لا نريد دعماً.. نريد تمكيناً!

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٠١/نوفمبر/٢٠١٨ ٠٣:٠٥ ص

أحد رواد الأعمال ألقى كلمة أشبه بالقنبلة، حدث هذا عندما كان‏ أحد المتسوقين في مهرجان التمور يخاطبني بضرورة دعم رواد الأعمال، فردّ الشاب المتحمس بأننا لا نريد دعما من الجهات الحكومية ما نريده هو التمكين فقط، وأردف قائلا بحسرة تنم عن معاناة وجدانية واضحة معالمها في سحنات وجهه "الغريب أن المسؤولين وعندما نتحدث معهم يعتقدون بأننا نريد دعما ماديا في حين أننا في غنى عن هذا الدعم، التسهيلات وتخفيف وتبسيط الإجراءات وإفساح المجال أمام رواد الأعمال لشق طريقهم بدون عثرات هو ما نرجوه ونطلبه".
لم أملك غير أن أتفق معه جملة وتفصيلا؛ ذلك أننا نسمع الكثير في هذا الأمر غير أن ما نراه على أرض الواقع وعمليا هو أقل القليل، ونستثني هنا الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وصندوق الرفد وبنك التنمية العُماني، أما بقية الجهات فحدّث ولا حرج، هذا المشهد القاتم هو الذي أفضى لسماع هذه الأنين من رواد الأعمال إذ من المفترض أن نفسح لهم الطريق ممتدا إلى ما لا نهاية، كل في مجال اختصاصه وذلك من بعد إخلاص النية بأننا نتمنى لهم صدقا التوفيق والسداد وأن نراهم في يوم قريب آت وهم يقودون دفة الاقتصاد العُماني آلى آفاق المستقبل بكل اقتدار.
الكثيرون منا لا يعرفون في الواقع ما هي القيمة المضافة لريادة الأعمال ولكن من المناسب التذكير بها في هذه العجالة، لقد كتبت مقالات كثيرة أوضحت فيها بأن ريادة الأعمال توفر الملايين من الريالات على الحكومة، وضربت مثالا بالأخوات الخمس اللاتي فتحن مشروعا لتغليف التمور في منزلهن إلى أن أصبحت لديهن علامة تجارية مشهورة، وأوضحت بأن مؤهلاتهن الدراسية تتراوح ما بين الجامعية والماجستير، وأنهن ولو كن موظفات في القطاع العام لدفعت الحكومة لهن مليونا و200 ألف ريال في عشرين عاما، على افتراض بأن راتب كل واحدة ألف ريال كمتوسط مرتبات الخريجين، وعندما نضرب خمسة آلاف في سنة وبعدها في 20 عاما كحد أدنى لسنوات منح التقاعد، فإننا نجد بأنهن قد وفرن أكثر من مليون ومئتي ألف ريال، لكن السؤال وفي المقابل ماذا قدمنا لمثل هذه النماذج الطيبة سواء على صعيد الدعم المادي أو المعنوي؟
هنا ومن خلال الإجابة على هذا السؤال ومن خلال هذا الأنموذج نعرف قيمة ومعنى ريادة الأعمال وكيف يجب أن نفسح لهم كل الطرق ونزيح كل العراقيل من أمامهم ونسهم في تعزيزهم بكل الطرق المتاحة والممكنة.
إذن ريادة الأعمال هي المستقبل لهذا الوطن وأبنائه ومن هنا تأتي أهمية هذه القضية باعتبارها الأساس الذي تقوم عليه أعمدة الحكمة الاقتصادية شاهقة العلو، لذلك لا نرغب في أن نسمع من رواد الأعمال كلاما كالذي سمعناه ولو همسا، ما نرغب في أن نسمعه هو البشر والبشارات، وما نرغب في أن نراه على وجوههم هو الابتسامات والضحكات، وهذا إن حدث فذلك يعني بأننا قد نجحنا في تمهيد الطريق وتعبيده أمام شبابنا الأعزاء من رواد الأعمال.