مسقط- 7 خاص
يُثني الناس دوما على رجال الأعمال الذين يتفانون في خدمة مجتمعاتهم، ويحاولون ما استطاعوا أن يتلمسوا احتياجات الناس ويحملوا معهم همومهم. ورجل الأعمال عبدالعزيز بن حمود بن سعيد البلوشي هو واحد من هؤلاء الذين ذاع صيتهم بسبب قربه من مجتمعه وبسبب أعماله الخيرية وحضوره الاجتماعي القوي.. ولكن خارج هذا الإطار لا يعرف الناس عنه الكثير.. لذلك كان لـ"7 أيام" هذا اللقاء معه للتعرف عليه أكثر والإجابة عن الأسئلة التي يود الكثيرون توجيهها له.
في البداية عرفنا عنك.
أنا مواطن عماني، ابن ولاية بركاء وابن سلطنة عمان، كما أنني مواطن فخور ببلدي وقائدي، ومحب لأهلي وللشعب العماني.
• في أي قطاع من التجارة تعمل؟
• حاليا في العقارات. فأنا استثمر في الأراضي والأبنية وأطور مشاريع عدة. لكن بدايتي الحقيقية كانت في الذهب، فمنه انطلقت لعالم المال والأعمال.
• حدثنا أكثر عن تلك البداية؟
- كانت أياما جميلة، تذكر طرقات سوق مطرح تفاصيل حكاياتها. فقد بدأت بورشة صغيرة في سوق مطرح العريق، وكنت بشكل خاص أحول الذهب لسبائك بغرض بيعها. وعندما ازدهر عملي فتحت دكانا في السوق ذاته، وقد كنت جريئا في تبني تصاميم مختلفة عما هو سائد، فقد كانت النقوش الهندية تطغى على نتاج الصاغة، ولكني نوعت في التصاميم فاتسعت رقعة زبائني. وشيئا فشيئا أصبحت من أهم تجار سوق الذهب. وفي العام 1998 كانت نقطة تحول كبيرة في حياتي إذ قررت افتتاح مصنع للذهب في مطرح، وكان مشروعا كبيرا ومهما في وقتها.
• ألم تتهيب من الخطوة؟
- حذرني الكثيرون من التوسع بهذا الشكل. ولكني تحليت -على الدوام- بروح المغامرة المطلقة، فأنا أؤمن بأن من يقف مكانه هو -واقعا- يرجع للوراء فسنة الحياة هي التطور وعلينا أن نتطور معها كي لا ننذوي ويتجاوزنا الزمن. وقد كان رهاني في محله ونجح مشروعي نجاحا باهرا ولله الحمد والمنة.
• ما هي الصعوبات والتحديات التي واجهتك؟
- لم أواجه الكثير أو لنقل إني كنت دوما مستعدا لتقبل أن العقبات أمر طبيعي. وكنت أرى أن التحديات فرصة للتعلم والنماء. وإن فاتني شيء لا أحزن أبدا؛ فلدي قناعة وإيمان راسخان بأن القدر يعمل لصالحنا وإن لم نر ذلك بوضوح.
-
• ولكن لماذا لم تستمر في هذا المجال الذي تألقت فيه؟
- كما أسلفت فأنا أؤمن بأن المرء مُطالب بأن يطور نفسه وآليته ويتغير مع الزمن أو يسبقه، فحتى عندما دخلت الاستثمار العقاري كانت عيناي معلقتين على ما أتصوره لا ما أراه. فأنت ترى قطعة أرض مهملة نائية أما أنا فأراها فرصة واستطيع بناء مستقبل لها في خيالي. لقد كنت أشتري أراضي يمينا ويسارا وأراهن على نموها وتطورها، ولكل مجتهد نصيب وقد سدد الله خطاي فأصبحت ما أنا عليه اليوم.
• وإلى أين أخذك هذا الطموح الذي لا يهدأ؟
- فردت جناحي للعالم وفكرت في الاستثمار في دول مختلفة: آسيوية وأوروبية، فأنا تاجر ويلقبني البعض "بالتاجر" لا لأني رجل أعمال فحسب بل لأني أفكر في كل شيء تفكيرا تجاريا مبنيا على قراءة الفرصة واقتناصها. لكني لا أرى نفسي كما يراني الآخرون، بل أفضل أن يذكرني الناس بأني ابن بار لهذه الأرض الطيبة، وأني كنت للناس ومع الناس.
