محمد بن سيف الرحبي
www.facebook.com
msrahbyalrahby@gmail.com
لا أحسب أن زيارة صاحب السمو السيد فهد بن محمود آل سعيد مجرد جولة تفقدية ليرى مجلس عمان، والجلوس على فنجان قهوة مع الرئيسين وأعضاء المكتبين التنفيذيين في مجلسي الدولة والشورى. جاءت الزيارة بعد يوم من الإعلان عن رد صاحب الجلالة قوانين إلى المجلس. هكذا تبدو الصورة أوضح.. مجلسا الدولة والشورى وهناك مجلس الوزراء، والسيد فهد الشخصية الأولى فيه، بعد جلالة السلطان المعظم.
المرحلة لا تتحمل الانفراد بالقرار.. لأن الدولة أشد ما تكون لمجلس عمان، والرهان عليه أخطر؛ لأن الناس تنتظر من مجلس عمان ما لا تنتظره من مجلس الوزراء، وتثق في قدرته على فرملة الاجتهادات الفردية لبعض المسؤولين (وليس في هذا سر)، أكثر مما تثق في مجلس الوزراء، وقدر أعضائه أن يكونوا العنوان العريض لأية حالة تراجع أو اتهامات، لا لأنهم ليسوا على قدر المسؤولية (جميعهم)، ولكن ما يحسب على الحكومة فإنه لدى الناس قابل للشك والاتهام، وفي زمن الواتساب والفيسبوك وتويتر يصبح حتى القول السليم قابلاً للتأويل والتشنيع بصاحبه، كيفما شاءت «التغريدات» والألسن.
هل هي زيارة «تطييب خاطر» جاءت بتوجيه من جلالته؟ ذلك احتمال.. وهل هي زيارة للتنسيق أكثر في مرحلة بالغة الأهمية؟ ذلك مؤكد.
ومع هذه المرحلة (الحساسة) هناك مجلسان (مكوّنا مجلس عمان) يتمتعان بقدر عالٍ من المرونة وروح الشباب، لكن مجلس الوزراء لم يحدث به تغيير منذ ما قبل رحلة جلالته -عافاه الله- إلى الخارج للعلاج، وكذلك على مستوى الصف الثاني (الوكلاء) وفيهم من لم يقدم ما يشفع له البقاء عاما واحدا، لكنهم استمروا عقدا من السنين. وبديهي أنه إذا تشبّع الجالس على الكرسي من جلسته وارتاح إليها فلن يبقى لديه الشغف للعمل وإطلاق الأفكار الجديدة، مع ما تمثله حالات البقاء الطويل من ظهور البطانات، صالحها وطالحها.
كانت تصريحات السيد فهد بذلك الشعور بأهمية القول أن تكون المجالس الثلاثة يداً واحدة، والبحث عن حلول «واقعية» مهمة الجميع، لا الحكومة فقط، وهذا يدركه المخططون الإستراتيجيون ورجال الاقتصاد، أولئك الذين يخدمون البلد.. لا ينهبون البلد!
في هذه المرحلة بدأ الشعور بالخطر الاقتصادي وما يمثله من مخاطر على الاستقرار الداخلي ماثلا للجميع، فأحداث 2011 وجدت سيولة عالية استطاعت أن تكون الماء القادر على إطفاء الحرائق، لكن تحديات 2016 تتطلب حكمة واقتراباً من الناس أكثر، فبعد خمسة أشهر أمامنا عشرات الآلاف من خريجي الدبلوم العام يترقبون فرص دراسة كالتي حصل عليها سابقوهم، والجامعات (الحكومية والخاصة) تعاني في أغلبها من ظروف لا تخفى على أحد..
والأخطر أن أولئك الذين منحوا مقاعد دراسية بعشرات الآلاف من الفرص تخرجوا أو أوشكوا على التخرج، بمعنى أنهم يريدون وظيفة بدرجة خريج جامعي، لا دبلوم عام.. وفوق كل ذلك.. خزينة تعاني العجز رغم كل التوفير والتقشف.