المسؤولية الاجتماعية في ريادة الأعمال

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢١/مارس/٢٠١٦ ٢٣:٢٨ م
المسؤولية الاجتماعية في ريادة الأعمال

علي بن راشد المطاعني
تنفيذ جوانب المسؤولية الاجتماعية وخدمة المجتمع في بعض الشركات يتركز كثيرا في الصناعات الحرفية البسيطة وشراء منتجات حرفية عبارة عن محفظات وسعفيات ومواد جلدية وفخاريات وغيرها، لا تسمن ولا تغني من جوع كما يقال، في حين هذه الشركات أو معظمها كان يمكن أن تركز مسؤولياتها الاجتماعية على دعم مشروعات صغيرة ومتوسطة في مجالات عملها مثل شركات النفط والغاز تتبنى دعم شركات في هذا القطاع الكبير والواعد، وكذلك شركات الكهرباء تقدم الدعم لتأسيس شركات خدمات وصيانة في مجالات الكهرباء والمياه وشركات الاتصالات تدعم مشروعات في الاتصالات والسيارات في هذا القطاع وتجارة التجزئة والبنوك والمصارف وهكذا تبحر المؤسسات في البلاد في اتجاه ذي فائدة للبلاد والعباد، من خلال برنامج طموح تدعم كل شركة كبيرة حوالي عشرين رائد أعمال لتأسيس شركات صغيرة ومتوسطة، ليكون رائد أعمال غدا من خلال الدعم المباشر وغير المباشر من هذه الشركات.

وإذا افترضنا لدينا 100 شركة كبيرة يمكن أن تتبنى برامج المسؤولية الاجتماعية، وسوف تدعم كل منها 20 رائد أعمال في المتوسط سنويا، وسيكون لدينا 2000 شركة لرواد الأعمال في مجال صناعات المساندة لقطاعات رئيسية في الاقتصاد الوطني الذي بحاجة إلى صناعات خفيفة وبالتالي كل شركة يمكن أن توظف 5 مواطنين في المتوسط، وبذلك تكون هذه الشركات قد ساهمت في توفير عشرة آلاف وظيفة سنويا، بدلا من تركيز معظم الشركات على دعم الصناعات الحرفية والمبالغة على هذا الجانب بشكل ملفت مع ضعف العائد المادي والمعنوي منها، لدرجة أصبح دعم هذه الحرف أشبه بالمتاجرة بالحرفيين من بعض المؤسسات للأسف، الأمر الذي يجب أن تعيد العديد من شركات النظر في برامج المسؤولية الاجتماعية، بحيث تتواكب مع حاجة البلاد إلى توفير فرص في ريادة الأعمال أكثر لاستيعاب الخريجين والخريجات والالتفاف إلى الجهات المختصة في هذا المجال لتتناغم الجهود مجتمعة للنهوض نحو إيجاد حلول لمعالجة تكدس الخريجين والخريجات في انتظار التوظيف.

فبلا شك أن برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات يحتاج لها مستشارين يدركوا معنى المسؤولية الاجتماعية ومجالاتها وطبيعة عمل الشركات وتوجهها إلى ما يتواكب أولا مع مجالات عمل الشركات وطبيعتها، وثانيا مع توجهات الحكومة وخططها التنموية، وثالثا مع طلبات المجتمع الضرورية المتمثلة في توفير فرص عمل للشباب كأحد أهم الأولويات التي يجب التركيز عليها في المرحلة الحالية من كافة الجهات وبمختلف السبل، فضلا أن تكون لبرامج المسؤولية الاجتماعية قيمة مضافة عالية تسهم في سد الحاجة إلى منتج وطني أو توفير خدمة ضرورية، فما نلاحظه بأن هذه البرامج بعيدة كل البعد عن هذه المنطلقات الوطنية تغرد خارج السرب في دعم مجالات بسيطة وليس ملحة، خاصة في ظل وجود جهات حاضنة لمشروعات الحرفية مثل الهيئة العامة للصناعات الحرفية التي تقوم بدور مهم في هذا الشأن.
إن القطاعات الاقتصادية بها العديد من الفرص لصناعة رواد الأعمال من خلال إيجاد ما هو أشبه بالحاضنات لتأسيس مشروعات تخدم مجالات عمل هذه الشركات نفسها في العديد من المجالات سواء اللوجستية أو الخدمية العامة المشابهة لطبيعة عملها ودورها، وتأسيسها في المراحل الأولى إلى أن تشب وتنهض ومنحها عقود عمل تساعدها في السنوات الأولى إلى أن تتهيأ للمنافسة وبعدها تنطلق في السوق، وبذلك يكون قد أسهمنا في إيجاد رواد أعمال يقودوا العمل في العديد من الميادين وأسهمنا في تخفيف الضغوط على الجهات الحكومية.
هناك بعض الشركات بدأت تضع مثل هذه المبادرات في تأسيس مراكز لدعم المبادرات الفردية ذات القيمة المضافة، تعمل على توفير رواد أعمال مثل مؤسسة الزبير التي تعمل بشكل جيد في بناء قيادات عمانية ناجحة في العمل الحر، يمكن الاستفادة من هذه التجربة من العديد من الشركات بدلا من برامجها للمسؤولية الاجتماعية ضائعة في مجالات لا عائد منها، وغير مستدامة للأسف.

نحن مع دعم الحرفيين والحرفيات وشراء المنتجات لكن من خلال الهيئة العامة للصناعات الحرفية التي لديها مشروعات طموحة وخطط كبيرة لتطوير الصناعات الحرفية في البلاد، ويمكن لبعض الشركات أن توجه الدعم لهذه البرامج من خلال الهيئة، وليس كل شركة تدعم بعض المنتجات والحرفيين وتعمل برامج دعائية أكبر من قيمة الدعم المقدم، بل إن بعض الشركات لديها دوائر وأقسام تكلفتها التشغيلية أكبر من قيمة ما تقدمه من دعم لبرامج المسؤولية الاجتماعية.

نأمل من الشركات أن تتبنى برامج ريادة الأعمال في برامجها للمسؤولية الاجتماعية بحيث تؤهل على الأقل عشرة آلاف شاب وشابة سنويا في تأسيس 2000 شركة متوسطة وصغيرة كل عام، عندها نقول بأن هناك مواكبة برامج المسؤولية الاجتماعية في الشركات مع خطط الحكومة وحاجة المجتمع.