الخليج والنفط ازمه ام سياسه

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٠/مارس/٢٠١٦ ٠٠:٤٥ ص
الخليج والنفط ازمه ام سياسه

د حامد بن شظا المرجان

يتحدث كثير من الاقتصاديين عن دول الخليج وازمه النفط العالميه وكيف تعاني دول الخليج من عجز مالى خطير بسبب انخفاض اسعار النفط منذ سنتين تقريبا وكخبير تنموى او اقتصاد سياسى سؤالى هو اين ذهبت اموال دول الخليج عندما كان سعر برميل النفط 140 دولار لاكثر من سنوات، اذكر عند حصول الازمه الماليه العالميه قبل سنوات كانت لدى دول الخليج احتياطى مالى اكثر من اربعه الاف ترليون دولار، وكانت هذه الاموال حسب ماصرحت به موسسات المال والاقتصاد موجوده على شكل سيوله او استثمار . الغريب فى الموضوع باننا نسمع من خبراء الاقتصاد والمال فى ظل ازمه النفط اراء مختلفه حول الاقتصاد الخليجى ومدى قدرته على الصمود اذا استمرت الاسعار فى الهبوط. لا عجب أن قال الاقتصادى الانجليزى جون مينارد كينزJ.M.Keynes انك اذا طلبت من ستة اقتصاديين ان يخبروك برأيهم فى قضية ما، حصلت منهم على سبعة اراء. ان هذا التعدد فى الاراء، والتغيير المستمر من جانب الاقتصاديين لما يقدمونه من اجابات واراء حول ازمه النفط وتاثيرها عى الدول المنتجه والمستورده يعتمد على اجندات سياسيه واقتصاديه محليه و عالميه وهذا ما يجعل الاقتصاديين يغيرون أرائهم كلما تغيرت ظروف العالم و المجتمع واحواله ثارت فى الذهن أسئلة جديدة لم يكن يهم الناس الاجابة عنها قبل ذلك. بل وكلما تغيرت ظروف المجتمع واحواله، لا بد ان تتغير معها، ليس فقط ألاسئله التى تشغل الاذهان، بل والاجابات ايضا. وقد يقول قائل ان من الطبيعى تماما ان الاجابة التى يقدمها الاقتصادى وتكون صحيحه فى عصر ما, قد لا تصح فى عصر اخر، بعكس الحال فى علم الطبيعة, اذ أن الخصائص المادية للظواهر الطبيعية لا تتغير من وقت لاخر او بين بلد واخر، او على الاقل لاتتغير بقدر ماتتغير به الظواهر الاقتصادية. مثلا تتغير اجابة الاقتصاديين على السوال ماالذى يحدد الثمن؟، من القول بان الذى يحدد ثمن السلعة هى كمية العمل المبذول فى انتاجها، الى القول بأنه كمية المنفعة التى تجلبها لمشتريها، الى القول بانه يتحدد بالعرض والطلب. ولكن حتى هذه الاجابه الاخيرة، التى نميل اليوم الى اعتبارها الاجابه النهائيه والقول الفصل الذى لاشك فى صحته، حتى هذه الاجابة هناك بعض الاقتصاديين يرفضونها ويفضلون عليها نظرية الاقتصاد الاشتراكي التى ترد الثمن الى العمل. لا شك ان العوامل الاجتماعية والسياسية تلعب دورا مهما فى التخطيط الاقتصادىي فى دول الخليج مثلا ومدى تاثير الخطط الاقتصادية على استقرار المجتمعات ونموها وان النظره الاقتصادية لاتكفى لو حدها لتحقيق الامن والاستقرار للشعوب، نعم يمكن للشعوب ان تنموا اقتصاديا لو طبق عليها تخطيط اقتصادي يتعارض مع احوالها ولكن على حساب امنها واستقرارها، ما سمى بالانفتاح الاقتصادى او نظام اقتصاد السوق الحديث او الاصلاح الاقتصادى فى بعض الدول وتطبيقها لنظريات الاقتصاد الجديد، كانت نتيجة ذلك الى ارباك الدوله وموسساتها او عدم الاستقرار السياسى،لأن تطبيق نظريه الاقتصاد الحديث او الاصلاح الاقتصادى وتطبيقاته لا يتماشا مع ظروفها السياسية والاجتماعية.
