مستقبل الطقس: أكثر حرارة وجفافا وأمطارا

مزاج الاثنين ٢١/مارس/٢٠١٦ ١٨:١٣ م
مستقبل الطقس: أكثر حرارة وجفافا وأمطارا

العمانية / تشارك السلطنة ممثلة في الهيئة العامة للطيران المدني يوم بعد غد الثالث والعشرين من مارس دول العالم الاحتفال باليوم العالمي للأرصاد الجوية تحت شعار " عالم أكثر حرارة وجفافا وأمطارا.. مواجهة المستقبل". وتحتفل في مثل هذا اليوم من كل عام المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ومرافق الأرصاد الجوية في جميع أنحاء العالم باليوم العالمي للأرصاد الجوية تخليدا لذكرى دخول اتفاقية المنظمة حيز التنفيذ اعتبارا من 23 مارس 1950م. وتؤدي الهيئة العامة للطيران المدني دورا وطنيا هاما في مجال الأرصاد الجوية وتبذل كل ما في وسعها من جهود من خلال امتلاكها نظاما حديثا متكاملا في هذا المجال يقدم خدمات مناخية تترجم المعارف العلمية إلى أنشطة عملية ويمكّن من فهم تغير المناخ والتكيف معه والتخفيف من آثاره ورفع الوعي لدى كافة افراد المجتمع وتحقيق التنمية المستدامة، وتفتخر السلطنة بتولي كادر عماني مؤهل كافة مرافق الأرصاد الجوية التشغيلية والفنية.

ويسلط الاحتفال هذا العام الضوء على تغيّر المناخ حيث أكدت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في بيان لها بهذه المناسبة ان هذا التغير " ليس مجرد تصور مستقبلي ولكنه أمر نشهده اليوم وسيستمر المناخ في التغير طوال العقود المقبلة نظرا لتزايد وتراكم الغازات الحابسة للحرارة والمنبعثة في الغلاف الجوي نتيجة الأنشطة البشرية. واوضحت الهيئة ان كل عقد من العقود القليلة الماضية كان أحر من العقد السابق له وكانت الفترة من عام 2011 م إلى 2015م أحر فترة مسجلة، كما كان عام 2015 م أحر عام منذ بدء عمليات الرصد الحديثة في أواخر القرن التاسع عشر مدفوعا بأوضاع قوية لظاهرة النينيو " . وظاهرة "النينيو" هي ارتفاع درجة حرارة سطح البحر عن المتوسط وتحدث في منطقة المحيط الهادي الاستوائية، وتحدث ما بين 4 و12عاما مما قد يتمخض عنه موجات جفاف وحر لافح في آسيا وشرق إفريقيا، وهطول أمطار غزيرة وفيضانات في أمريكا الجنوبية. واوضحت المنظمة الدولية ان " ارتفاع درجات الحرارة ليس إلا جزءا من القضية فتغير المناخ يعرقل أيضا النسق الطبيعي للمواسم ويزيد وتيرة وشدة بعض الظواهر الجوية مثل موجات الحرارة والجفاف والامطار الغزيرة وهذه التغيرات المستمرة تنبئ بمستقبل أكثر حرارة وجفافا وأمطارا ولا يزال من الممكن تقليل هذا الضرر. ففي ديسمبر 2015م اعتمدت دول العالم اتفاق باريس الذي ينص على إجراء تخفيضات حثيثة وكبيرة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ، كما أن هذا الاتفاق التاريخي يلزم البلدان كافة ببذل جهود طموحة لمواجهة تهديد تغير المناخ المحدق على أساس "مسؤولياتها المشتركة ولكن المتباينة " ويتناول الاتفاق أيضا مسائل تقديم دعم مالي للبلدان النامية والقدرة على مقاومة المناخ والتكيف معه والخسائر والاضرار، ونقل التكنولوجيا، وبناء القدرات، والتعليم، والتدريب، والوعي العام" .

واكدت المنظمة ان " مما يبعث على التفاؤل أن دول العالم أصبحت الآن على اقتناع تام بالأدلة العلمية على تغير المناخ، وبضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة ، ويلزم إجراء مزيد من البحوث والاستثمارات لدعم التكنولوجيا المنخفضة الكربون لا سيما في قطاع الطاقة ، غير أنه تتوافر بالفعل سياسات وتكنولوجيات وأنشطة كثيرة، وثمة حاجة إلى مضاعفتها. ويجب على الجميع أن يدلي بدلوه، بمن في ذلك فرادى المواطنين والقادة المحليون وقطاع الاعمال ومنظمات المجتمع المدني والحكومات ومنظومة الامم المتحدة ، وستظل المعارف العلمية تؤدي دورا محوريا فمواصلة وتحسين الراصدات العلمية لتغير المناخ سيمكن من مراقبة التقدم المحرز في الحد من انبعاثات الغازات الحابسة للحرارة ، كما سيفضي استمرار وتحسين البحوث العلمية إلى تحسين فهم تغير المناخ وآثاره على الصعيدين الوطني والاقليمي وإيجاد حلول للتكيف معه. كما ستساعد العلوم على إيجاد حلول عملية للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتوجيه المجتمع الدولي نحو مستقبل أكثر اخضرارا" .

