سلطان البلوشي: أزمة الحرّاس تتمثل في عدم وجود البديل للحارس الأساسي مدرب حرّاس المرمى

الجماهير الاثنين ١١/يناير/٢٠١٦ ٠٠:٢٥ ص
سلطان البلوشي: أزمة الحرّاس تتمثل في عدم وجود البديل للحارس الأساسي

مدرب حرّاس المرمى

حاوره – حميد البلوشي

ضيفنا له تجارب في حراسة المرمى وتدريب الحراس في السلطنة وخاض تجربة احترافية في ماليزيا وسنغافورة ويروي لنا جزءاً من قصة التدريب التي خاضها، ويؤكد د. سلطان بن صالح بن محمد البلوشي حاصل على درجة الدكتوراه في تنمية الموارد البشرية وماجستير في حراسة المرمى وهو مدرب حراس مرمى في نادي الشباب ومحلل في قناة هلا إف إم الإذاعية ذو 37 سنة عن حاجة السلطنة إلى مشروع وطني لحراسة المرمى مؤكدا أن المدرب العماني بحاجه لمزيد من التطوير في تدريب الحراس، «الشبيبة» التقت بالدكتور سلطان البلوشي في هذا الحوار:

حدّثنا عن تجربتك في حراسة المرمى؟

تجربتي الشخصية مع حراسة المرمى ليس طويلة بحجم الطموح الذي كنت أمتلكه، فقد بدأت حياتي الرياضية كحارس مرمى في فريق الأشبال بنـادي المضيبي التي ولدت وترعرعت فيها، ثم انتقلت لنـادي بركة الموز -سابقاً- ونزوى -حالياً- في موسم 1995م بحكم دراستي الجامعية في كلية نزوى ولم أتمكن من مواصلة مشواري كحارس مرمى بسبب الإصابة القاضية التي ألمت بي جراء حادث سير مما اضطرني إلى اتخاذ قرار الاعتزال في سن مبكرة.

ماذا عن تجربتك في الدوري الماليزي؟

تجربتي مع المنتخب الأولمبي الماليزي جاءت عن طريق تزكية اسمي من قبل الكابتن هارون عامر البرطماني لمدرب حراس المنتخب الأولمبي الماليزي السيد يونج واي فانج للعمل معهم ضمن الجهاز الفني بحكم وجودي هناك للدراسات العليا في مرحلة الدكتوراه، خصوصاً وأن الظروف كانت مواتية حيث إن المدرب يونج واي فانج كان مشغولاً بعمله كمحاضر لدورات مدربي حراس المرمى (آسيوياً ودولياً) فتمت تجربتي وكانت أول تجربة احترافية لي وأصعبها حيث كانت تدريبات المنتخب تحت الأجواء الماطرة، وكنت أقطع مسافة طويلة جداً بالمترو يومياً بحكم أن مقر دراستي في منطقة (Nilai) والمنتخب يتدرب في منطقة (Kelana Jaya) في استاد (Stadium MBPJ Kelana Jaya)، لكنها كانت تجربة مثرية لي شخصياً وأضافت لي الكثير من الناحية الفنية والحمد لله أثبت وجودي هناك كأول مدرب حراس مرمى عماني محترف.

ما هو الفرق الذي لمسته من خلال تجربتك في شرق آسيا مقارنه بدورينا؟

الفرق بين كرتنا العمانية والكرة في شرق آسيا، هو فرق في الإمكانات المادية وطريقة التخطيط السليم والتنفيذ الذي تتم متابعته وفق أسس علمية مقننة، فهم يضعون الأهداف المتاحة حسب إمكانياتهم المادية والبشرية ويسخرون كل السبل لإنجاح تلك الأهداف لكن يعملون وفق مبادئ المحاسبية وعمليات التقييم والتقويم، كما أنهم يقدرون عمل الكادر البشري وقيمته الفنية ويمنحونه حقه كاملاً سواء كان مادياً أم معنوياً، كما يعملون على إتاحة الفرصة كاملة بدون التدخل في جزئيات العمل، وهذا ما لا يوجد لدينا، لكن نتفوق نحن عليهم بوجود مواهب بالفطرة تحتاج فقط إلى من يصقلها ويقف إلى جانبها، بينما هم يعانون من قلة المواهب ويعملون على تصنيع الموهبة ومع ذلك أؤكد لكم بأنه لا توجد مقارنة بين مواهبنا العمانية ومواهبهم.

هل تعتقد أن تدريب حراس دورينا «يمشي بالبركة»؟

مدرب حراس المرمى في أنديتنا وللأسف إلى الآن يعد إطاراً تكميلياً لبقية الجهاز الفني لا أكثر، فالبعض يلجأ إلى حارس مرمى قديم اعتزل اللعبة مع أنه ليس بالضرورة أن يكون مدرب حراس المرمى فقط لأنه كان حارسا لمرمى أحد الأندية، فالدراسة والاطلاع والمتابعة ومعرفة الخطط التدريبية العالمية لحراس المرمى وكيفية تجهيز الحارس نفسيا أهم بكثير من أن يكون فقط حارسا سابقا، والبعض يلجأ إلى الاستعانة بخدمات مدرب غير مؤهل ولا يملك شهادات أو خبرات تدريبية، والبعض الأسوأ لا يملك مدرب حراس مرمى بتاتاً وهو يلعب في دوري عمانتل للمحترفين، كيف لنا أن نرتقي بمستوى حراسة المرمى في السلطنة إذا كانت هذه توجهات إدارات الأندية المحلية؟!

