القيمة المضافة منك وإليك!

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠١/أكتوبر/٢٠١٨ ١١:٤٣ ص
القيمة المضافة منك وإليك!

في الوقت الذي يجب أن نعي فيه حقيقة أن أي إيرادات مالية سواء كانت ضرائب أو رسوم أو غيرها من الإيرادات النفطية أو غير النفطية تدخل في الميزانية العامة للدولة يعاد ضخها في المشاريع التنموية والخدمات والرواتب وغيرها من بنود الميزانية العامة للدولة، فلا يجب تأويل الأمور إلى غير ذلك، فمسارات العمل الوطنية ماضية من خلال مؤسسات الدولة المختلفة التي تقوم بواجباتها وفق اختصاصاتها في إدارة هذه الجوانب.

إن الخدمات التي تقدمها الدولة لمواطنيها والتجويد والتحسين الكمي والكيفي لتلك الخدمات تأتي من إيرادات الدولة، وكلما زادت انعكس ذلك عليها والعكس صحيح طبعا، فمساهمة أفراد المجتمع في تلك المنظومة هي في الواقع عائدة إليهم على هيئة خدمات وتسهيلات هم في أمس الحاجة إليها.

فما يجب الإيمان به بأن الضرائب شيء لابد منه ولا نقول شر لابد منه، ولسوف يأتي اليوم الذي تطبق فيه لا محالة في اتساق مع ما هو مطبق في دول العالم، على ذلك لابد من تهيئة الواقع بنحو تراعى فيه الفئات المحدودة في المجتمع، حتى لا يقع ظلم على غير المقتدرين الذين لا يحتملون التخلي عن ريال واحد من مدخولهم الشهرية وهذا في اعتقادنا يؤخذ في الاعتبار والشواهد كثيرة.
فالجدل الدائر حاليا يتعين أن يركز جهوده على الدراسات الميدانية التي تكفل تحقيق العدالة الاجتماعية يوم التطبيق مثل القيمة المضافة أو غيرها، وفي ذات الوقت إقرار الضريبة بنحو يحقق الارتقاء بالخدمات وتجويدها وتطويرها وتحسينها، وتهيئة المجتمع لكي يتواكب مع المتغيرات الحياتية المتسارعة، وضرورة التكيف معها بشكل إيجابي يسهم في تغير واقعه للأفضل من خلال سلوكيات إيجابية فعالة، وليس تكريس النظرة بأن المجتمع عاجز وغير قادر.
ومن الحقائق الجوهرية التي ينبغي النظر إليها من باب العدل هو أن الضريبة تشمل المواطنين والمقيمين على حد سواء، فهم جزء لا يتجزأ من المجتمع ويستفيدون من ذات الخدمات المقدمة، في حين أن مساهمتهم ضئيلة، بل من باب التخويف اللا إيجابي هناك من يلوح بعصا هروب المستثمرين إلى غير ذلك من التوجسات غير المبررة، غير أن الحقيقة المثلى تقول إن أي مستثمر هو في الأساس اقتصادي ضليع وهو يعلم سر وأسرار الضرائب، ويعلم لماذا تفرض ويعلم جدواها ومنافعها وهو يعلم أنها مطبقة في بلاده ويعلم أن نسبتها المئوية ضئيلة بقدر لا يضر بمبدأ الاستثمار، ولو كانت غير ذلك لما فتحت الدولة أبوابها للمستثمرين من كل بقاع العالم، فلا يجب المبالغة في هذه الجزئيات ووضعها كالشماعة في مواجهة كل التوجهات الحكومية.
فضريبة القيمة المضافة على سبيل المثال تتهيأ لها السلطنة في سياق الالتحاق بركب دول مجلس التعاون الخليجي التي طبقت في بعضها بغير أن تقع كارثة ما، خاصة أنه سيتم إعفاء 94 سلعة ومنتج أساسي من ضريبة القيمة المضافة في السلطنة، تشمل قوائم المواد الغذائية والأدوية والتعليم وغيرها من الخدمات والمنتجات، في إطار حرص الحكومة على عدم إيقاع أي أذى على المواطن البسيط فهذه المنتجات والسلع المعفية أكثر ما يستهلكه الفرد، بل يعكس مراعاة الحكومة للضروريات التي تمس حياة المواطن، فما يثار حول هذه الضريبة لا داعي له أساسا، قبل معرفة أبجديات الضريبة وما تشمله وما يعفى عنه، فلا يجب أن نستبق الأحداث بشكل يثير المخاوف أكثر من اللازم فأضراره أكبر من فوائده. نأمل العمل على تهيئة المجتمع نحو الأفضل ومراعاة الواقع والمستجدات المحيطة بنا في هذا الشأن و غيره، فالدولة ما برحت تقدم الخدمات الأساسية مجانية أو شبه مجانية في إطار حرصها التنموي الذي لا تراجع عنه، في المقابل حان الوقت لكي يشاطرها حمل هذا الوزن الثقيل بعض الفئات القادرة في المجتمع إذا رغبنا تجويد الخدمات والارتقاء بها كما ونوعا.. وأن نثق أن الحكومة تعمل كل ما من شأنه صالح الوطن والمواطن بكل إمكانياتها.