الإعدام على المخدرات

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٩/أكتوبر/٢٠١٨ ٠٣:٣٢ ص


نعومي بورك شاين

لقد كانت المعاناة البادية في صوت إكرامول هاك واضحة للغاية، رغم جودة الصوت السيئة وأصوات الطلقات النارية الخافتة. في 26 مايو، قتل هاك، المسؤول المنتخب في جنوب بنجلاديش، أثناء التحدث مع عائلته عبر الهاتف على يد الشرطة في عملية قتل خارج إطار القانون.

تُؤكد السلطات البنجلادشية أن هاك كان تاجر مخدرات، وقد تُوفي إثر تبادل لإطلاق النار، لكن الأدلة الصوتية -التي عثرت عليها زوجته- تشير إلى أن الضباط المتورطين قاموا بقتله ثم وضعوا قطعة مخدرات في جيبه كحجة الاتجار في المخدرات. ويسلط التسجيل الصوتي ضوءا مقلقا على إستراتيجية مكافحة المخدرات الجديدة في بنجلاديش.

وفي شهر مايو، أعلنت رئيسة الوزراء الشيخة حسينة عن تجديد الحملة لمكافحة المخدرات، حيث تم إلقاء القبض على نحو 25.000 شخص، ولقي ما لا يقل عن 200 شخص حتفهم في عمليات قتل خارج إطار القانون. تثير حملة الرئيس رودريجو دوتيرل الوحشية ضد المخدرات في الفلبين العديد من المخاوف، حيث يتم انتهاك حقوق الإنسان بشكل روتيني، وقد تم ذبح أكثر من 20 ألف شخص منذ العام 2016. وفي حين أن حملة دوتير قد أثارت إدانة دولية، إلا أن حملة التطهير من قبل الشيخة حسينة خضعت لفحص أقل دقة.
يبدو أن الفتور النسبي في الانتقاد الدولي لهذه التصرفات قد شجع الحكومة على التعامل بشكل أكثر قسوة. في أوائل أكتوبر، ضاعفت السلطات جهودها عن طريق اقتراح قانون، تم رفعه إلى البرلمان، لتوسيع نطاق استخدام عقوبة الإعدام في جرائم المخدرات. وبموجب هذا الاقتراح، يمكن أن يعاقب بالإعدام كل من كان بحيازته أكثر من خمسة جرامات من مخدر «يابا» - وهو عقار يرتكز على الميثامفيتامين وتعمل الحكومة على منع انتشاره.
وبينما كانت عقوبة الإعدام عن تجارة المخدرات مشروعة في بنجلاديش على مدى عقود، إلا أنه نادراً ما كان يتم تنفيذها. قد يتغير هذا بشكل كبير إذا وافق البرلمان على مشروع الحكومة. إن وحشية حملة مكافحة المخدرات التي تشنها السلطات، إلى جانب الحد الأدنى للغاية لحيازة مخدر «يابا»، تعني أنه حتى الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات والتجار الصغار الفقراء قد يواجهون عقوبة الإعدام.
رغم مطالب الحكومات، فإن عقوبة الإعدام بالنسبة لجرائم المخدرات لا تستهدف كبار التجار. إن التجار الفقراء والأكثر ضعفا هم الذين يعانون. سيكون هذا بالتأكيد هو الحال في بنجلاديش، حيث يعتمد بعض اللاجئين الروهينجا - الذين فروا من الاضطهاد المروع في ميانمار - على تجارة المخدرات من أجل كسب لقمة العيش.
علاوة على ذلك، لا يمكن ضمان أن عقوبة الإعدام إثر تعاطي المخدرات تقلل من معدلات الاستهلاك أو الاتجار. تم الحكم بالإعدام على ما يقرب من 4000 شخص بسبب جرائم المخدرات في العقد الفائت، ويُشير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بأن سوق العقاقير لا تزال مزدهرةً. إن القوانين التي تنص على فرض عقوبة الإعدام ما هي إلا مجرد شجاعة زائفة من قبل الحكومات التي تسعى إلى إظهار «صرامتها» فيما يتعلق بجرائم المخدرات بينما تتجاهل الحقائق بشكل أعمى.
إن قانون بنجلاديش التشريعي من شأنه أن يقود البلد إلى الجانب المتطرف من المجتمع الدولي ويسير عكس الاتجاه العالمي نحو إلغاء عقوبة الإعدام. وفقاً لأبحاث منظمة «الحد من الأضرار الدولية»، من بين 33 بلداً تحتفظ بعقوبة الإعدام عن ارتكاب جرائم المخدرات ومعظم البلدان الأخرى قد غيرت أسلوبها.
على سبيل المثال، انخفض معدل الإعدام المتعلق بالمخدرات في إيران بشكل كبير بعد إصلاحات قضائية في أواخر العام الفائت (على الرغم من أن البلاد لا تزال تطبق عقوبة الإعدام على جرائم أخرى). وفي الوقت نفسه، تدرس حكومة ماليزيا مشروع قانون لإلغاء عقوبة الإعدام بالنسبة لجميع الجرائم. وإذا ما تمت المصادقة عليه، فسيخفف هذا القانون الأحكام الصادرة على 1267 شخصاً ينتظرون تنفيذ حكم بالإعدام حالياً، بما في ذلك 900 محكوم عليهم لارتكاب جرائم متعلقة بالمخدرات.
ولسوء الحظ، بنجلاديش ليست وحدها في اعتماد التدابير المتطرفة. على سبيل المثال، أعلن رئيس سريلانكا مايثريبالا سيريسينا مؤخراً عن إنهاء التعليق المؤقت لعقوبة الإعدام الذي استمر لمدة 42 عاماً، وستستأنف البلاد إعدام الأشخاص المدانين بجرائم مخدرات. وفي حين أنه من غير الواضح ما إذا كان سيريسنا سيمضي في تطبيق العقوبة، فإن تهديده جزء من اتجاه مثير للقلق بين الشعبويين الذين يعتبرون عقوبة الإعدام بمثابة حل شامل لتجارة المخدرات. أثناء إلقائه خطابا في وقت سابق من هذا العام، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تأييده لسياسة الإعدام.
وقد حث الاتحاد الأوروبي سريلانكا وبنجلاديش على إعادة النظر في استراتيجياتهما، مشيرا إلى أن «عقوبة الإعدام لا تمثل رادعاً للجريمة، ولا يمكن تصحيح أي خطأ في الحكم». هذا رأي صائب، كما يتعين على البلدان في كل مكان - وخاصة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي - القيام بالمزيد لتعزيز هذا الرأي.
ما زال أمام برلمان بنجلاديش فرصة لرفض مشروع القانون وتحريك البلاد نحو سياسة أكثر فعالية لمكافحة المخدرات. إن من شأن تطبيق عقوبة الإعدام أن يؤدي إلى تفاقم الوضع المتدهور لحقوق الإنسان. في جميع أنحاء العالم، تعترف الدول بأن تنفيذ عقوبة الإعدام، وعمليات القتل الغير قانونية، ليس لها أي تأثير على تجارة المخدرات. يجب على بنجلاديش أيضا أن تدرك هذه الحقيقة.

المديرة التنفيذية لمنظمة الحد من المخاطر الدولية