علي بن راشد المطاعني
التأمين الصحي في البلاد يفرض نفسه الآن وبقوة على العديد من الأصعدة والمستويات سواء الفردية أو المؤسساتية، باعتباره خيارا مهما لا بديل عنه في ضوء العديد من المستجدات والمتغيرات الحياتية والاقتصادية، وهو ما يدفع الجهات المختصة نحو إحلاله بشكل جزئي وبما يتواكب مع تطور المجتمع والانفتاح الاقتصادي.
ولعل بدء تطبيق التأمين الصحي للعاملين في القطاع الخاص ابتداء من العام المقبل خطوة جيدة لتشجيع هذا الجانب بشكل أكبر مما هو عليه الآن والانتقال به من التأمين الاختياري إلى الإلزامي الذي من شأنه أن ينعكس إيجابا على العديد من الجوانب منها تشجيع القطاع الصحي الخاص على الانتعاش ولتكون لدينا مستشفيات خاصة بمعنى الكلمة كما في العديد من الدول.
إن نمو قطاع التأمين الصحي الخاص في السلطنة بنسبة 30% وفق إحصائيات عام 2017 مقارنة مع عام 2016، وارتفاع أقساط التأمين الصحي بنسبة 16% لتصل إلى 134 مليون ريال، جميعها مؤشرات طيبة تعكس الرغبة فيه من قبل شرائح المجتمع وفئاته وشركاته وهو ما يجب أن يتواكب مع سن تشريعات وقوانين تنظم هذا الجانب وتشجع عليه وترتقي بقيمة بوالص التأمين الخاصة به.
ولعل شمولية تطبيق التأمين الصحي على العاملين في القطاع الخاص له ما يبرره، فالإحصائيات تشير إلى أن 446 ألف عامل بالقطاع الخاص مؤمن عليهم صحيا من أصل 2 مليون عامل عُماني وأجنبي في السلطنة أي ربع العاملين في القطاع الخاص، الجانب الآخر هو أن العلاج حق مكتسب للإنسان لا ينبغي التراجع عنه تحت أي شعار كان، فهو يعود بالنفع على العامل إزاء ترسيخ عامل الطمأنينة له ولأسرته ويبعد عنه شبح المرض الذي لا يستأذن أحدا وعذابات تلقي العلاج، وفي ذات الوقت فهو يجنب الشركات تكبد مبالغ طائلة في الصرف على علاج العاملين لديها خاصة في الحالات الخطرة والاستثنائية.
إذن فإن التشجيع على التأمين الصحي له العديد من الفوائد والمكاسب التي يصعب حصرها في هذه العجالة، غير أننا نؤكد أن استثمار القطاع الخاص في هذا المجال لن يغدو جاذبا ما لم يتوفر سوق يغري بجدوى إغداق الأموال فيه، وهذه النقطة لن يضمنها إلا التأمين الصحي وفق لغة الرياضيات التي يفهمها المستثمر أكثر من غيرها.
كما لا نغفل أن التأمين الصحي كلما اتسعت حلقاته وزادت الاستثمارات فيه قلّ الضغط على القطاع الصحي الحكومي ليجد متسعا لتوجيه إمكانياته وطاقاته لتجويد الخدمات في الرعاية الصحية الثانية والثالثة، عندها يحدث التكامل المرتجى في هذا المجال.
نأمل أن تستطيل مظلة التأمين الصحي لتغطي السلطنة بنحو متسارع، فمكاسبه الإجمالية مغرية ومردودها الاجتماعي يصب في خانة توفير عوامل الاستقرار النفسي والوظيفي للعاملين، وهو أمر يصب بالتأكيد في خانة رفع معدلات الإنتاج والإنتاجية وهو الهدف الأسمى الذي تسعى الدولة جاهدة لترسيخه كمبدأ يصب في نهاية المطاف في صالح الوطن والمواطن على حد سواء.