الاتحاد العماني لكرة القدم يعمل على تأهيل مدربي حراس المرمى وإلحاقهم بدورات كأعداد فقط، بينما لا توجد آلية معينة بينه وبين الأندية لإتاحة الفرصة للمدربين العمانيين المؤهلين والحاصلين على الشهادات والخبرات التدريبية في مجال حراسة المرمى، والمدرب لا يمكنه فرض نفسه على نادٍ معين بحد ذاته، وآخر كادر بشري يفكر النادي في التعاقد معه ضمن الجهاز الفني هو مدرب حراس المرمى، وإن تعاقد فإنه يبحث عن الأقل سعراً بدون التفكير في جودة الأداء.

ماهي الأسس الصحيحة والعلمية لكي نحصل على حارس مرمى مميز ونصنع حارساً للمستقبل؟

أن يكون طوله من 175-185سم،‏ وأن يكون وزنه ما بين 70-80 كجم، وأن يكون نظره حاداً سليماً، مع مرونة العضلات وسهولة حركة المفاصل لضمان التحرك بسهولة نحو اتجاه الكرة، والجرأة من غير تهور حتى لا يخشى الخصم ويؤدي كل محاولة لمسك الكرة، وأن لا يكون متردداً في مسك الكرة أو مهاجمة الخصم أو في قيامه بأي وظيفة من وظائفه، مع تركيز التفكير في المباراة دون أي أمر آخر، والثقة بالنفس وهدوء الأعصاب وخاصة قبل وأثناء المباراة، وتنظيم الوقت عند الخروج من المرمى، وتجنب الحركات الاستعراضية، وأن يكون لديه القدرة على الارتماء والطيران في الهواء مع الهبوط السليم بالأرض مع مراعاة السلامة وعدم الإصابة، والاعتماد على النفس وقدرته على تحمل المسؤوليات وبدون تراجع، وحسن التصرف وسرعة رد الفعل، وأن يمتلك الرشاقة الخاصة بحراس المرمى، والقدرة السريعة على التفكير والتوقيت والتلبية والتوافق، وأن يتعمق في دراسة التكنيكات المختلفة ليواجهها وأن يتقن قانون اللعبة، والتفاهم من الناحية النفسية والعلمية مع لاعبي خط الدفاع. كما يتم تصنيف حراس المرمى إلى أربعة: حارس لا تصله الكرة كثيراً وهو أفضل حراس المرمى، وحارس تصله الكرة كثيراً لكنها تكون في متناول يديه وقلما يرتمي لالتقاطها وهو حارس جيد، وحارس تصله الكرة كثيراً وفي زوايا صعبة يجتهد في إخراجها والتعامل معها وينجح في ذلك كثيراً وهو حارس غير جيد، وحارس تصله الكرة كثيراً وفي مناطق صعبة ولا يستطيع التعامل معها، وهذا ليس بحارس مرمى.

ماذا ينقص مدرب الحرّاس العماني؟

ينقص مدرب حراس المرمى العماني، الاطلاع والقراءة ومتابعة كل ما هو جديد في عالم حراسة المرمى، عدا ذلك فإن مدرب حراس المرمى العماني مؤهل وكفؤ وبفضل الله التجارب الناجحة في هذا المجال عديدة، المدرب العماني أفضل في تدريب حراس المرمى حيث أثبت كفاءته ونجح في صنع حراس مرمى مميزين، فإذا أردنا حراساً مميزين وحتى نخرج من النفق المظلم الحالي لابد من الاهتمام بمدربي الحراس وابتعاثهم إلى الخارج من أجل التأهيل أو فترات معايشة.

هل تلمس وجود أزمة حراس مرمى في دورينا؟

الأزمة الحقيقية ليست في حراس المرمى ولكن في استهلاك المتميزين منهم، بحيث لا توجد أي فترات راحة للحراس المتميزين للحصول على التعافي (الاستشفاء) والمشاركة باستمرار مما يولد ضغطاً شديداً على حارس المرمى يؤثر على مستواه الفني، السبب الذي ولّد أزمة حراس في الأندية لدينا أنه حيث لا يوجد حارس بديل بنفس مستوى الحارس الأساسي في معظم الأندية، في المقابل لا توجد أزمة حراس مرمى في المنتخبات لأنهم ينتقون الصفوة، فالمواهب موجودة والمشكلة الحقيقية تكمن في عدم وجود دعم للناشئين لأن هذه المرحلة هي التي يتم فيها صناعة حارس المرمى لتقديمه للفريق الأول جاهزاً.