ان نظام الاقتصاد الحديث الى اوصى بها بعض الاقتصاديين فى دول غرب اوروبا واصبحت احدى عناصر سياسة الاصلاح الاقتصادى التى يقترحها البنك الدولى على اساس ان التمادى فى استخدام الانماط الاقتصادية الاشتراكية تودى الى الركود، وتحويل بعض وحدات القطاع العام الى قطاع خاص يديرها بكفائه تودى لزيادة مستوى المعيشة وانعاش عنصر المنافسة وتودى فى النهاية لخفض التكاليف ورفع الانتاجية وتقديم خدمه متميزة فى الاسواق. بالرغم من مزايا نظام الاقتصاد الحديث التى ذكرتها ولكنه حظى باهتمام ومعارضة فى نفس الوقت ان حركة التحول الى القطاع الخاص اتت ببعض ثمارها فى بعض الدول المتقدمة لعدة اعتبارات من بينها وجود المناخ الاقتصادى المتكامل اما فى معظم دول العالم النامي فكان غياب المصداقية وعدم وجود البيئة الاقتصادية الصحيحة وراء تعثر تطبيق الخصخصه. تستطيع دول العالم النامى بان تستفيد من الخصخصة لو انها غيرة فى بعض عناصر الخصخصه وما يتناسب مع ظروفها الاجتماعية والسياسية من خلال بناء برنامج متكامل مدروس للخصخصة وجدول زمنى محدد للتنفيذ ومتابعة هذا التنفيذ واليات للاصلاح المالى الاقتصادى تحرير اسواق المال والقضاء على البيروقراطيه والاحتكارات. بالاضافه الى ضرورة توفير الاداره الفاعلة واختيار المديرين من ذوى الخبرة والقدره على المنافسة وليس الواسطه والمحسوبيه. مثل ماشرت اليه سابقا بان الاقتصاديين يغيروا ارائهم من وقت لاخر إلا انني استغرب من اصرار الاقتصاديين، كلما قدموا لنا اجابة جديده، على الزعم بانهم يقدمون لنا اجابه صالحة لكل زمان ومكان، مايصلح فى هذا المكان قد لا يصلح فى مكان اخر، واذا الخصخصه نجحت فى بعض الدول فهل تنجح فى دول الخليج مثلا. اذن لماذا يفرض البنك الدولى على بعض الدول تطبيق الخصخصة، يجب على الاقتصاديين ان يحاولوا ويدرسوا خصائص المجتمعات البشرية وعليهم مثل ماقال كينز ، ان ينظروا الى انفسهم على انهم يحتلون مركزا مماثلا من خلال تحديد النظرية الاقتصادية التى تنفع تنمية مجتمع ما.اذا كان صحيحا فيما يتعلق بعلم الاقتصاد فى الجزء المتعلق بموضوع التنمية الاقتصادية والتخلف الاقتصادى، داب الاقتصاديون على تغيير اسئلتهم واجاباتهم، ليس دائما بدافع الوصول الى الحقيقة بل كان السبب الاقوى لهذا التغيير المستمر فى نظريات النمو والتخلف هو تغيير المصالح السائدة وانتقال مصدر القوة الاقتصادية واتخاذ القرارات الحيوية من فئات او موسسات اجتماعية الى فئات او موسسات اخرى.يجب على الدول بشكل عام دراسه احوالها الاقتصاديه وما يتماشى مع مصالحها العليا وظروفها الاقتصاديه والسياسيه والاجتماعيه ولاتطبق سياسه الاصلاح الاقتصادى الذى ينصح به البنك الدولى وتلجاء الى موسساتها الاقتصاديه والاكاديميه لاختيار افضل الخيارات الاقتصاديه التى تحمى لها امنها واستقرارها ومصالحها العليا.

باحث ومستشار تنموى