رعاية رواد الأعمال الاجتماعيين

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٩/أكتوبر/٢٠١٨ ٠٣:٣١ ص
رعاية رواد الأعمال الاجتماعيين

تريسكا حميد
تواجه الكثير من الحكومات في الشرق الأوسط صعوبة في تقديم الخدمات الأساسية وضروريات الحياة، مما يدفع رواد الأعمال إلى أخذ زمام المبادرة وتأسيس شركات لتقديم حلول لمشكلات مثل نقص الماء والكهرباء وارتفاع البطالة.

تركّز هذه الشركات التي تُعرف باسم «الشركات الاجتماعية» على إحداث أثر إيجابي في قطاعها وفي المجتمع ككل. إن رعاية هذه الشركات مهمة صعبة نسبيًا في المنطقة، وذلك لأن الغالبية العظمى من المستثمرين يضعون نصب أعينهم الربح المرتفع والإيرادات السريعة.

آنّا-ليسا جوجز وشريكتها ميديا نوتشنتيني قررتا أن تنشآ شركة «Consult and Coach for a Cause (C3)» في 2012، وهي حاضنة أعمال تركز على الشركات الاجتماعية بهدف المساعدة في ازدهار هذا النوع من الأعمال.
وصرّحت جوجز قائلة: «لا يختلف الرواد الاجتماعيون عن غيرهم من ناحية حاجتهم للزبائن وضرورة توسعهم وتبنيهم لاستراتيجية ناجحة».
بالرغم من صغر حجم الحاضنة، فقد حصلت على الدعم من مجموعة كبيرة من الشركات في أنحاء المنطقة والتي تهدف بدورها لحل مشكلات اجتماعية ضخمة على نطاق واسع.
وحتى الآن، عقدت حاضنة C3 ست فعاليات اشتملت على ورش العمل وبرامج الإرشاد والتوجيه وتقديم النصح والمشورة. والحاضنة تستقبل الشركات من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قاطبة، وقد تعاونت مع «غزة سكاي غيكس Gaza Sky Geeks» في فلسطين، إلى جانب حاضنات ومسرّعات أعمال أخرى في عُمان ومصر. كما تعاونت منذ إنشائها مع أكثر من 250 رائد أعمال، و1000 خبير، و10 مؤسسات شريكة.
تستقبل الشركة حاليًا طلبات المشاركة في الفعالية المقبلة، والتي ستركّز على الشركات في عُمان والكويت ومصر والإمارات العربية المتحدة. وفي هذه الدورة، سيتم اختيار 100 رائد أعمال اجتماعي من بين جميع المتقدمين، ومن ثم تصفيتهم إلى 20 رائد نهائي لحضور الفعالية في دبي في فبراير من العام المقبل. أما الـ80 المتبقون، فسيتلقون الدعم عبر المؤتمرات الإلكترونية (webinar) لمساعدتهم في التطور. ويُشترط أن يكون المتقدمون مساهمين في أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
ستستمر هذه الفعالية التي ستقام بالشراكة مع بنك HSBC لمدة ثلاثة أيام حافلة بورش العمل وتجارب محاكاة اجتماعات مجالس الإدارة، إلى جانب تقديم العروض للمستثمرين في الأثر الاجتماعي أو البيئي مقابل جوائز نقدية. وسيتلقى المشاركون كذلك 10 ساعات من الدعم الفردي من الخبراء على مدى شهرين. أما الفائز بالمرتبة الأولى فسيتلقى جائزة نقدية بقيمة 10,000 دولار، مع العلم بأن الموعد النهائي لتقديم الطلبات هو 15 أكتوبر من هذا العام.
ويتنوع مشهد الشركات الاجتماعية في مختلف بلدان المنطقة؛ فبينما تركز بعضها على إتاحة الوصول إلى المياه النقية وتوفير التعليم الأساسي في دول مثل مصر وفلسطين، تركز أخرى في دول مجلس التعاون الخليجي مثلًا على تطوير المهارات أو التصدي لمشكلة الأمن الغذائي.
وعلقت جوجز قائلةً: «نجد في مصر قاعدة شعبية كبيرة وتعداد سكاني ضخم حيث يستكشف الناس حلولًا لمشكلات لا تقوم الحكومة بحلها. ولا يعني ذلك أن الشركات الاجتماعية لا قيمة لها في دول الخليج، وإنما المشكلات هناك مختلفة».
في العام الفائت، تعاونت حاضنة C3 مع Democrance، وهي شركة لتقنيات التأمين توفّر التأمين لمن يحتاج إليه، وذلك حتى استطاعت جمع استثمارات بقيمة 800,000 دولار. ومن خريجي حاضنة C3 أيضًا مطعم Roots Bistro وهو أول مطعم مستدام بالكامل في الإمارات، وكذلك «إيفولفين وومن Evolvin’ Women» وهي شركة تعمل على تحسين فرص عمالة النساء في قطاع الضيافة بالدول النامية.
وتقول آسيا ريتشيو، مؤسسة Evolvin’ Women: «زودتني مسرّعة الأثر الاجتماعي C3 بالشجاعة لتحدّي أفكاري المسبقة، وتنحية مشاعري جانبًا، والتأمل بصدق فيما إذا كانت نظرية التغيير التي أقتنع بها تستطيع حقاً تحمل ضغوط الحياة الواقعية».
بينما يرتفع عدد المستثمرين الملائكة مع ازدياد شركات الأسهم الخاصة وشركات رأس المال المغامر التي ينصب تركيزها على التكنولوجيا وقطاع الشركات الناشئة، فإن هناك القليل من المستثمرين في الأثر الاجتماعي والبيئي في المنطقة.
أضافت جوجز: «يستطيع بعض رواد الأعمال التوجّه إلى أسواق أخرى غدًا وسيتلقون دعمًا بملايين الدولارات، أما هنا، فإنه من الصعب الحصول على بضع مئات الألوف».

