بنغازي-(ليبيا) -رويترز
استأنفت السلطات في شرق ليبيا تحقيقاً في مقتل قائد عسكري كبير في انتفاضة 2011 التي أطاحت بمعمر القذافي، وهي قضية قد تنكأ جراحاً قديمة. وأحدث مقتل عبد الفتاح يونس على يد من يشتبه بأنهم رفاقه المقاتلون في 2011 صدوعاً عميقة داخل معسكر المعارضة اتسمت بالاضطرابات والعنف الذي يعصف بليبيا منذ ذلك الحين.
وتهدد التحقيقات بإثارة توتر جديد بين شرق ليبيا، الذي تسيطر عليه القوات الموالية للمشير خليفة حفتر، وحكومة تساندها الأمم المتحدة في العاصمة طرابلس.
وأمر حفتر في قرار نشر يوم الاثنين النائب العام العسكري في المنطقة الشرقية «باستئناف التحقيقات في قضية اغتيال رئيس أركان الجيش الليبي في نظام القذافي والمجلس الانتقالي اللواء عبد الفتاح يونس ومرافقيه والتواصل مع كافة الجهات الدولية والمحلية من أجل تسليم المتهمين في ذلك القضية».
وكان تحقيق سابق أجري العام 2011 حدد علي العيساوي، الذي كان رئيساً للوزراء أثناء الانتفاضة في سلطة انتقالية تابعة للمعارضة والتي انتزعت السلطة من القذافي، على أنه المشتبه به الرئيسي.
وأسقطت إحدى المحاكم لاحقاً القضية المنظورة ضد العيساوي ومشتبه بهم آخرين. لكن العيساوي عاد إلى دائرة الضوء مجددا عندما عينه رئيس وزراء حكومة طرابلس فائز السراج وزيرا للاقتصاد هذا الشهر.
وذكرت الحكومة أن السراج التقى بالعيساوي لبحث الإصلاحات الاقتصادية ونشرت صورة لهما.
وأثار تعيينه ردود أفعال غاضبة من قبيلة العبيدات التي ينتمي لها يونس وقبيلة أخرى متمركزة في الشرق، واللتين وصفتا في تعليقات نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي هذه الخطوة بأنها استفزاز.
وكلتا القبيلتان من بين أقوى القبائل في الشرق وهما متحالفتان مع حفتر الذي سيطر على معظم شرق ليبيا.
وتحاول الأمم المتحدة التوسط بين شرق ليبيا وغربها في محاولة للتغلب على الانقسامات وإعداد ذلك البلد للانتخابات. وتضغط فرنسا من أجل إجراء الاقتراع في ديسمبر لكن القتال الذي اندلع في الآونة الأخيرة بين فصائل متنافسة في طرابلس وعدم وجود أساس دستوري أضعفا هذا الاحتمال.وكان يونس لسنوات ضمن الدائرة المقربة من القذافي. وانشق في بداية الانتفاضة في فبراير 2011 وأصبح القائد العسكري للمعارضة.
وكشف مقتله عن التوتر بين الإسلاميين، الذين قمعهم القذافي بشدة خلال حكمه الذي دام 42 عاما، والشخصيات العلمانية والعسكرية.
وقالت ماري فيتزجيرالد الباحثة في الشأن الليبي: «اغتيال يونس كشف جانبا مظلما من الانتفاضة الليبية... ليبيون كثيرون يقولون إنه دمر ثورتهم تقريبا. ومن بين حالات قتل كثيرة لم تحل ألغازها في ليبيا منذ 2011، قضية يونس لها تداعيات ممتدة على وجه الخصوص بسبب من يكون هو ومن يمثل».
واللواء عبد الفتاح يونس العبيدي ولد في منطقة الجبل الأخضر الليبية سنة 1944 وهو رئيس أركان جيش التحرير الوطني الليبي خلال ثورة 17 فبراير ووزير داخلية ليبيا السابق وأحد قادة حركة الضباط الوحدويين الأحرار العام 1969. وكان للواء دور في قيادة ذلك الانقلاب حيث تولّى مهمة اقتحام «محطة إذاعة بنغازي» الرئيسية في ليلة الانقلاب العام 1969 وكان يَبلغ من العُمر آنذاك 25 سنة. ثم وَصَل إلى مناصب الدولة في العام 1969 عندما شارك في قيادة انقلاب الفاتح من سبتمبر الذي تمخض عنه نظام العقيد «معمر القذّافي»، ومنذ ذلك الوقت أصبح قائد القوات الخاصة الليبية. ولاحقاً في العام 2009 حصل عبد الفتاح على منصب وزير الداخلية في الجماهيرية العربية الليبية.
يَنتمي اللواء «عبد الفتاح يُونس» بالأصل إلى قبيلة العبيدات، وهي واحدة من أكبر القبائل الليبية في شرق ليبيا.