جهود‭ ‬حثيثة‭ ‬للقضاء على‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬في‭ ‬السلطنة ‭" ‬الغش‭ ‬التجاري‭.." ‬ خطر‭ ‬يهدد‭ ‬المستهلك‭ ‬والمنُتِج‭

مؤشر الأربعاء ١٠/أكتوبر/٢٠١٨ ٠٣:٥٣ ص
جهود‭ ‬حثيثة‭ ‬للقضاء على‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬في‭ ‬السلطنة
‭" ‬الغش‭ ‬التجاري‭.." ‬ خطر‭ ‬يهدد‭ ‬المستهلك‭ ‬والمنُتِج‭

مسقط-ش

تعد ظاهرة الغش التجاري من الظواهر الاقتصادية العالمية والتي تؤثر سلبا على مسيرة الاقتصاد في الدول إضافة إلى تأثيراتها السلبية على المستهلك من ناحية صحته وأمنه وسلامته وعلى المنتج من خلال انتهاك الملكية الفكرية للعلامات التجارية والذي يكبد أصحابها خسائر فادحة؛ ولذلك أولت الدول اهتماما بالغا للحد و مكافحة هذه الظاهرة السلبية.
وفي السلطنة تعمل الهيئة العامة لحماية المستهلك، ضمن إطار مهامها المناطة بها على توحيد الجهود والتنسيق الدائم مع شركائها من الأجهزة الحكومية بالدولة من آجل التصدي والحد من ظاهرة الغش التجاري والتقليد.
"صفحة المستهلك" تسلط الضوء على هذه الظاهرة الخطيرة والجهود المبذولة لمكافحتها من خلال الالتقاء بعدد من المختصين راصدة آراءهم حولها.

وقف التعدي
في البداية، يقول الرائد سليمان بن سعود الغافري، رئيس قسم التخطيط وتقييم الأداء بالإدارة العامة للجمارك بشرطة عمان السلطانية، إن من مسؤوليات الجمارك الرقابة على حركة الأموال والأشخاص والبضائع، ولوقف التعدي فإنها عملية تتم وفق عدد من الإجراءات والمتمثلة في تقديم صاحب الحق طلب وقف التخليص الجمركي، ومن ثم يتم التحقق من صحة الطلب من خلال الجمارك والجهات ذات العلاقة وبعد قبول الطلب يتم وقف تخليص البضاعة المتعدية، ومن ثم تعمل الجمارك على اتخاذ إجراءات الإخطار بوقف الإفراج وإبلاغ كل من، صاحب الحق والمستورد وخلال هذه المرحلة يتم إثبات واقعة التعدي، وبعدها يتم التخلص من البضاعة المتعدية.
وأضاف الغافري أن جهود الإدارة العامة للجمارك في المكافحة، تتم عبر مجموعة من الإجراءات منها القيام بالتعميمات الجمركية رقم (84/2017) ورقم (85/2017)، إضافة إلى الجمركية المحسوبة التي يتم فيها تطبيق نظام المخاطر والتدقيق اللاحق على الشحنات، وتفعيل نظام IPM، وكذلك القيام بالضبط والمصادرة، حيث يتم ضبط السلع المتعدية وملاحقة المتهمين قضائياً ومصادرة وإتلاف السلع المضبوطة وتبادل المعلومات (الريلو).
وذكر الغافري أن عدد القضايا المتعلقة بالسجائر والتبغ المغشوش والمقلد التي تم تسجيلها خلال الفترة من 2010-2017 بلغت 1190 قضية وبلغ إجمالي المبالغ المحصلة منها حوالي 12075391.78 ريال عماني، مضيفاً بأنه لتحقيق حماية جمركية أكثر فعالية تم تكثيف جهود التوعية والتثقيف بمخاطر استهــلاك السلع المغشوشــة والمقلــدة، إضافة إلى تعزيز التواصل الفعال وتبادل المعلومات مع الجهات الحكومية المعنية وتحقيق شراكة فعالة مع القطاع الخاص، وتفعيل إتمام تسجيل حقوق الملكية الفكرية لدى الإدارة العامة للجمارك، إنشاء إدارة أو قسم متخصص بالإنفاذ الجمركي لحقوق الملكية الفكرية.

