شانغ جين وي
مرت عشر سنوات منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية. بالنسبة للولايات المتحدة، يختلف عام 2018 اختلافاً كبيراً عن العام 2008. نتيجة للتخفيضات الضريبية الواسعة النطاق التي نفذت في سياق النمو القوي، تحول اقتصاد البلد من الانهيار إلى حالة من الازدهار. في الوقت نفسه، شهدت مواقف الولايات المتحدة تجاه الصين تغيرات هائلة. وأفسح الاعتراف بضرورة التعاون مع الصين لإدارة الطلب على الصعيد العالمي المجال للنزعة الحمائية والعداء.
وعلى الرغم من أن استجابة السلطات قبل عقد من الزمان قد منعت حدوث ركود حاد، إلا أنها مهدت الطريق للعديد من المشاكل الأخرى، بما في ذلك ارتفاع مستويات الديون للحكومات المحلية والشركات المملوكة للدولة (SOEs)، وتوسيع القطاع المصرفي، واستغلال الطاقة الزائدة في العديد من القطاعات، وضعف القوة النسبية للشركات الخاصة. استعانت إدارة ترامب ببعض هذه النتائج كمبررات لشن حرب تجارية.
في ظل هذه الظروف، قد تميل الصين إلى تحفيز الطلب الكلي مع اتخاذ تدابير قصيرة الأجل مثل إدخال المزيد من الاستثمار في البنية الأساسية من خلال الحكومات المحلية وزيادة تخفيف الائتمان للشركات المملوكة للدولة. وتكمن الإستراتيجية الأمثل في التركيز على الإصلاحات الهيكلية.
بداية، تحتاج الشركات الخاصة إلى معرفة أنها تتنافس مع الشركات المملوكة للدولة على مستوى متكافئ من حيث التنظيم وتطبيق القانون، والوصول إلى القروض المصرفية وغيرها من الموارد، وفرص الحصول على عقود حكومية. كانت الشركات غير المملوكة للدولة أهم مصدر للنمو في العقود الأربعة الفائتة، لذلك كان تشديد محافظ بنك الصين الشعبي يي جانغ على مبدأ «الحياد التنافسي» في خطاب ألقاه مؤخرًا مشجعا للغاية. حتى الآن، لم يتم تناول هذا المبدأ من قبل القيادات العليا. لكن على الحكومة أن تعتمده رسمياً كمبدأ توجيهي للحوكمة الاقتصادية. وبالمثل، من حيث التجارة الخارجية والاستثمار، يجب على الصين تبني مبدأ «الحياد الحكومي» لتنظيم التعاون والمفاوضات التعاقدية، بما في ذلك نقل التكنولوجيا بين الشركات الأجنبية والمحلية. كما يجب على الحكومة الاستثمار في الحد من الحواجز التجارية والاستثمارية التي تواجهها الشركات الأجنبية في الصين، بما في ذلك الإعلان عن القيود المفروضة على الشركات المالية الأجنبية العاملة في البلاد. ومن شأن هذه التدابير رفع الدخل الحقيقي للأسر الصينية عن طريق تعزيز قوتها الشرائية والقدرة التنافسية لقطاع الشركات في البلد من خلال الضغط على الشركات المحلية الأقل كفاءة. كما أظهرت تجربة الصين الخاصة بعد انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية إلى أن المزيد من الانفتاح سيجلب المزيد من الرخاء للشعب في نهاية المطاف.
يتمثل الإصلاح الهيكلي الثالث الذي تحتاجه الصين في إيجاد مرونة أكبر في سوق العمل. منذ منتصف تسعينات القرن الفائت، كان معدل الإسهام الإلزامي للمعاشات العامة والرعاية الصحية وغيرها من المنافع مرتفعًا للغاية - ما يعادل أكثر من 50٪ من فاتورة الأجور، وهي نسبة أعلى من متوسط معدل المساهمة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ومع ذلك، يدل الإنفاذ غير الفعال على تجاهل الشركات المحلية تلك التكاليف بشكل متزايد. وفي العام 2008، بدأت السلطات في رفع معدل المساهمة بقوة، مما ضيق الحصار على الشركات. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الشركات تزويد الموظفين بعقود طويلة الأجل بعد عقدين متتاليين، ويجب أن تدفع مبلغا كبيرا إذا احتاجت إلى خفض عدد الموظفين. ونتيجة لذلك، تراجعت قدرة الاقتصاد على التعامل مع الصدمات السلبية وتعديل نظام العمالة بشكل كبير.
وفقًا لمستوى الإنتاجية والتطوير في الصين، تم تحديد معدل المساهمة الإلزامية للمنافع الحكومية بنسبة 35-40٪. ويمكن لاعتماد هذه النسبة وغيرها من التدابير لزيادة مرونة سوق العمل تعزيز الانتعاش الاقتصادي في الصين إلى حد كبير.
ويتمثل الإصلاح الأخير الذي يهدف إلى تعزيز الاقتصاد الصيني في الحد مؤقتا من دخل الشركات ومعدلات ضريبة القيمة المضافة. هناك سببان للقيام بتخفيضات ضريبية مؤقتة. مقارنة بالتخفيضات الضريبية الدائمة، فإن التخفيضات الضريبية المؤقتة تضع ضغوطاً أقل بكثير على الميزانية العامة وتوفر المزيد من الحوافز لاستثمار الشركات. وبهذا المعنى، فإن هذا التخفيض يعادل إجراء إصلاحات متزامنة على مستوى العرض وإدارة الطلب الكلي.
يدرك زعماء الصين الحاجة إلى معظم هذه الإصلاحات؛ في الواقع، لقد جعلوا الإصلاح على صعيد العرض شعار السياسة الرسمية. لكنهم ركزوا حتى الآن على الحد من الطاقة الفائضة وتخفيض الديون، بدلاً من اتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز ثقة رجال الأعمال من القطاع الخاص، والحد من تعرض الاقتصاد للصدمات، ودعم النمو. ونظرا إلى أن الحياد التنافسي والانفتاح الأكبر على شركات القطاع الخاص المحلي والشركات الدولية يساعدان أيضا في تهدئة الولايات المتحدة، فقد حان الوقت لاتخاذ الإجراء المناسب.
كبير الاقتصاديين السابق في البنك الآسيوي للتنمية
وأستاذ المالية والاقتصاد في جامعة كولومبيا