مبادرة نسائية في ألعاب الطاولة

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٢/أكتوبر/٢٠١٨ ٠٩:٠١ ص
مبادرة نسائية في ألعاب الطاولة

مي رستم

أسست اثنتان من رائدات الأعمال السعوديات شركة «حجرة- ورقة-مقص» من أجل هدف واحد فقط: تعميق التواصل بين الأشخاص من خلال اللعب، وفي السطور التالية تكشف المزيد عن هذه الشركة.

نشأ الكثيرون في تسعينيات القرن الفائت على التحدث مع أصدقائهم عبر الهاتف الأرضي ومشاهدة المسلسل الكرتوني الشهير كابتن ماجد، واللجوء إلى العديد من ألعاب الطاولة مثل مونوبولي أو بنك الحظ للتسلية. وفي وقتنا الحاضر، أصبح الأمر يتعلق بأحدث وأفضل التقنيات من خلال ألعاب الفيديو التي تحقق الآن أرباحًا أكثر من صناعتي الموسيقى والأفلام معًا. ومع ذلك، ظلت إحدى وسائل التسلية القديمة باقية إلى يومنا هذا متمثلةً في ألعاب الطاولة التي لم تصمد بمرور الوقت فحسب، بل تزدهر في العصر الرقمي الذي نعيشه الآن.

وقالت رولا بادكوك، الشريكة المؤسسة لشركة (حجرة-ورقة-مقص) السعودية: «تحتل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المركز الثاني في حجم الإنفاق على ألعاب الأطفال في العالم». وأضافت رفاه سحاب، الشريكة المؤسسة للشركة، قائلةً: «وُلدت فكرة (حجرة-ورقة-مقص) من حبنا العميق للعب. أردنا أن نوفر شيئًا يتيح للناس فرصة اللعب والتواصل بأساليب أعمق مع أنفسهم ومع الأشخاص المحيطين بهم».
بدأ الأمر كله في أكتوبر 2014، عندما أجرت رفاه –وهي معالجة نفسية متخصصة في علاج الأطفال باللعب- حلقة عمل للأمهات لفهم علاقة علم الأعصاب باللعب وتربية الأطفال، وكانت رولا إحدى الحاضرات لهذه الورشة.
وبعد انتهاء الورشة، ذهبت رولا إلى رفاه لتعرض عليها فكرة مشروع.
وتابعت رفاه قائلةً: «سأكون ممتنة إلى الأبد لشجاعة رولا ومبادرتها التي جاءت بها إليّ. كنا نتشارك أنا وهي اهتمامًا مماثلًا وهكذا بدأت الرحلة».
وسافر الثنائي بعد ذلك بوقت قصير إلى الدنمارك لحضور مؤتمر LEGO Idea السنوي، وهو حدث رئيسي يناقش الأفكار المتعلقة بألعاب الأطفال والتعلم والتنمية للحصول على الإلهام.
وتذكرت رفاه قائلةً: «كان المؤتمر رائعًا بكل معنى الكلمة، إذ التقينا بأساتذة من جامعة هارفارد ومسؤولين حكوميين ورواد أعمال يغيرون العالم باستخدام اللعب. التحدث والعمل مع هذه العقول النابغة ومشاهدة عظمة شركة LEGO من قرب جعلنا نفكر: كيف يمكننا جعل هذا المشروع قابلًا للتطوير؟ ومن ثم بدأنا تخيل وتصميم المنتجات على الورق في الدنمارك قبل أن نعود إلى البلاد».
وبعد عام من التوجيه والسفر إلى الصين وأخذ الاستشارات وإجراء الأبحاث الشخصية، كان الثنائي جاهزًا أخيرًا لإطلاق أول نموذج أولي لهما.
وأوضحت رفاه قائلةً: «كان أحد أكبر التحديات التي واجهتنا هو الإنتاج، متمثلًا في اكتشاف أفضل طريقة للإنتاج: هل هو الإنتاج المحلي؟ أم في الصين؟ وكيف يمكننا ضمان الحفاظ على أخلاقيات الإنتاج؟ وكيف نتواصل مع الشركات الصينية؟ استغرق الأمر منّا عامًا كاملًا لإنتاج لعبة واحدة بعد طرح المنتج الأولي».
تغيير قواعد اللعبة
لم ترغب الفتاتان السعوديتان في تكرار ألعاب قديمة ورغبتا بدلًا من ذلك في ابتكار ألعاب تقدم سردًا محليًا مناسبًا لجميع الثقافات في العالم العربي.
وأشارت رفاه قائلةً: «نحاول أن نكون شموليين قدر الإمكان من خلال تصميم باقات ألعاب مبتكرة وملهمة ثقافيًا. أعتقد أن تعريب الألعاب يصنع الفارق، إذ تُعد أفكار الألعاب التي نملكها عالمية وبعض هذه الألعاب متوفرة في السوق من خلال شركة هاسبرو الأمريكية، لكن ما يجعل ألعابنا رائجة للغاية هو أنها تتحدث بلغتنا».
وأضافت قائلةً: «لقد وفر تعريب ألعابنا تجربة مميزة لعملائنا، ابتداءً من طريقة تعبئة وتغليف اللعبة وانتهاءً بمحتواها».
وكان أول منتج لشركة حجرة-ورقة-مقص هو «كرنفال العيد»، وهو عبارة عن صندوق يحتوي على خمس ألعاب تتنوع بين بطاقات الذاكرة ولعبة البحث عن الكنز. وبيعت اللعبة المنتجة محليًا بالكامل تقريبًا عبر إنستجرام في غضون أسبوع.
واستطردت رفاه قائلةً: «من خلال هذه المبيعات، أدركنا أنه كانت هناك فجوة كبيرة في السوق. وبعد ذلك، صمننا لعبة جديدة بفكرة عالمية تعلم الأطفال كيف يكونوا مواطنين عالميين من خلال حثهم على الاقتراب من العالم المحيط بهم بمزيج من الفضول والاحترام بدلًا من الكراهية والخوف».
وقالت رولا إن لعبة «4 مليار سر» متوفرة باللغتين العربية والإنجليزية.
وأضافت رولا قائلةً: «أطلقنا حملة بالتعاون مع شركة كيك ستارتر الأمريكية لتقديم اللعبة في السوق الأمريكي ونخطط للتوسع في منطقة الشرق الأوسط».
والآن من خلال ثماني ألعاب مختلفة في قائمتهما، تهدف الفتاتان إلى التوسع خارج دول مجلس التعاون الخليجي وإحياء ثقافة ألعاب الطاولة في المنطقة العربية وخارجها.
واختتمت رولا قائلةً: «أود أن نرى أنفسنا كرائدات أعمال طبيعيات. نعيش في عالم متطور رقميًا دون تواصل حقيقي، وأصبحت العائلات تعيش معًا جسديًا ولكنها منعزلة عاطفيًا، وأردنا أن نغير هذا الوضع».

محررة موضوعات إجتماعية ومنوعة