الحزن يخيم على صحم

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٣٠/سبتمبر/٢٠١٨ ٠٣:١٨ ص
الحزن يخيم على صحم

علي بن راشد المطاعني

خيم الحزن على ولاية صحم وشمال الباطنة وكل أجزاء الوطن العزيز لوفاة عشرة أفراد من عائلة واحدة نتيجة حريق في إحدى الغرف وتسرب الدخان لبقية الغرف ما تسبب في اختناق أفراد الأسرة في واحدة من أسوأ الحوادث النادرة والمميتة، وبهذا النحو المؤسف والمحزن.

لقد غطت سحابة الحزن السوداء كل ولايات عُمان وليس صحم لوحدها طيلة الأيام الفائتة، وارتفعت الأكف لله -عز وجل- أن يشمل المتوفين بواسع رحمته وأن يلحقهم بالرفيق الأعلى من الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء.

وبما أن الفاجعة كانت أكبر من أن يستوعبها العقل دفعة واحدة فكان من الطبيعي أن تتصدر الاهتمام في كل وسائل الإعلام الإلكترونية والتقليدية، فلقد تفاعلت وسائل التواصل الاجتماعية مع الفاجعة بعد أن توشحت باللون الأسود.

ومع تسليمنا الكامل بقضاء الله وقدره، ومع إيماننا بأنه لا راد لأمر الله -عز وجل، إلا أن هذه الحادثة لا يجب أن تمر مرور الكرام دون أن نستخلص منها الدروس والمواعظ والعبر، وأن نخضع ظروفها وملابساتها للتمحيص والتدقيق، وأن نصل للكيفية التي اندلع بها الحريق، كل ذلك من أجل ترتيب أوراقنا استعدادا للمرحلة المقبلة.
والمرحلة المقبلة تتطلب منا كمجتمع وكأجهزة رسمية وأمنية وشرطية أن نفعّل إمكانات الحذر والحيطة والاحتراس تلافيا لوقوع حادث مماثل أو مشابه لا قدّر الله.
بداية لابد من أن نحرص على تزويد كل المنازل وفي محافظات السلطنة كافة بأجهزة السلامة، ومنها أجهزة الاستشعار الإلكتروني والتي باتت متوافرة وفي متناول اليد وبأسعار رخصية لا تقارن بما تقدمه من جلائل الأعمال، فكما نعلم أن النوم في حقيقته موت مؤقت، وما كان للحادثة أن تخلف ضحايا لو أن الحريق اندلع نهارا.
كما أنه لابد من إعادة النظر في الكيفية التي تتم بها التوصيلات الكهرباء بالمنازل، وهل تتم بالفعل من قبل مهندسين مختصين وأكفاء ومرخص لهم من قبل الجهات الرسمية، كما لابد من التأكد من سلامة المعدات والأسلاك الكهربائية والتأكد من مطابقتها للمواصفات القياسية المعمول بها في البلاد.
فالتوعية بهذه الأمور يجب أن تحتل أهمية كبيرة في البرامج التوعوية المختلفة للجهات الحكومية كالبلديات والبرامج الأهلية والحملات التطوعية المختلفة التي عليها مسؤوليات كبيرة في ترسيخ أسس الأمن والسلامة في حياتنا اليومية، ناهيك عن الدور الذي يجب أن تضطلع به دور العلم كالمدارس والكليات والجامعات في هذا الشأن، فاليوم هناك ما يربو على مليون طالب في مؤسسات التعليم من الروضة إلى الجامعات، فيجب أن تبدأ هذه المؤسسات حملات توعوية في كل ما يتعلق بصحة الإنسان وسلامته، وجميل لو ضُمنت تلك البرامج في المناهج الدراسية.
بالطبع الحوادث ستقع ما بقيت هناك ممارسات خاطئة وأخطاء بشرية وضعف في الرقابة، مع الاستهانة بمثل هذه الجوانب والركون على ظن كاذب مؤداه بأنها وإن وقعت فمن المستبعد أن تقع تارة أخرى، هذا الركون الهش آن الأوان للتخلص منه وإلى الأبد.
نتضرع إلى المولى -عز وجل- أن يكون هذا الحادث آخر أحزان أهالي صحم والسلطنة والعالم أيضا، وأن نستفيد منه بشكل عملي وممنهج، وذلك بإعادة النظر في منظومتنا التوعوية والإرشادية ولما فيه سلامة الإنسان وممتلكاته فهو أغلى وأعز ما نملك.