احذروا..! فحرائق الكهرباء لا ترحم

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٠/أكتوبر/٢٠١٨ ٠٤:٠٨ ص
احذروا..! فحرائق الكهرباء لا ترحم

محمود بن سعيد العوفي
alaufi-992@hotmail.com

لا تزال فواجع قصص حوادث الكهرباء المؤلمة مستمرة ومتوالية، والتي ذهب ضحيتها أطفال ونساء ورجال، فهناك من يتجرع مرارة فراق أطفاله أو أفراد أسرته من جراء ذلك، ولأسباب قد لا يعلم ماهيتها ولا يدرك مدى خطورها، فالفاجعة الكبيرة التي وقعت مؤخراً في ولاية صحم خلفت وراءها عشرة ضحايا من عائلة واحدة، لم يعلموا بعدما باتوا ليلتهم تلك، أنها آخر ليلة لهم، حيث لم يستيقظ أحد منهم، بسبب استنشاقهم لأدخنة الحريق الذي نشب في منزلهم -رحمهم الله وأدخلهم فسيح جناته، وهذه الحادثة، وغيرها من الحوادث المفجعة تركت أثراً نفسياً عميقاً لدى كافة أفراد المجتمع، وتناشد شرطة عمان السلطانية على أثر ذلك المواطنين والمقيمين بضرورة تركيب أجهزة استشعار الدخان -غير المقلدة- داخل منازلهم تجنبا لتطور مثل هذه الحوادث.

وتكمن الخطورة الأعظم في حوادث الكهرباء في عدم تحقق الأمان المطلوب عند استخدام ما يرتبط بها، حيث تعد التوصيلات الكهربائية الرديئة والأجهزة المقلدة غير المطابقة للمواصفات والمقاييس، قنابل موقوتة، وتشكل خطراً محتماً على سلامة الأرواح والممتلكات، حيث لا تزال تصرفات وممارسات بعض الأفراد الخاطئة بالاستعانة بأنواع رديئة من التوصيلات والأسلاك الكهربائية، أو الاستعانة بعمال هواة وعديمي الخبرة في تركيب وإصلاح التمديدات والعيوب الكهربائية، أحد الأسباب الرئيسية في حدوث تماس كهربائي يؤدي إلى نشوب الحرائق وينتهي بوقوع إصابات وحروق جسيمة أو إلى الوفاة - لا قدر الله.
ورغم الجهود والمبادرات - التي قد تكون خجولة في بعض الأحيان - من قبل بعض المؤسسات المعنية بمراقبة استخدام التمديدات المقلدة والهواة الذين لا يملكون المهارة الكافية لما ينبغي عمله، ورغم إطلاق الحملات التوعوية من قبل مجموعة من شركات توزيع الكهرباء، إلا أن كثيراً من حوادث الحرائق لا تزال تصل إلى مرأى وأسماع الجميع جراء تلك التصرفات الفردية الخاطئة، والتي تتأتى عادة لأسباب تافهة كالعجلة في إنهاء العطب أو تكبد نفقات أقل، غير مكترثين -لقلة وعيهم- لسلامتهم الخاصة أو سلامة من حولهم ممن يعيلونهم أو أفراد حيهم.
إن مسألة الاستعانة بالتوصيلات غير المستوفية للاشتراطات وغير المعتمدة من قبل الجهات المعنية، هي السبب الرئيسي لوقوع الحوادث المختلفة في المنازل والشركات وغيرها؛ لذا لا بد من المبادرة للعمل لضبط الأسلاك الكهربائية الرديئة وضعيفة الجودة، وعدم السماح بتواجدها في الأسواق إلا بعد التأكد من مطابقتها للمواصفات المعتمدة، حيث إن بعض المحلات لا تزال تعرض تلك التمديدات الكهربائية الرديئة الأمر الذي قد يتسبب في نشوب العديد من الحرائق، لأسباب عدة أبسطها عدم تحملها الضغط العالي على استخدام الكهرباء، لا سيما خلال فصل الصيف الذي ترتفع درجات الحرارة في السلطنة، ما يتطلب من الأسر والأفراد الحرص على اقتناء أنواع ذات جودة معروفة.
وإضافة لما قد سبق فقد أكدت العديد من الدراسات على أن شاحن الهاتف النقال المقلد أصغر وأخطر «جهاز» يستخدم في المنزل، إذ قد ينجم عنه كوارث وحرائق كبيرة، وذلك بسبب ارتفاع درجة حرارة البطارية الأمر الذي قد يؤدي أحياناً إلى انفجار الجهاز وتلفه أو إلى نشوب حريق، حيث يقول الخبراء إن ترك الشاحن موصولاً بالهاتف رغم امتلائه، يؤدي إلى انتفاخ البطارية وانفجارها أو إلى التماس كهربائي، وتوالي الكوارث المشار إليها ابتداء من اندلاع الحرق وانتهاء بفاجعة مؤسفة.
ولفتت الدراسة إلى أن غالبية الشواحن الرديئة تحتوي على مغناطيس في داخلها يقوم بتوزيع التيار الكهربائي بشكل غير منظم الأمر الذي يؤدي إلى خلل عمل الجهاز وتلفه، وإتباعاً لذلك فإن من الأمور الخطيرة التي لا يدركها البعض هي استخدام الشواحن المقلدة للهواتف المحمولة وتركها بالقرب من المستخدمين خلال فترات النوم، لما تشكله من خطورة كبيرة لعدم مطابقتها لمعايير السلامة.
ومن جانب آخر، فإن الغش التجاري والتقليد شملا جميع المنتجات الكهربائية الموجودة بالأسواق، وطالت معظم الماركات العالمية، وتعم المقلدون في الغالب إلى تقليد البضائع غالية الثمن، الأمر الذي يدفع بشريحة كبيرة من المستهلكين لشرائها غير مدركين لمخاطر هذه البضائع والمواد الأولية المصنعة منها، والتي تحمل في أغلب الأحيان تأثيرات سلبية خطيرة على صحة الإنسان وحياته، فمن الأهمية بمكان أن يتم تكثيف الحملات التفتيشية للقضاء على هذه الظاهرة، حماية لسلامة المواطنين والمقيمين في السلطنة وحفاظاً على أرواحهم.
وعليه، نأمل من الجهات المعنية تكثيف الجانب التوعوي عبر تنظيم حلقات العمل والبرامج التي تهدف إلى بيان مخاطر الاستعانة بهذه الأسلاك والتوصيلات أو بهؤلاء الهواة، وضرورة اقتناء القطع الأصلية واستبدال ما متهالك منها وغير المستوفي لما تعتمده الجهات المختصة من اشتراطات ومواصفات، بما يضمن يحافظ على سلامة المستهلك وممتلكاته، مع المطالبة بضرورة وضع أجهزة كشف الدخان ومكافحة الحريق، وعدم التصريح بدخول الكهرباء للمنازل أو أي مبنى إلا بعد التأكد من التوصيلات الكهربائية الجيدة والأجهزة الكهربائية ذات الجودة المناسبة، وعلى شركات توزيع الكهرباء مانحي التصاريح أن لا يتهاونوا في هذا الأمر، ومحاسبة كل من يسئ في مهنته ويخترق أنظمة الأمن والسلامة الكهربائية، وعلى أصحاب المنازل يقع على عاتقهم مسؤولية كبيرة في اختيار الأجهزة ذات الجودة العالية وعدم البحث على المواد الرخيصة التي تؤدى إلى الهلاك، وإلى ما لا يحمد عقباه، «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته».

ونسأل الله السلامة والله المستعان.