الدب.. حارس الأسد

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٠/مارس/٢٠١٦ ٠١:٠٩ ص
الدب.. حارس الأسد

محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby

شعر العالم أن الرئيس الروسي بوتين باغته حينما أعلن الكرملين عن سحب الجزء الأساسي من قواته المقاتلة في سوريا..

لم يعلن القيصر عن حجم واضح للمقاتلات، وللقتلة، الذين سيسحبهم من هذا الوطن العربي المثقل بالدم، كما أنه عاجز أيضا عن حجم مشاركته في قتل الشعب السوري من خلال آلاف الطلعات الجوية من القصف المكثف، والذي مكّن جيش الأسد من استلام زمام المبادرة من جديد للتقدم بعد فترات من التراجع تحت وطء زحف مقاتلين وقتلة، معارضين ومجرمين، حتى أن المواطن السوري لا يستطيع على وجه التحديد معرفة أي قاتل يحوم في فضاء الشام يلقي حمم نيرانه وبراميله المتفجرة فتقضي عائلات تحت رمادها وجدرانها.

قال المحللون إن الدب يتخلى عن الأسد.. وفي روسيا وسوريا تتدافع التفسيرات الحكومية بأن ما جرى «متفق عليه».. ولست بصدد تحليل ما يجري، حيث جميع ما يقوله المحللون مجرد تفسير فعل، لا يمكن الجزم بصدقيته في ضوء الدخان المتكاثف والغبار المتصاعد رغم الحديث عن هدنة استثنت فصائل من القتلة، وما يجمعهم هو أنهم يقومون بالقتل باسم الإسلام.. هؤلاء لا يمكن للعالم، غربه وشرقه، أن يتسامح معهم، وهذا من التناقضات المبكية والمريبة في وضع العالم العربي بعد زلازل عام 2011، وما حدث فيها من سقوط عروش واهتزاز دول.
بصيغة ما أستعيد اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية بعد 15 عاما من المآسي بسبب الطائفية.. نجح الاتفاق في إنهاء الحرب لكنه لم يحقق مفهوم الدولة كما كانت لبنان قبل تلك الحرب، والدليل على ذلك بقاء بلد كلبنان، الحرية والديموقراطية، دون رئيس دولة مع عجز برلماني عن إحداث فجوة في جدار الخلافات بين الفرقاء على تسمية رئيس.
المقاربة مع الوضع السوري هي أنه يمكن أن تتوقف الحرب، لكن ثمن السلام يبدو أشد قسوة من ثمن الحرب.. كيف يمكن تبرير هذه الخسارات المذهلة في بلد محدود الموارد، والقبول بوقف النار، مع شعور المحاربين أنه كان يمكنهم تحقيق شيء على الأرض لصالحهم..
نظام بشار الأسد مدعوم من روسيا وإيران وحزب الله، واستمراريته دين يتوجب دفعه لا محالة للذين قدموا المال والسلاح والمواقف الداعمة للحيلولة دون قرار أممي يجيز خطوات غير نتيجتها حتما التدخل العسكري.. وفي المقابل المعارضة التي انقسمت إلى عشرات الفصائل والتوجهات، وتداخلت مع مغامرين جاؤوا للقتل وحده بشعارات صدمت حتى القوى المعارضة الحقيقية في سعيها لمجتمع مدني حر يستحقه المواطن السوري بعد سنوات من الحرب، وقبلها عقود من تكميم الأفواه والقبضة المخابراتية.
بعد كل تلك المكاسب «الأسدية» على الأرض، هل جرت تفاهمات تحت الطاولة بين الغريمين «أمريكا وروسيا» بمباركة أوروبية ستظهر نتائجها قريبا؟
النتيجة تبدو واحدة، لن يعود الوطن السوري كما كان بعد هذا التمزق المرعب، تماما كما هو الوضع العراقي، واليمني.. حتى أن الصومال تبدو أحسن حالا، وقد كانت المخاوف من «الصوملة» كبيرة بما يفوق مفردات أخرى من نوع «اللبننة» و»الأفغنة».. ورحم الله أمتنا!