واشنطن - نيويورك - رويترز
تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عمّا أشار إليه الخميس الفائت بأنه سيكون بإمكان القوات الأمريكية التي تم إرسالها إلى الحدود مع المكسيك إطلاق النار على المهاجرين الذين يرشقونها بالحجارة وقال إن "رماة الأحجار سيعتُقلون فقط".
وقال ترامب للصحفيين خارج البيت الأبيض "ليس عليهم -الجنود- أن يطلقوا النار. ما لا أريده هو أن يرشق هؤلاء الناس (الجنود) بالحجارة.. إذا فعلوا ذلك لنا.. سيعتقلون لفترة طويلة".
وأثارت تصريحات ترامب بشأن إطلاق النار على المهاجرين انتقادات من جماعات حقوق الإنسان التي قالت إنه يثير مخاوف قبل انتخابات التجديد النصفي بالكونجرس التي تجري الأسبوع المقبل. وقالت جماعة هيومان رايتس فرست في بيان إن وصف المهاجرين بأنهم يمثلون تهديدا للأمن القومي أمر "سخيف بقدر ما هو قاس".
وأشار ترامب في تصريحاته إلى أن بإمكان الجيش إطلاق النار على المهاجرين الذين يعبرون الحدود بشكل غير قانوني إذا رشقوا الجنود بالحجارة. وقال ترامب "إنهم يريدون رشق قواتنا بالحجارة وقواتنا ترد.. أبلغتهم باعتبار ذلك سلاحا ناريا. عندما يرشقوننا بحجارة مثلما فعلوا مع الشرطة العسكرية في مكسيكو أقول.. اعتبروها سلاحا ناريا".
وشدد ترامب من موقفه بشأن الهجرة، خاصة حيال مجموعة من المهاجرين متجهة لبلاده من دول في أمريكا الوسطى، قبل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأسبوع المقبل التي يسعى فيها حزبه الجمهوري للحفاظ على سيطرته على مجلسي النواب والشيوخ.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) يوم الاثنين الفائت إن أكثر من 5200 جندي انتشروا على الحدود بعد أن قال ترامب على تويتر إنه سيرسل الجيش للتصدي لمجموعة المهاجرين القادمين عبر المكسيك هربا من العنف والفقر في أمريكا الوسطى. ووصل جنود مزودون بالمعدات والآلات إلى سان أنتونيو وبدأوا التمركز في لاكلاند بتكساس.
تجمعات بشرية
جمعت مجموعة جديدة من المهاجرين وغادرت عاصمة السلفادور يوم الأحد متجهة إلى الولايات المتحدة بعد أن قام آلاف من دول أخرى في أمريكا الوسطى برحلات مماثلة في قوافل خلال الأسابيع القليلة الفائتة مما أثار حنق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وغادرت المجموعة المؤلفة من أكثر من 300 شخص من السلفادوريين العاصمة سان سلفادور بعد أن غادر آلاف المواطنين من جمهورية هندوراس منتصف أكتوبر الفائت بلادهم في مجموعة ضخمة أثارت اهتماما دوليا وتحولت إلى قضية رئيسية في انتخابات الكونجرس الأمريكي.
وتواصل مجموعة ثانية من مواطني هندوراس رحلة مماثلة عبر جواتيمالا على مدى الأيام الفائتة ووصل عددها في مرحلة ما إلى نحو ألف شخص قبل أن تتفرق إلى مجموعات.
وواصل مهاجرون رحلتهم المضنية للولايات المتحدة عبر المكسيك الأحد الفائت مع محاولة المجموعة، التي أغلب أفرادها من أمريكا الوسطى، تنظيم أنفسهم بشكل أفضل وتطلع مزيد من المهاجرين إلى عبور الحدود بين جواتيمالا والمكسيك.
وقال ديفيد لوبيز منسق منظمة (أناس بلا حدود) المعنية بحقوق المهاجرين إن قافلة المهاجرين شكلت لجنة أمنية للحفاظ على النظام بشكل أفضل وجمع القمامة التي يتركها أفراد القافلة.
وتواصل مجموعة المهاجرين الضغط عبر جنوب المكسيك رغم عرض حكومي بتوفير وظائف.
وفي ذات الوقت شقت مجموعة أخرى من المهاجرين طريقها إلى حدود جواتيمالا مع المكسيك وأوقفتها شرطة مكافحة الشغب على بوابة الحدود.
إرسال الجنود
وقال ترامب إن الولايات المتحدة يمكنها أن ترسل ما يصل إلى 15 ألف جندي إلى الحدود. ويفوق هذا العدد القوات الأمريكية في أفغانستان.
وقال ترامب إن إدارته تضع اللمسات النهائية على خطة ستفرض على طالبي اللجوء دخول البلاد عبر الموانئ القانونية رغم أنه لم يتضح بعد إن كانت تلك القيود ممكنة من الناحية القانونية.
