رسالة سعودية الى اوباما

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٠/مارس/٢٠١٦ ٠٠:٤٩ ص
رسالة سعودية الى اوباما

احمد المرشد

المثير للدهشة أن الاجتماع الوزاري العربي تزامن تقريبا مع تصريحات غير دبلوماسية بالمرة للرئيس الأمريكي باراك أوباما، دعا فيها السعودية والخليج من جهة وإيران من جهة أخري للتعايش وكأننا الذين بادرنا بالتدخل في الشئون الداخلية الإيرانية ، وكأننا أرسلنا إرهابيين للمناطق الإيرانية لإحراقها وإشعال الفتنة بين مواطنيها، وكأننا أرسلنا بجيوشنا وخبرائنا ومستشارينا العسكريين لتدريب قوي المعارضة و الشر وتأليبها علي حكامهم. ويبدو أن السيد أوباما وهو يستعد لمغادرة البيت الأبيض – غير مأسوف عليه لينطبق المثل القائل "يارايح كثر من الفضائح"، فهو يطالبنا بالتعايش مع إيران بعدما تخلي عن الموقف الأمريكي القديم حيال طهران وفرض العقوبات الاقتصادية والعسكرية عليها ، ثم يوعز إلينا بالتعايش معها بعدما أبرم معهم الاتفاق النووي المشكوك في نواياه.. فكيف يسألنا أوباما الذي أثبت بتصريحاته الأخيرة عدم علمه بأمور السياسة والدنيا، وهو الذي يدعونا الي التوصل لعلاقات حسن الجوار، وهو لم يدرك بعد حجم أعمال العنف التي تعرضت لها السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد عقب الأحكام القضائية السعودية بحق بعض الإرهابيين الذين أرادوا إشعال المملكة وإرهاب مواطنيها والمقيمين الأجانب بها، ألم يدرك الرئيس الأمريكي أن هذه الأحكام طالت الذين قتلوا أجانب ومن بينهم أمريكيين؟ ومن الواضح أنه لم يدرك بعد مخاطر الإيرانيين ؟.

ألم يجد الرئيس الأمريكي مستشارا أمينا يبلغه بكذب وزيف تصريحاته لصحيفة "ذا اتلانتيك"، خاصة قوله :" إن المنافسة بين إيران والسعودية أدت لحروب بالوكالة والفوضى من سوريا إلى العراق واليمن"..ألم يعلم أوباما أن السعودية ومعها دول الخليج – ومناورة رعد الشمال الأخيرة أفضل شاهد علي هذا – يعملون علي استقرار الأوضاع في المنطقة؟..لقد كذب الرئيس الأمريكي عندما قال إن وقوف بلاده إلى جانب الشركاء الخليجيين سيجبر الولايات المتحدة لاستخدام القوة العسكرية لتعديل النتائج، لأننا لا نريد منه أو من غيره الوقوف بجانبنا في غير الحق وإنما مناصرة الحق وليس غيره، وهو لم يعد يدرك طبيعة التطورات في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج تحديدا، وقد أنساه الاتفاق النووي العدو من الصديق.

ولكم أعجبني رد الأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعودية السابق والسفير الأسبق للمملكة في المملكة المتحدة و الولايات المتحدة الأمريكية، علي تقولات ما يدعي أنه الرئيس الأمريكي، فقد لقنه درسا قاسيا في كيفية أن يتحدث رئيس دولة مثل أمريكا، فما كان له أن يقول مثل ما قاله من تصريحات فجة. فقد عدد الفيصل دور السعودية في الحفاظ علي أمن واستقرار المنطقة وكيف ساهمت في تكوين التحالف الدولي لمحاربة داعش وكيف دربت ودعمت السوريين الأحرار، الذين يقاتلون الإرهابي الأكبر، بشار الأسد، والإرهابيين الآخرين، فقد كانت اول من قدم جنودها لكي يكون التحالف أكثر فعالية في إبادة الإرهابيين. كما كانت السعودية أول من بادر إلى تقديم الدعم العسكري والسياسي والإنساني للشعب اليمني، ليسترد بلاده من براثن ميليشيا الحوثيين المجرمة؛ التي حاولت، بدعم من القيادة الإيرانية، احتلال اليمن، ومن دون أن تطلب قوات أمريكية. وأشار الفيصل الي دور بلاده في تأسيس تحالف ضم أكثر من ثلاثين دولة مسلمة، لمحاربة كافة أطياف الإرهاب في العالم، وأنها أكبر متبرع للنشاطات الإنسانية التي ترعى اللاجئين السوريين واليمنيين والعراقيين.. وهي التي تحارب العقائد المتطرفة التي تسعى لاختطاف الدين الإسلامي السمح..وغيره وغيره من المواقف السعودية التي اعتقد أن الرئيس الأمريكي تجاهلها عن عمد في تصريحاته للصحيفة الأمريكية.

