مسقط - لورا نصره
تماماً كما صدحت فيروز في أغنيتها «يا حلم المراعي» والتي تقول فيها: «سوقي القطيع إلى المراعي، وامضي إلى خضر البقاع».. تتجلى هنا في محافظة ظفار كلمات هذه الأغنية مع موسم الخطلة أو الخطيل وهي عادة ملاك الإبل في موسم الصرب. ولكن فيروز لا تصدح هنا بل ترتفع أهازيج الرعاة بألحان تراثية جميلة.
من صلالة مسلم بن سالم بن أحمد الرواس الذي يعمل في وزارة التربية والتعليم. يروي لنا قصة هذا الموسم والعادات التي تتخلله.
يقول مسلم: موسم الخطيل هو الموسم الذي يأتي بعد نزول الأمطار أو ما يسمى محلياً بالخريف، حيث تكون درجات الحرارة في معظم مناطق الوطن العربي شديدة للغاية، إلا في هذا الجزء الجنوبي من سلطنة عمان والذي ينعم بجو استثنائي جميل خلال الأشهر من نهاية يونيو لغاية منتصف سبتمبر، حيث تنزل الأمطار في كثير من ولايات المحافظة وتنخفض درجات الحرارة إلى مستويات معتدلة جداً.
وبعدها وفي بداية شهر أكتوبر يبدأ موسم الصرب حيث تبدأ عادة سرح الإبل أو الخطلة والتي تعارفت عليها قبائل محافظة ظفار منذ الأزل ولها وقت محدد، وهي عبارة عن تحرك قطعان كبيرة من الإبل من سهول ومناطق، ولايات المحافظة إلى الجبال والوديان والتي تكون قد اكتست أشجارها ونباتاتها وأرضها بكثير من المراعي الخصبة حيث تتحرك تلك الأعداد الكبيرة بمعية أصحابها سيراً على الأقدام حيث يسود التعاون والإخاء بينهم لتوجيه تلك الأعداد من الإبل إلى حيث تم التخطيط له من قبل وكأنهم على قلب رجل واحد.
هنا تبدأ قصة جميلة تحمل إرثا تاريخيا وعربيا عريقا لهذه المنطقة حيث الانسجام التام بين الناس وبين هذه المخلوقات العجيبة التي ذكرها الله في القرآن الكريم والتي تعز كثيراً على أصحابها فهي لديهم رمزاً للشرف والنبل والعزة والاباء والكرم ولذلك يكون هذا الموسم هو من أكثر المواسم انشراحاً وسروراً لدى الرعاة برغم المسافات الطويلة والشاقة التي يقطعونها على أرجلهم حاملين معهم زادهم على ظهورهم في أحيان كثيرة ولمدة شهر كامل.
حيث لا تسمع إلا رزيم الإبل وأصوات العصافير وأهازيج الرعاة الذين يتغنون بهذا الموسم الذين ترقبوه طويلاً حيث يسوقون نوقهم إلى أكثر الأماكن رعياً وخصوبة.
ويترجم هذا السرور بعمل أهازيج وفنون تعبيراً عن فرحتهم وإحياءً لتراثهم الجميل
وخاصة أثناء الاستراحات في المساء وبين أحضان الطبيعة الخلابة مفترشين الأرض وملتحفين السماء.
ومن هذه الفنون فن الهبوت والنانا، وهي أغاني لها كلمات وألحان محلية من الفن الظفاري الأصيل.
وهكذا يستمر خطيل الإبل حتى يحين موعد ورود الإبل الماء في اليوم المعروف عندها تفترق قطعان الإبل الكبيرة إلى أقسام صغيرة مع أصحابها وذلك لإعلان ختام موسم الخطيل.
عندها تعود الإبل إلى أماكنها التي كانت عليها قبل موسم الخريف بانتظار موسم آخر باشتياق شديد.
* تصوير وفيديو: محمد الرواس