وأضاف إن بلاده سترفض لجوء من يدخلون إليها من مناطق لا تعتبر موانئ قانونية فيما يشدد موقفه من مجموعة من المهاجرين تتجه إلى بلاده قادمة من دول في أمريكا الوسطى.
وقال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض "المهاجرون الذين يسعون للجوء سيكون عليهم تقديم أنفسهم بصورة قانونية في ميناء رسمي للدخول.. من يختارون مخالفة قوانينا والدخول بطريقة غير مشروعة لن يتمكنوا بعد الآن من استخدام طلبات غير مستحقة للحصول على دخول تلقائي لبلادنا".
انتقادات لاذعة
وواجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيلا من الانتقادات اللاذعة بسبب إعلان يربط الديمقراطيين والمهاجرين بالجرائم العنيفة، بل إن بعضا من رفاقه الجمهوريين انتقدوه ووصفوه بأنه أكثر إعلان سياسي إثارة للانقسام العرقي في ثلاثة عقود.
وكتب الرئيس السابق للحزب الجمهوري في فلوريدا آل كارديناس على تويتر "هذا الإعلان وموافقتك الكاملة عليه سيدينانك أنت وإرثك المتعصب للأبد في كتب التاريخ الأمريكية".
ويشمل الإعلان الإلكتروني صورا من قاعة محكمة للويس براكامونتيس، وهو مهاجر غير شرعي من المكسيك أدين العام 2014 بقتل ضابطي شرطة في سكرامنتو بكاليفورنيا، وهو يقول بإنجليزية ركيكة إنه سيقتل مزيدا من الضباط.
ويناوب الإعلان بين مقاطع براكامونتيس ومشاهد للمهاجرين، في إشارة محتملة إلى قافلة تضم ما يصل إلى ثلاثة آلاف من أمريكا الوسطى متجهة عبر جنوب المكسيك في طريقها إلى الحدود الأمريكية.
ويتساءل الإعلان "من غير هؤلاء سيسمح الديمقراطيون بدخولهم؟"، وهو سؤال نشره ترامب على تويتر في وقت متأخر من مساء الأربعاء الفائت.
وينتهي الإعلان بشعار "الرئيس دونالد جيه. ترامب والجمهوريون يجعلون أمريكا آمنة من جديد"، اقتباسا لشعار ترامب "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى".
وذكرت وسائل إعلام إخبارية أمريكية أن حملة ترامب للترشح لفترة رئاسية جديدة دفعت ثمن الإعلان. ولم ترد الحملة بعد على طلب للتعلق.
ووصف رئيس اللجنة الوطنية الديمقراطية توم بيريز الإعلان بأنه "دونالد المثير للتشتت والانقسام في أسوأ صوره". كما وصفه في مقابلة مع شبكة (سي.إن.إن) الإخبارية بأنه "يدعو للخوف".
ووصف كارديناس ترامب بأنه "مثير حقير للانقسام وأسوأ سم اجتماعي يُبتلى به بلدنا في عقود".
الجنسية
وشدد الرئيس دونالد ترامب موقفه بشأن الهجرة قبيل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في السادس من نوفمبر. وفي جبهة أخرى لموضوع الهجرة، قال ترامب في الأسبوع الفائت إنه سيسعى إلى إلغاء الحق الدستوري في المواطنة للأطفال المولودين في الولايات المتحدة لأشخاص غير مواطنين أو لمهاجرين غير شرعيين.
وقال ترامب إن الدستور الأمريكي لا يكفل الحق في الحصول على الجنسية لكل من يولد في الولايات المتحدة وإنه سيواصل سعيه لإنهاء هذا.
وكتب ترامب في تغريدة على تويتر "ما يعرف بالحق في الجنسية بحكم الميلاد، الذي يكلف بلدنا بلايين الدولارات ويعد ظالما جدا لمواطنينا، سينتهي بطريقة أو بأخرى. هذا لا يكفله التعديل الرابع عشر... يتفق كثير من فقهاء القانون مع ذلك...".
أمر طبيعي
وعلى مقربة من تصريحات ترامب قال مسؤول بالأمم المتحدة إن توجه المهاجرين نحو الولايات المتحدة عبر المكسيك "أمر طبيعي" وإنه لا يتعيّن على واشنطن تعزيز أمن حدودها لمواجهتهم.
ووصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحرك المجموعة بأنه "غزو".
وقال جويل ميلمان المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة في إفادة في جنيف إن العديد من المجموعات المماثلة تحركت للعديد من السنوات وإن المجموعة ما تزال على بعد مئات الأميال من الولايات المتحدة.
وأضاف "لذلك (استخدام) كلمات مثل ’غزو’ ومثل ذلك يفترض أن الأمر يشكل ظاهرة جديدة تتسم بأنها طارئة ولا أعتقد أن أي شخص في المنظمة يتفق مع هذا الرأي... هذا أمر طبيعي".
وأشار إلى أن نشر قوات من الجيش على الحدود لا يردع من يريدون عبور الحدود لكنه يزيد من مكاسب مهربي البشر ويؤدي لسقوط قتلى في صفوف المهاجرين.