيوية، خرج بعضها بالفعل من السوق بعد نشر تقريرنا، ويبدو أن بعض الشركات الأخرى تتحرك في نفس الاتجاه.
من الواضح أن الوقت قد حان لتنفيذ نهج «تخصيص مبالغ مالية مقابل جلب مضادات حيوية جديدة إلى السوق». ومع أخذ هذا الاقتراح بعين الاعتبار، فقد عقدت اجتماعات مع أصحاب المصلحة المعنيين في المملكة المتحدة، بما في ذلك أعضاء البرلمان الملتزمون بمحاربة مقاومة مضادات الميكروبات مثل كيفن هولينراك، والمسؤولون في وزارة الصحة ورابطة صناعة الأدوية في بريطانيا. أستطيع القول إن جميع الممثلين الرئيسيين للقطاع العام مستعدون حقا لإعطاء مبالغ مالية مقابل جلب مضادات حيوية جديدة إلى السوق؛ ووجدت أن موقف قادة الصناعة تجاه هذه القضية أصبح أكثر جدية.
لا يسعني إلا أن آمل أن يكونوا صادقين في كلامهم. في الوقت الذي يبدو فيه أن الرأسمالية تخدم على نحو متزايد مصالح القلة على حساب الكثيرين، يجب أن يفكروا في من سيتحمل مسؤولية نفاد المضادات الحيوية الفعالة.
ونظرا إلى أن الجميع مهتمون حقاً بهذا الأمر، أقترح أنه بدلاً من الاعتماد على مساهمة الحكومة بمليار دولار مقابل جلب مضادات حيوية جدية إلى السوق - ولتجنب الدعوة إلى إلغاء اللوائح الصديقة للصناعة - يجب أن تتحد شركات الأدوية البريطانية وتساهم بنسبة 50 ٪ من المبلغ المطلوب.
تخيل كم سيكون من المشجع رؤية قادة الصناعة الذين يقفون إلى جوار رئيس الوزراء للإعلان عن تخصيص جائزة التمويل المشترك لإنشاء المضادات الحيوية التي ستعمل على إنقاذ أرواح الناس.
من المؤكد، كما لاحظت وزملائي في التقرير، في كتاب «البكتيريا المقاومة: سباق التسلح ضد البكتيريا»، يُعتبر هذا اﻟﻣﻘﺗرح شكلا معتدلا لمبدأ الرأسمالية «ادفع الثمن أو العب». ومع ذلك، فإن هذا النهج سيكون مفيدا لصحة الناس في جميع أنحاء العالم.
الرئيس الأسبق لصندوق جولدمان ساكس لإدارة الأصول ووزير سابق في المملكة المتحدة، ورئيس مؤسسة تشاتام هاوس.