المجري.. رسام يقرأ الوجوه في شوارع القاهرة

مزاج الاثنين ٢١/مارس/٢٠١٦ ٠١:٠٢ ص
المجري.. رسام يقرأ الوجوه في شوارع القاهرة

القاهرة- خالد البحيري
على بعد خطوات من ميدان طلعت حرب، وسط العاصمة المصرية القاهرة، يجلس الرسام مصطفى أحمد الشهير بـ "المجري" بأدوات بسيطة تتمثل في بعض الفحم وأقلام الرصاص ولوحات بيضاء في انتظار زبائنه من عشاق رسم صورهم بالأبيض والأسود.
يبدع في رسم البورتريه للوجوه البشرية، ويمتلك مهارة كبيرة جداً في رسم أدق تفاصيل الوجه، وإبراز الجانب الجمالي منه بطريقة رسم فريدة.
تميزت أعماله بأنها نابضة بالحياة، بفضل دقته العالية في تكوين جميع أجزاء وتفاصيل الرسمة، إضافة إلى التدرج اللوني الجميل، والذي يعطى للشخصية داخل اللوحة بعداً جديداً، يجعلها أقرب إلى الواقع.
ليس له مكتب، أو مساعدين، فقط كرسي وحامل من الخشب يضع عليه "اسكتشات" الرسم، ويقبل بمبالغ زهيدة قد لا تتناسب مع خبرته الطويلة، وابداعاته في قراءة الوجوه، وطبعها من جديد على الورق.
"الشبيبة" اقتربت من هذا المبدع الذي يقف على أبواب الستين من العمر، يرتدي قبعة رأس تشير إلى الزمن الجميل الذي ينتمي له، ونظارة سميكة تساعده على استيضاح المعالم التي يتناولها بالرسم.
بينما كنا نسأله كان يواصل عمله، ويرسم احدى اللوحات، وقال: اسمي مصطفي أحمد وشهرتي المجري لأنني أستطيع رسم "بورتريه" في أقل من دقيقة، كما أنني أستطيع الرسم وأنا مغمض العينين، وحينما أنتهي من عملي الذي فرض على منذ 4 عقود وهو المحاماة، التي لم أكن أرغب في دراستها لكن مكتب التنسيق والقبول، هو الذي أوصلني إليها رغما عني، آتي إلى هنا لأمارس الهواية التي أعشقها، وتمثل مصدر الدخل الرئيسي بالنسبة لي.
وأضاف: منذ كنت شابا صغيرا وأنا أكسب جيدا من الرسم، وقد تزوجت مبكرا نتيجة توافر الأموال معي من هذه المهنة، ولا أزال اتكسب منها، ولا يمر يوم دون أن أمارسها، سواء هنا في الشارع، أو في المكان الذي يرغب الزبون رسمه فيه.
وتابع: أنا لا أرسم مجرد ملامح، ولكنني أغوص في أعماق الشخصية، "أرسمها من تحت الجلد" وأعرف تفاصيل الشخصية من مجرد النظر إلى ملامحها، وأقف على الكثير من صفاتها خلال الرسم، وهي موهبة يجب أن تتوافر في الفنان.
وقال: تستعين بي وزارة الداخلية وأجهزة الأمن المصرية، لرسم الكثير من المطلوبين للعدالة من مجرد أوصافهم، وحينما يتم القبض عليهم أجد الحيرة تعلو وجوه الضباط، فمن مجرد كلام الشهود أرسم صورة للشخص المطلوب تتطابق مع ملامحه بنسبة 90%، وقد ساعدت بذلك في الإمساك بكثير من المجرمين خلال سنوات طويلة من عمري.
وأضاف: أعيش مع الصورة، التي أرسمها وأحيانا أشعر بأنها كضيف ثقيل أتمنى الانتهاء منها وتسليمها لصاحبها لأتخلص من عبء الجلوس أمامها، وهناك صور أجد الراحة والطمأنينة وأنا أرسمها، وكلما انتهيت منها، أعمل على تجويدها، وكأنني لا أرغب في الانصراف من أمامها، كضيف محبب إلى قلبك تتمنى قضاء أطول وقت في معيته.
وعند سؤالنا عن ملامح الشخصية وهل تدل على أن الفرد سوي أو غير سوي قال: فن "البورتريه" هو فن رسم الشخصية من وجهة نظر الرسام في شخصية الإنسان الذي يرسمه، ويعتبر أحد أنواع الرسم التي ينظر إليها الفنانون على أنها معقدة، لاعتمادها على تقديم الشخصية عبر ملامح الوجه.. نعم فالملامح تدل على ذلك والقرآن العظيم يقول لنا: "يعرف المجرمون بسيماهم" وهذا دليل على صحة نظرية تشيزري لومبروزو، العالم الإيطالي الشهير، الذي وضع أسس لنظريات دراسة سلوك المجرمين، للوصول إلى اعتقادات تثبت للجميع أن المجرم ولد ليكون كذلك، والذي يعد صاحب الفضل في نشأة المدرسة الوضعية في نظريات تفسير السلوك الإجرامي.
وأكد مصطفى "المجري" أن المجرمين يتشابهون بصورة كبيرة في صفاتهم، وتتمثل في الوجه عميق التجاويف والذقن الصغيرة والأذرع الطويلة، والأذن الكبيرة والرأس والجبهة الصغيرة، كما تشمل البثور على الوجه وتجعيدات الشعر.
وعن الرسم بالفحم والرصاص قال: هي خامات غير مكلفة وبالتالي يستطيع الزبون الحصول على صورة مرسومة بشكل جيد وبسعر منخفض بعكس الرسم بالخامات الأخرى، كما ان الفحم النباتي أو الطبيعي يتغير حسب شكل النبات الأصلي ومن مميزاته؛ تنوع الخط ودرجات الظل الذي ينتجه ويستخدم بسهولة لإظهار كل تفاصيل اللوحة ويمكن معه استخدام الممحاة، وهناك الفحم الصناعي والذي يتميز بثبات قطعة الفحم ويتنوع بين ناعم وصلب.