لقد انقلب أوباما كما ذكر الأمير تركي الفيصل في رده عليه :(والآن تنقلب علينا وتتهمنا بتأجيج الصراع الطائفي في سوريا واليمن والعراق، وتزيد الطين بلة بدعوتنا إلى أن نتشارك مع إيران في منطقتنا إيران التي تصفها أنت بأنها راعية للإرهاب، وأنت الذي سبق ووعدت: "بمناهضة نشاطاتها التخريبية". هل هذا نابع من استيائك من دعم المملكة للشعب المصري، الذي هب ضد حكومة الإخوان المسلمين التي دعمتها أنت؟ أم هو نابع من ضربة مليكنا الراحل عبد الله، رحمه الله، على الطاولة في لقائكما الأخير، حيث قال لك: "لا خطوط حمراء منك، مرة أخرى، يا فخامة الرئيس: أم إنك انحرفت بالهوى إلى القيادة الإيرانية إلى حد أنك تساوي بين صداقة المملكة المستمرة لثمانين عاما مع أمريكا، وقيادة إيرانية مستمرة في وصف أمريكا بأنها العدو الأكبر والشيطان الأكبر، والتي تسلح وتمول وتؤيد الميليشيات الطائفية في العالمين العربي والإسلامي، والتي ما زالت تؤوي قيادات "القاعدة" حتى الآن، والتي تمنع انتخاب رئيس في لبنان من قبل "حزب الله" المصنف من حكومتك بأنه منظمة إرهابية، والتي تمعن في قتل الشعب السوري العربي؟)..حقا، لقد كان رد الأمير تركي الفيصل لأوباما درسا بليغا في السياسة الخارجية وكيف يتكلم الرئيس.

الانسحاب الروسي من سوريا .. الأسباب والأهداف

لقد كان الأسبوع الفائت حافلا بالتطورات، وكان من بينها إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سحب قواته العاملة في سوريا، وعلي خلفية هذا القرار المفاجئ اشتعلت التكهنات في المنطقة ما بين قرب حل الأزمة السورية سياسيا طالما قرر الرئيس الروسي سحب قواته الداعمة للرئيس السوري بشار الأسد وتركه وحيدا في معارك قتله لشعبه وتشريده له..غير أن هذا القرار وما تبعه من تداعيات من المبكر جدا تفسيره علي أنه قرار روسي بترك الأسد وحيدا، فالمفاوضات السياسية بدأت وربما كانت موسكو تأمل أن تودي الي انفراجة سياسية للأزمة المستفحلة منذ خمس سنوات وأدت الي مقتل نحو 400 الف شخص وتشريد ونزوح نحو 12 مليونا من السوريين الي خارج وطنهم ليشكلوا أكبر أزمة لاجئين في العالم.

القرار الذي اتخذه بوتين بعد اجتماع عقده مع وزيري خارجيته سيرجى لافروف ودفاعه سيرجى شويجو ربما ينم عن قلق روسي من امداد السعودية للجيش الحر بصواريخ حرارية مضادة للطائرات أدت إحداها الي اسقاط مقاتلة روسية ، وربما جاء تخوفا من مواجهات محتملة مع القوات العربية التي ستتشكل من قوات"رعد الشمال، وربما الخوف من كابوس تكرار مأساتهم وخسائرهم في إفغانستان التي كلفتهم سمعتهم العسكرية وأفقدتهم ميزتهم وقتها كقوي عظمي.
وللموضوع بقية..

كاتب ومحلل سياسي بحريني