• ألهذا اتجهت للعمل الخيري والاجتماعي.. لترسم للناس هذه الصورة بريشة أعمالك؟
- اتجهت للعمل الاجتماعي والخيري لأن العطاء يمنحني البهجة التي لا أجدها في سواه، فأنا أجد في العطاء لذة وسعادة خصوصا إن شمل الشباب والناشئة الذين أنظر إليهم دوما بحنو الوالد. وبالمناسبة لقد ورثت هذا المسلك من والدي -رحمة الله عليه- فقد كان كريما محبا للخير، وكان بابه مفتوحا دائما للجميع.
• ترعى سنويا حفلات زواج جماعية.. فمن أين واتتك تلك الفكرة؟
- كنت أسمع على الدوام تذمرا من الشباب بسبب صعوبة الزواج، ورأيت أن كثيرا من الشباب يؤجل الزواج عجزا عن أعبائهـ وأن بعضهم بات يعزف عن الزواج لعظم تكاليفه، فيما يرهق البعض الآخر كاهله بالديون ليكمل نصف دينه، فلم يعجبني ذلك ولم أشأ أن أبقى مكتوف الأيدي فالأسرة هي عماد المجتمع السوي، وهنا فكرت أن أخفف من أعباء الزواج على هؤلاء الشباب، وهنا راودتني فكرة دعمهم وتشجيعهم على الزواج
برفع عبأ حفل الزفاف عنهم، بتنظيم حفلات زواج جماعية، وتقديم أطقم ذهبية لهم وما يتيسر من دعم، وبالفعل نظمنا في العام 2009 أول حفل زواج جماعي وعمت الفرحة قلوب الجميع وأنا أولهم، وبعدها أتخذت قرارا بتحويلها إلى عادة سنوية.
• كم شابا استفاد من تلك الحفلات حتى الآن؟
في البداية كان الحفل لتزويج 70 شابا فقط، ثم توسعت الرقعة شيئا فشيئا وها نحن اليوم نستعد لتنظيم أكبر حفل زواج جماعي لـ200 شاب بإذن الله.
• كان من اللافت أن الدعوة للاستفادة من هذا العرض السخي تشمل الوافدين كما تشمل المواطنين.
- مقاطعا: وما العيب في ذلك؟ كل من يعيش معنا على هذه الأرض الطيبة ويحترم هذا الشعب ويتبع هذا الدين ويبتغي الستر مرحب به في قوائمنا، وهذه هي أخلاقنا وتلك هي شيم أهل عمان.
-
• وماذا عن رعايتك لذوي الاحتياجات الخاصة؟
- هذا أمر آخر أفتخر به وأقدره، فتلك الفئة هي فئة مهمة وفاعلة في هذا المجتمع ويجب أن تُحاط بالرعاية والعناية والتقدير أينما حلت، وأنا شخصيا من المعجبين بهؤلاء الأشخاص الذين يكافحون لتغيير واقعهم والنهوض بأنفسهم.
• سمعنا أنك لا تقبل بأي مشاريع بناء أو تطوير إلا لو كانت لمساجد.. فهل هذا صحيح؟
- بناء المساجد شرف كبير، ومن نعم الله علي أن مكنني من نيل شرف بناء بيوت للرحمن في السلطنة وخارجها خصوصا في الدول التي يعاني فيها المسلمون من قلة المساجد، أو من وجودها على بعد مسافات تمتد لساعات أحيانا من أماكن سكنهم، وأتمنى من الله أن يمد في عمري لأواصل ذاك ما حييت.
• عرفت حبك للسيارات الفارهة، ونشرك لمقتنياتك منها.. أتزعجك ردة فعل البعض الذي يرى في الأمر تباهيا؟
- لن يدرك المرء رضا الناس مهما حاول، وأنا شخص مسالم بطبيعتي ولا ألتفت للتعليقات السلبية خصوصا تلك التي لا تُبنى على أساس واضح.
• هل مازالت لديك بعد هذه الرحلة الممتدة في الحياة والتجارة طموحات مؤجلة تسعى لتحقيقها؟
- طموحاتي ستعيش معي ما دمت حيا، ولدي أحلام عديدة؛ بعضها متعلق بحياتي الاجتماعية والأسرية، وبعضها متصل بعملي التجاري الذي أخطط أن أراه ممتدا خارج أسوار الوطن.
• هل من كلمة للشباب العماني الذي يطمح للنجاح؟
- أقول للشباب دوما ما أقوله لأبنائي: لا تيأسوا ولا تتعبوا.. ولا تنظروا للعثرات بل انظروا للفرص ولا تستعجلوا النجاح وثقوا بأن الله مع العبد إن سعى وسيكون النجاح حليفكم ما دمتم تسعون له بإخلاص.