الإعلام ودوره
من جانبه يقول رئيس قطاع الأخبار بالهيئة للإذاعة والتلفزيون، إبراهيم بن سيف العزري، إن جهود الهيئة في نشر التوعية بكافة الوسائل المتاحة حازت على مساحة متميزة في النشرات الإخبارية والقنوات الأخرى، ويأتي ذلك بفضل التنسيق والتواصل بين المعنيين في الهيئتين، وسعيهما لتحقيق الأهداف الوطنية الرامية إلى حماية المجتمع ووقايته من الأضرار التي تنتج عن المبالغة في الأسعار أو الغش التجاري ومخالفة المواصفات والمقاييس وغيرها، وأثمر ذلك التعاون والتنسيق عن نجاحات كانت محل إشادة من الدولة والمجتمع، ويأتي ذلك بالتغلب على التحديات كتأخر وصول بعض الأخبار وأولوية المنافذ الإلكترونية التي تتسم بالسرعة في اللحظة والحين أيضا قلة عدد الإعلاميين المختصين في شؤون حماية المستهلك وعدم وجود تقييم مهني لمدى تأثير الشفافية في نشر الأخبار للضبطيات الكبيرة على الاقتصاد والحركة التجارية وحركة الاستثمار في السلطنة بشكل خاص.

الوجود التشريعي
وأوضح مساعد العميد للدراسات العليا والبحث العلمي بكلية الحقوق بجامعة السلطان قابوس، صالح بن حمد البراشدي، أن الغش هو إظهار الشيء على غير حقيقته وتزيينه خلافاً للواقع، وتتمثل أنواعه في الغش في كميّة السلعة، ويدور الغش هنا حول مقدار السلعة، حيث إن المزوّد ملزم قانوناً بإمداد المستهلك بمعلومات صحيحة عن وزن السلعة أو كميتها، وأن لا يستخدم ميزان للوزن يظهر السلعة بخلاف وزنها الحقيقي.
وأشار أن جهود السلطنة في هذا لا تقل عن جهود نظيراتها من الدول الأخرى، حيث سعت السلطنة لمكافحة الغش التجاري عبر استصدار تشريعات قانونية من شأنها تجريم أفعال الغش، بل وتوفير ضمانة قانونية للمستهلك بمقتضاها يستطيع المطالبة بالتعويض عن مقدار الضرر الذي لحق بِه من جرّاء الاستعمال العادي للسلعة أو الخدمة ومكافحة الغش وحمايةً للمستهلكين من خلال سن تشريعات و تأطير العلاقة بين كل من المستهلك للسلع والخدمات وبين المزوّد لها.

الخداع التسويقي

حميد بن مسلم بن سعيد السعيدي مدرب بالمركز التخصصي للتدريب المهني للمعلمين وباحث في قضايا تربوية واجتماعية يقول بأن المجتمعات تمتلك مجموعة من المفاهيم والمبادئ والأفكار الخاصة بها والمتعلقة بالاستهلاك، وهذه تمثل الثقافة الاستهلاكية للمجتمع، وهي تختلف من مجتمع لأخر، وذلك يتعلق بالشراء والاستهلاك وطبيعة النمط الاستهلاكي وفي ظل ما يشهده العالم في القرن الحادي والعشرين من تطور في الإنتاج الاقتصادي، ووسائل الإعلام والتكنولوجيا المختلفة التي أسهمت في تغيير الثقافة الاستهلاكية للمجتمعات نظير انتقالها من مجتمع إلى أخر، والتي بدروها كان لها أثر على مدى امتلاك المستهلك للوعي الاستهلاكي الذي يعنيه في التغلب على الكثير من المغالطات التي تحدث في الجانب التسويقي، خاصة أن تلك التغيرات الاقتصادية كان لها دور في تغيير فكر المنتج وفلسفته الإعلانية والتي تستهدف بالدرجة الأولى المستهلك، مما أسهم في ظهور أنماط وأشكال متعددة من الخداع التسويقي والغش التجاري بغية جذب المستهلك ودفعه نحو شراء السلع، بالرغم من عدم امتلاكها للصفات والمعايير التي يرغب فيها، وهذه الوسائل التي تعتمدها بعض المؤسسات التجارية تهدف من خلالها إلى تحقيق أرباح تجارية على حساب المستهلكين.

مشيراً إلى أن بناء الوعي لدى المستهلك بما يمكنه من التغلب والتعرف على العديد من المغالطات التي تحدث في السوق التجاري، في ظل التطور الذي يشهده الإنتاج التكنولوجي والإعلامي والذي قد يشوه الصورة الحقيقية للسلع الاستهلاكية ويظهرها بصورة مغايرة عن الواقع، مما يوجهنا ذلك لقراءة الثقافة الاستهلاكية للمجتمع العُماني، التي شهدت أيضًا تغييراً نتيجة لارتباط الاقتصاد الوطني بالتغيرات الغير ثابته في أسعار النفط العالمية.