ونظرا لامتداد مساحة السلطنة واختلاف الطقس من محافظة إلى أخرى الناتج عن الاختلاف المتباين في التضاريس، كقمم الجبال الشاهقة و الكثبان الرملية والأراضي المنبسطة والمناطق الساحلية تمكنت السلطنة من وضع شبكة للرصد الجوي لتغطية جميع مناطق السلطنة حيث تم إنشاء تلك الشبكة على عدة مراحل حتى وصل عددها اليوم إلى 64 محطة للرصد الجوي ترتبط بالمركز الرئيسي في مطار مسقط الدولي عبر شبكة تستخدم أفضل تقنية الاتصالات. وتقوم الأرصاد الجوية بجميع أعمال وخدمات التنبؤات والتطبيقات الجوية والإشراف على مختلف الإصدارات الجوية كالنشرات الجوية والنشرات الدورية والتقارير الشهرية والسنوية وغيرها من الدراسات الجوية الخاصة التي توجه بالفعل لاتخاذ الإجراءات في القطاعات التي تتأثر بالمناخ مثل قطاعات الزراعة وموارد المياه وإدارة الكوارث والصحة العامة والطاقة. وتنفيذا للتوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم ـ اعزه الله ـ في الاهتمام بالموارد البشرية والاعتماد على الكوادر الوطنية في كل المجالات أولت الهيئة العامة للطيران المدني ممثلة في المديرية العامة للأرصاد الجوية اهتماما بتطوير وتأهيل الكوادر العمانية لتواكب التطور السريع في الأجهزة والنظم المستخدمة في عملية التنبؤات بحالة الطقس ، ويعد موظفو الأرصاد الجوية كفاءات ذوو خبرة ومؤهلات علمية عالية في علوم الأرصاد الجوية المختلفة وحازوا على التقدير المحلي والعالمي.

وتعود دقة المعلومات التي تقدمها الأرصاد الجوية لكافة القطاعات الحكومية والخاصة إلى التجهيزات المستخدمة في عملية التنبؤ بالطقس ومن أهمها التنبؤات العددية العمانية، حيث تم في عام 1999م وبالتعاون مع مركز الأرصاد الجوية الألماني استحداث نظم التنبؤات العددية وتدريب الكوادر العمانية لتكوين قاعدة أساسية لمركز بحوث متخصص في مجال تطوير التنبؤات العددية ، وكانت حصيلة هذا التعاون الحصول على ثلاثة نماذج للتنبؤات العددية خاصة بالسلطنة يختص أحدها بالتنبؤات البحرية . وفي 11 فبراير 2006م تم افتتاح مركز الامتياز لتدريب وتدريس تطبيقات الأقمار الاصطناعية في مجال الأرصاد الجوية لدول غرب آسيا ودول الشرق الأوسط بالتعاون المشترك مع مركز الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية التابع لجامعة السلطان قابوس والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية والمنظمة الأوروبية للتوابع الاصطناعية. يذكر ان الأقمار الاصطناعية تقوم بتوفير الصور الجوية ومعلومات قيمة عن السحب والظواهر الجوية حيث يستلم مركز التنبؤات وعمليات الرصد هذه الصور كل ربع ساعة من القمر الاصطناعي الأوروبي وصورة كل ست ساعات من القمر الاصطناعي الأمريكي بالإضافة إلى صور من القمر الاصطناعي الصيني ، كما ان هناك اتفاقية مع المنظمة الأوروبية للأقمار الاصطناعية تقوم بموجبها بتسيلم السلطنة صورا من القمر الاصطناعي الأوروبي (ميتيوسات) كل ربع ساعة. وفي إطار الجهود التي تبذلها الهيئة العامة للطيران المدني تم العام الماضي تدشين المركز الوطني للإنذار المبكر من المخاطر المتعددة وتطوير راداري قلهات ورأس الحد لمراقبة الأمواج والتيارات البحرية واكتمال تركيب محطات رصد جديدة في محافظة مسقط في كل من البستان والمسفاة وقريات وتطبيق الأرصاد الجوية للهواتف والأجهزة الذكية حيث أطلقت المديرية العامة للأرصاد الجوية بالهيئة تطبيقا مجانيا للهواتف المحمولة لنظام الأندرويد ونظام اي.او.اس حيث تعتبر الهيئة العامة للطيران المدني الجهة الرسمية المعنية بتزويد توقعات الطقس بالسلطنة بجودة عالية حيث تم تركيب وتشغيل 4 رادارات للطقس من مجمل 5 رادارات في كل من رأس الحد، وفهود، والدقم، وصلالة، ومسقط. وخلال العام الجاري تشمل خطة الهيئة في مجال الأرصاد الجوية زيادة عدد شبكة محطات الرصد الجوي من (64) محطة رصد جوي حاليا الى (75 ) محطة بنهاية هذا العام حيث سيتم تركيب ( 11) محطة بمختلف ولايات السلطنة وذلك في ولايات بركاء، نخل، وادي المعاول، دماء والطائيين، القابل، وادي بني خالد، الكامل والوافي، جعلان بني بوحسن وجعلان بني بوعلي.

