ثورة خضراء مدعومة من الدولة

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢١/مارس/٢٠١٦ ٢٣:٢٩ م
ثورة خضراء مدعومة من الدولة

ماريانا مازوكاتو
يركز النقاش حول بناء مستقبل أخضر على ضرورة تحسين توليد الطاقة من المصادر المتجددة. لكن هذه مجرد خطوة أولى. إن وجود آليات أفضل لتخزين وإطلاق هذه الطاقة -عندما لا تشرق الشمس ولا تهب الرياح، أو عندما تكون السيارات الكهربائية في حركة مستمرة- هي مسألة حرجة أيضا. وخلافا للاعتقاد الشائع، فإن القطاع العام هو الذي يقود الطريق نحو حلول فعالة.

فمنذ التطوير التجاري لبطاريات ليثيوم أيون -البطاريات القابلة لإعادة الشحن المستعملة في مجال الإلكترونيات الاستهلاكية- في أوائل التسعينيات، كان تحدي تخزين وإطلاق الطاقة بشكل فعال لجعل مصادر الطاقة المستدامة بدائل للوقود الأحفوري شيئا مقلقا. وكانت الجهود المبذولة للتغلب على هذا التحدي من قبل المليارديرات من رجال الأعمال مثل بيل جيتس وإيلون ماسك تشكل محور الكثير من تكهنات وسائل الإعلام المتحمسة. فكم يتطلب تغيير بطارية من المليارديرات؟
إن الجواب، كما تبين، هو صفر. فقد أعلنت هذا الأسبوع إلين ويليامز، مديرة مشاريع البحوث المتقدمة لوكالة الطاقة، وهي جزء من وزارة الطاقة الأمريكية، أن وكالتها هزمت المليارديرات. وأعلنت أن الوكالة حققت «بعض الكؤوس المقدسة في البطاريات»، والتي سوف تمكننا من «إيجاد نهج جديد تماما لتكنولوجيا البطاريات وجعلها وظيفية ومجدية تجاريا.
وبعد مدح إنجازات ماسك، بينت وليامز الفرق الحاد بين النهجين. وقد شارك ماسك في الإنتاج الواسع «لتكنولوجيا بطارية قوية». لكن مشاريع البحوث المتقدمة لوكالة الطاقة، على النقيض من ذلك، سعت إلى الابتكار التكنولوجي في أنظف معنى: «إيجاد طرق جديدة لعمل» الأشياء. وهي «على قناعة تماما» أن لدى بعض تكنولوجياتها «القدرة أن تكون أحسن بكثير. وبالنسبة لكثير من الناس، قد يبدو هذا التطور مفاجئا. في الواقع، كان ينظر للقطاع الخاص كمصدر ابتكار مهم للاقتصاد. ولكن هذا التصور ليس دقيقا تماما.
في الحقيقة، كثيرا ما وقفت الشخصيات الريادية العظيمة في التاريخ على كاهل الدولة الريادية. وقد كان مؤسس شركة آبل والرئيس التنفيذي الراحل ستيف جوبز رجل أعمال ذكي، لكن كل التكنولوجيا التي صنعت آي فون «الذكي» كانت بتمويل من الدولة. ولهذا قد أعلن غيتس أن الدولة وحدها، في شكل المؤسسات العامة مثل الوكالة السالفة الذكر، يمكن أن تقود الطريق إلى اختراق الطاقة.
ومن المهم أن نلاحظ هنا أنه ليست الدولة المسؤولة عن هذا الدور؛ وإنما الدولة الريادية في العمل، التي توجد أسواقا، بدلا من مجرد إصلاحها. فمع نهج موجه للأهداف وحرية التجربة -مع اعتبار الفشل سمة من سمات عملية التعلم المرحب بها والتي لا يمكن تجنبها- إن الدولة هي أكثر قدرة على جذب أفضل المواهب ومواصلة الابتكار الجذري.لكن بطبيعة الحال، لن تكون قيادة الثورة الخضراء عملا سهلا. ومن أجل إنجاحها، يجب على الهيئات العامة التغلب على تحديات كبيرة.أنظرا إلى مشاريع البحوث المتقدمة لوكالة الطاقة الأمريكية، التي تأسست في العام 2009 كجزء من حزمة التحفيز الاقتصادي للرئيس الأمريكي باراك أوباما. وإن كانت لا تزال في مراحلها الأولى، أظهرت هذه الوكالة -التي تستند إلى نموذج وكالة الدفاع عن مشاريع البحوث المتقدمة- بالفعل وعدا كبيرا. وبعد الالتزام الذي أدلى به أوباما و 19 آخرون من قادة العالم في مؤتمر تغير المناخ في ديسمبر الفائت في باريس، لمضاعفة الاستثمار العام في أبحاث الطاقة الخضراء، يبدو أن هذه الوكالة ستستفيد من تمويل هائل.

أستاذة اقتصاد الابتكار في وحدة

أبحاث سياسات العلوم بجامعة ساسكس