جهود الهيئة
الفضل بن نصير اليحمدي مكلف مدير دائرة الغش التجاري بالهيئة العامة لحماية المستهلك قال إن الغش التجاري أصبح من الظواهر السلبية المقلقة والآخذة في الانتشار بسبب اتساع نطاق التعاملات التجارية التي تستوجب من المعنيين والمهتمين تسخير الإمكانات للتصدي لها والحد من أخطارها على الاقتصاد وصحة الإنسان وسلامته.
وأضاف أن التصدي للغش التجاري أصبح يتعدى دور الجهات الحكومية المعنية لتشمل القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والمستهلك ذاته باعتباره خط الدفاع الأول في منظومة حماية المستهلك وأن الهيئة تبذل جهوداً حثيثة للقضاء على ظاهرة الغش التجاري.

المواصفات القياسية
وأوضح الفضل بأن أشكال الغش التجاري تتعدد وتختلف صورها سواء على مستوى السلع أما بالتغيير في ذاتها أو طبيعتها أو جنسها أو نوعها أو شكلها أو عناصرها أو صفاتها أو خصائصها أو مصدرها أو مقدارها سواءً في الوزن أو الكيل أو المقاس أو العدد أو الطاقة أو العيار، فكل منتج غير مطابق للمواصفات القياسية المعتمدة يعتبر منتجا مغشوشا أو بيعها على أساس أنها أصلية وهي مقلدة، أو على مستوى الخدمات التي يتم تقديمها للمستهلكين، الأمر الذي يدفع ضعاف الأنفس إلى ابتكار طرق وأساليب جديدة في عملية الغش و التقليد بحيث يصعب الحكم على هذه المنتجات بأنها مقلدة أو مغشوشة بالطرق و الأساليب التي تم الكشف عنها سابقا أو الاعتماد عليها بانها هي الطريقة التي يتم الكشف بها عن الغش والتقليد بل يلزم مزيداً من البحث والتحري في حال الشك بأخذ عينات للفحص و عرضها على الخبير للتأكد من سلامتها من الغش.
مشيراً إلى أن كافة المواد الموجودة في الأسواق من مواد البناء والأجهزة الكهربائية وقطع الغيار وزيوت السيارات والمواد الغذائية والملابس والعطور ومواد التجميل وأحبار الطابعات وغيرها من السلع الاستهلاكية بل وصل الأمر إلى غش الأدوية التي يتناولها المريض وسبب زيادة وجود الغش التجاري في السلطنة يعود لكونه من الدول المستوردة للعديد من السلع، إلا أن الغش في المواد الغذائية يأخذ نصيب الأسد من عمليات الغش.
يأتي كل ذلك من منطلق أهداف إنشاء الهيئة العامة لحماية المستهلك بموجب المرسوم السلطاني رقم 26/2011م والتي تتمثل في حماية حقوق المستهلك بتطبيق أعلى معايير سلامة وصحة المستهلكين لحمايتهم من جميع أنواع التجاوزات ومنها مكافحة الغش التجاري والتقليد، أما من الناحية القانونية فقد سنت الهيئة القوانين والتشريعات الفعالة للحد من هذه الظاهرة، فجاءت المادة السابعة من الفصل الأول من قانون حماية المستهلك الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 66/ 2014م بحظر تداول أي سلعة مغشوشة أو فاسدة أو مقلدة أو غير مصرح بتداولها، في حين حددت لائحته التنفيذية رقم 77/ 2017م ما يعتبر مغشوشا أو فاسدا أو مقلدا، هذا إضافة إلى مجموعة من القرارات التي قضت بسحب مجموعة من السلع المغشوشة من الأسواق.

دور الهيئة التوعوي
وتقول عايدة بنت عيسى الزدجالية مديرة دائرة الإعلام بالهيئة العامة لحماية المستهلك بأن وعي المستهلك هو خط دفاعه الأول ،فقد أولت الهيئة الجانب التوعوي والتثقيفي بمخاطر هذه الظاهرة عناية واهتماما بالغا، فقامت بتنظيم الحملات، و نشر الصفحات، وإعداد المطويات، وإجراء المقابلات الإذاعية والتلفزيونية، إضافة إلى إقامة المحاضرات والمشاركة في مختلف الفعاليات للتوعية بالغش التجاري وآثاره السلبية على المستهلك وكيفية حماية نفسه وعائلته منها. كما أنها لم تهمل الجانب الإلكتروني في نشر التوعوية في هذا الجانب. كما خصصت الهيئة معرضا بديوان عام الهيئة يشتمل على نماذج من السلع الأصلية وشبيهها من المقلد لتوعية الزائر بماهية السلع المقلدة وآثارها السلبية المترتبة على استخدامها، ويفتح أبوابه للزوار في أوقات الدوام الرسمية، مؤكدة أن الهيئة العامة لحماية المستهلك تواصل في تعزيز مساعيها لمحاربة الغش التجاري في محافظات وولايات السلطنة، بكوادرها الوطنية المؤهلة في استقصاء بعض الظواهر التي تنتج عنها ظاهرة الغش التجاري. والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه التلاعب بصحة وسلامة المستهلك.