كرة القدم قضية أمن قومي في كوريا الشمالية

الجماهير الأحد ٢٠/مارس/٢٠١٦ ١٩:٠٧ م
كرة القدم قضية أمن قومي في كوريا الشمالية

بيونج يانج - د ب أ: يعتبر المجتمع الدولي كوريا الشمالية بمثابة دولة تجسد التراجع فيما يتعلق بالتنمية وحقوق الإنسان ولكن لا ينطبق هذا الأمر على مدرسة كرة القدم الدولية في بيونج يانج التي أنشئت في 2013 بدعم من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، حيث تظهر كشيء آخر يتمتع بحداثة مدهشة.
على العشب الأخضر الصناعي لملعب الأول من مايو، الأكبر في العالم بسعة 150 ألف متفرج، ينفذ عدد من الشباب الموهوب تدريبات بالكرة. إنهم أمل نظام كيم يونج أون والذي يثق بأنه في يوم ليس ببعيد يمكنهم قيادة طفرة في المنتخب الوطني.
وتعد كرة القدم، مثل أي شيء في كوريا الشمالية، قضية دولة. إنها أداة لتجميل الصور المتدهورة للنظام من الأساس، ولكنها في نفس الوقت وسيلة ترفيه شعبية، لذا فإن بعض المباريات في البطولات الدولية الكبرى تبث على التلفاز هناك.
ويوجد في كوريا الشمالية دوري مكون من 12 فريقا حيث يقول اللاعب السابق هيون شول صاحب الـ55 عاما والذي يدير مدرسة بيونج يانج الدولية لكرة القدم "جميعهم لاعبون محترفون".
وعلى الرغم من الشعبية والدعم الحكومي للساحرة المستديرة في كوريا الشمالية، فإن نجاحات وانجازات منتخب الرجال قليلة. وكانت كوريا الشمالية تمكنت في 2010 من التأهل للمرة الثانية في تاريخها للمونديال ولكن لم يتمكن الفريق الآسيوي من اللحاق بنسخة 2014 التي احتضنتها البرازيل.
ويتذكر القدامى أيام المجد في مونديال انجلترا عام 1966 حينما تمكنت كوريا الشمالية في أول مشاركة مونديالية لها من الفوز على إيطاليا بهدف نظيف بل ووصلت لربع النهائي.
يقول هيون "سنحتاج لعشر سنوات أخرى للعودة للمونديال"، ولكنه يشير من ناحية أخرى إلى أن الوضع في منتخب السيدات يختلف كثيرا لأن فريقهن يعتبر من صفوة كرة القدم الآسيوية النسائية وكان له حضور دائم في المونديالات الأخيرة، ولكن في بطولة كندا 2015 منعت مشاركته بسبب حالات المنشطات".
يقول كيم مين جيو، وهو دبلوماسي كوري شمالي سابق نفى نفسه اختياريا في كوريا الجنوبية "الرياضة تلعب دورا كبيرا في الجهاز الدعائي للبلاد".

ويؤكد كيم أن نجاحات الرياضيين الكوريين الشماليين في الخارج تعتبر من قبل النظام بمثابة دليل على تفوقه. هذا بجانب أن البهجة التي تدخلها هذه الانجازات تساعد المواطنين على نسيان حاجاتهم التي لا يمكن تلبيتها.
لذا فمن المنطقي أن يضيف كيم مين جيو "الحكومة تعرف هذه القدرة الخاصة بالرياضة وتستخدمها بمهارة".
ويتابع الزعيم الكوري الشمالي كيم يونج أون بنفسه مدرسة بيونج يانج الدولية لكرة القدم، التي حظت بدعم من خزائن (فيفا)، عن كثب وداخل منشآتها يمكن مشاهدة لوحة تذكارية لزيارته لها في التاسع من يونيو 2013 حينما توجه إلى هناك لإعطاء بعض التعليمات شخصيا.
تقول إحدى العاملات أثناء زيارة لعدد من الصحفيين الدوليين للمدرسة "كيم يحب كرة القدم كثيرا".
وتقارب المدرسة في حد ذاتها مراكز التأهيل الكروي الدولية، فللأطفال الذين تتراوح أعمارهم من تسع إلى 15 عاما توجد سبعة ملاعب متاحة بعضها مزود بسقف، هذا بخلاف وجود قاعات للدروس ومقصف وغرف مشتركة بل وحتى قاعة حاسب آلي.
تقول السلطات "استخدام الانترنت متاح للطلاب"، ولكن في الحقيقة هذا الأمر مشكوك فيه حيث أن الولوج للأنترنت في كوريا الشمالية غالبا ما يكون مقصورا على الأجانب ودائرة صغيرة من المختارين، هذا أيضا بخلاف أن الشبكة العنكبوتية في البلد الآسيوي محدودة للغاية.
ويوجد في مدرسة بوينج يانج الدولية لكرة القدم 194 طالبا بمعدل ستة ذكور لأربع إناث، كما يقول هيون.
ويتم اختيار شباب المدرسة من قبل كشافين وباحثين عن مواهب في أندية المقاطعات، ولكن قبل إدخالهم للمدرسة يجب أن يتخطوا سلسلة من الاختبارات البدنية بل وفحوص ذكاء في العاصمة بيونج يانج.
من ضمن هؤلاء المختارين، لي كوانج يو، ذلك الشاب الذي يبلغ عمره 13 عاما ويحلم باللعب في كرة القدم الأوروبية حيث يقول إن قدوته ومثله الأعلى هو لاعب برشلونة السابق الإسباني تشافي هيرنانديز. يقول لي "أرغب كثيرا اللعب في كرة القدم الإسبانية". الفتى يحلم بصورة كبيرة ولكنه سبق وشارك بالفعل لعدة شهور في معسكر تدريبي بإسبانيا.
يضيف الطفل أن والديه لم يفكرا ولو للحظة في إبداء موافقتهما على انضمامه للمدرسة، ومشيرا من ناحية أخرى إلى أن من ضمن مرجعياته في كرة القدم المنتخب الألماني بسبب قدراته الفنية والبدنية، على حد تعبيره.
"
أحب أن ألعب أمامهم في المونديال".. يقول لي هذه العبارة وكل ما يفكر به حقا هو كرة القدم، ولكنه حلم يشاركه فيه الرئيس قاس القلب كيم يونج أون ولكن لأسباب أخرى مغايرة تماما لتلك التي تخص الفتى الصغير.