كما سيتم إنشاء مبان لمحطات الرصد الجوي في خصب، وعبري، وصور، ونزوى، ومشروع النظام الآني لتبادل الإنذارات الذي تقوم فكرته على نتائج دراسة تقييم المخاطر على السواحل العمانية والتي نفذت ضمن مشروع الإنذار المبكر من المخاطر المتعددة والهدف من المشروع هو سرعة إيصال التحذيرات والإنذارات إلى الجهات المعنية والى الجمهور عن طريق الهاتف النقال وبتقنيات سريعة للغاية ويشمل المشروع تركيب أنظمة وبرامج خاصة ببث التحذيرات الى المناطق المعرضة للتأثر وايضا مشروع التنبؤ بتدفق وفيضانات الأودية الذي يهدف الى استخدام معطيات الأمطار والأودية وبيانات رادارات الطقس والأقمار الاصطناعية ومجسمات الطقس ونمذجتها للوصول الى خرائط طقس تساعد أخصائيي الأرصاد الجوية في إصدار التحذيرات من فيضانات الأودية. ويرجع تاريخ الرصد في السلطنة إلى ما قبل عام 1900م حيث تبنته في ذلك الوقت المؤسسات الخاصة. ففي عام 1893م تم إنشاء محطة للرصد الجوي في مدينة مسقط وفي عام 1942م تم أيضا تشغيل ثلاث محطات في كل من مدينة صلالة وجزيرة مصيرة وثمريت، وفي عقد الستينات أيضاً أنشأت شركة تنمية نفط عمان عددا من المحطات في بعض المناطق الساحلية والداخلية. وفي العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وعند افتتاح مطار السيب الدولي ( مطار مسقط الدولي حاليا) عام 1973م تم إلحاق قسم خاص يعنى بعمليات الرصد الجوي لخدمة الملاحة الجوية بشكل خاص ، وفي عام 1975م انضمت السلطنة رسمياً إلى عضوية المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ومقرها في جنيف بسويسرا ، وفي شهر مارس من نفس العام صدر أول تنبؤ جوي لحالة الطقس لخطوط الطيران من المركز الرئيسي بمطار مسقط الدولي ، ولم يمض سوى وقت قصير حتى أصبحت الأرصاد الجوية تصدر تنبؤاتها بشكل رسمي يفي بمتطلبات العديد من الجهات الحكومية والخاصة، على سبيل المثال، سلاح الجو السلطاني العماني والبحرية السلطانية العمانية وجناح طيران شرطة عمان السلطانية بالإضافة إلى جميع المطارات العمانية الدولية والداخلية، والعمليات البحرية المبحرة في المياه الإقليمية للسلطنة.

وامتدت خدمات الأرصاد الجوية في مايو من عام 1975م لتفي باحتياجات قطاعات كبيرة من المواطنين بإصدار نشرة تنبؤات جوية روتينية يومية أصبحت منذ ذلك الوقت فقرة أساسية تبث عبر إذاعة وتلفزيون سلطنة عمان باللغتين العربية والإنجليزية، وأيضا تنشر عبر وسائل الإعلام المقروءة ، وفي عام 1976م صدر قرار وزاري بإنشاء خدمات الأرصاد الوطنية كأحد أقسام المديرية العامة للطيران المدني في إطار وزارة المواصلات آنذاك . وفي عام 1982م صدر المرسوم السلطاني السامي بإنشاء المديرية العامة للأرصاد الجوية في إطار وزارة المواصلات في ذلك الوقت. وصدر مرسوم سلطاني آخر في عام 1986 م نص على إدخال تعديلات على الهيكل التنظيمي لوزارة المواصلات تم بمقتضاه دمج المديرية العامة للأرصاد الجوية والمديرية العامة للطيران المدني بمديرية عامة واحدة عرفت باسم المديرية العامة للطيران المدني والأرصاد الجوية تابعة لوزارة النقل والاتصالات ومقرها مطار مسقط الدولي، لتكون دائرة الأرصاد الجوية إحدى الدوائر التابعة لتلك المديرية وبلغت نسبة التعمين بها 100% ، ومع صدور الهيكل الجديد للوزارة عام 2008م تم تغيير مسمى هذه المديرية إلى المديرية العامة للأرصاد والملاحة الجوية. وفي عام 2012م صدر المرسوم سلطاني رقم 33/ 2012 بإنشاء الهيئة العامة للطيران المدني وتتبع مجلس الوزراء ويتولى ادارتها وتنظيم شؤونها مجلس إدارة برئاسة وزير النقل والاتصالات وعضوية ستة أعضاء يمثلون الجهات ذات العلاقة.