إن نقص التمويل هذا يدفع رواد الأعمال الاجتماعيين للاجتهاد في العمل منذ لحظة الانطلاق لبلوغ الاستدامة المالية.

واستطردت: «ليس لدى هؤلاء الرواد خيار النمو الطبيعي وتلقي الدعم الإضافي. ومن سيتمكن من تحقيق الاستدامة المالية، فمن المرجح أنه سيبلغ النجاح المالي».
بحسب تقرير نشرته شركة رأس المال المغامر «ومضة»، فإن تكون علاقات جيدة مع الحكومة عنصر أساسي لازدهار قطاع الشركات الاجتماعية، إلا أن هذه الشركات قد يُنظر لها باعتبارها منافسة للدولة، مما يؤدي في كثير من الأحيان لتدخلات تعيق التوسع وتحقيق الأثر.
ويمكن أن يعزى ذلك لعدم وجود موقف تسجيل قانوني أو قاطع للشركات الاجتماعية في عدة بلدان في الشرق الأوسط.
وأضافت جوجز: «لا توجد تشريعات أو بيئة تنظيمية تقدم معاملة خاصة للشركات الاجتماعية، وقد عملنا جاهدين لإيجاد سبيل لفتح هذا الحوار مع الهيئات الحكومية، وهذا هو هدفنا على المدى البعيد».
يتردد رواد الأعمال في تسجيل شركاتهم الاجتماعية بصفتها جمعيات خيرية، وذلك بسبب كثرة الأنظمة التي ينبغي الالتزام بها.
وقالت جوجز: «في نهاية الأمر، يسجل الغالبية شركاتهم كشركات ربحية ويخضعون لقوانينها، ومن مساوئ ذلك ارتفاع التكلفة، لكنهم من جانب آخر يتجنبون الاعتماد على الهبات وغيرها من التبرعات العينية. يجب أن تتغير البيئة التنظيمية، وسيظهر أثر ذلك على رواد الأعمال، إلا أنه قد يحتاج لبضع السنوات كي يتحقق».

متخصصة في قطاع التكنولوجيا

والاتصالات وريادة الأعمال والشؤون الاجتماعية