لابد أن يكون هناك مدربي حراس مرمى محترفون وعلى أعلى مستوى لتدريب هذه الفئات السنية وتزويدهم بالخبرات اللازمة التي تؤهلهم للعب وتنمية مهاراتهم وإمكاناتهم الفنية وإشراكهم في تدريبات الفريق الأول، ومن خلال هذه المشاركة يحصل الحارس على الثقة المطلوبة.

هل تتفق مع مقولة «مدربو حراس المرمى هم آخر الخيارات لدى بعض الأندية»؟

في هذه الجزئية لا أتفق فقط، لا بل لدي شواهد وأدلة عديدة على صحة هذه المقولة، وأقربها تجربتي الشخصية مع بداية هذا الموسم، فبالرغم من كوني مدرب حراس مرمى محترفاً بدرجة دكتور، لم يتفق مع أي نادي لتدريب حراسه بشكل جدي وعلمي ممنهج حسب الآلية الاحترافية التي اتبعها في عملي كمدرب حراس مرمى إلى الآن، الكل هنا يعمل برؤية أن مدرب حراس المرمى مهمته ركل الكرة لحراس المرمى لمدة 20 دقيقة ثم يزج بحراس المرمى في تقسيمة مطولة مع بقية لاعبي الفريق، أين خطة تدريب حراس المرمى. أين أهداف مدرب حراس المرمى؟ ما هو الاتفاق الذي تم على أساسه بناء العقد بين مدرب حراس المرمى والنادي؟ هل يعمل مدرب حراس المرمى على تقييم مستوى أداء حراس مرمى الفريق أثناء التدريبات بشكل مستمر؟ هل يقوم مدرب حراس المرمى بتحليل أداء حراس المرمى في المباريات الرسمية والودية ويبني عليها تحضير الحصص التدريبية اللاحقة؟...إلــخ، كل ذلك لا يعيره أياً كان مجرد انتباه بسيط، لذلك فالمقولة صحيحة فعلاً.

ماهي الأسماء التي لفتت الأنظار إليها؟

حارس مرمى نادي صحار مطر الوشاحي، نجم صاعد بقوة في حراسة المرمى.

هل نستطيع إيجاد حارس آخر للاحتراف الخارجي غير علي الحبسي؟

نعم نستطيع وبكل قوة، لكن السؤال هل يستطيع هذا الحارس أن يسلك الطريق الصعب والشاق الذي سلكه علي الحبسي؟ هل سيكون بنفس الفكر الاحترافي الذي تعامل به علي الحبسي مع تجربته الاحترافية؟

هل تعتقد أن هناك حارس مرمى مظلوماً في الدوري؟

أرى أن جميع حراس المرمى الأساسيين والبدلاء مظلومون، لأن أساس العمل في حراسة المرمى غير سليم وليس مبنياً على قواعد علمية، ولا على تقييم وتقويم أداء حراس المرمى، ولا على العمل على مبدأ إتاحة الفرص، متى ما وجد تخطيط جيد وتنفيذ سليم ومتابعة دقيقة ومحاسبية تقوم على الثواب والعقاب سيشعر جميع حراس المرمى بالعدل، والحلول لا يمكن الحديث عنها دون دراسة الأسباب وراء تراجع المستوى، وجعلها محل بحث لحل المشكلة ونحتاج وجود مدرسة متخصصة في تخريج حراس للمرمى وانتداب خبراء لها من المدربين الجيدين الذين يستطيعون أن يقدموا لنا حراساً متميزين وضرورة العناية بمرحلة الناشئين والحرص على إعدادهم بشكل جيد ومميز والبحث عن المواهب الناشئة وصقلها حتى نحصل على حراس مرمى مميزين في أنديتنا، وأن يجد المدربون الثقة في الأندية والمنتخبات لما لأهمية مدرب الحراس في إعداد المنتخبات الوطنية في كل خطوطها وتحفيز مدربي حراس المرمى لممارسة دورهم التدريبي عقب اعتزالهم اللعب والاستفادة من خبراتهم.

أؤكد أن أخطاء حراس المرمى غير العادية هي بسبب حجم ونوع المنافسة التي يخوضها حارس المرمى والتي تتطلب تركيزا كبيرا، لكنني شخصيا اعتبر أن الخطأ الأكبر هو تشريح (وليس نقد) حراس المرمى في وسائل الإعلام ومن قبل أشخاص غير معنيين بحراسة المرمى لأن هذا لا يخدم الحارس معنوياً، حيث يزيد الضغط عليه.

الغريب أنه بمجرد أن يرتكب الحارس خطأ معينا، ينقلب الجميع ضده، ويكون الحل السهل في تغييره وإجلاسه على الدكة، وهو خطأ كبير، فحتى أحسن الحراس في العالم يرتكبون أخطاء تكلف خسارة فرقهم كالحارس الإسباني كاسياس، لكن المدرب يجدد الثقة فيه من أجل تدارك ذلك، وتقديم مستوى أفضل. المسؤولية تقع على الأندية في ضرورة توسيع قاعدة الاختيار بالنسبة للحراس لأن الحارس ليس لاعباً عادياً ويحتاج إلى مواصفات جسمانية خاصة من حيث الطول والقوة، ومعظم الأندية تعاني من عدم وجود الحراس المتميزين وحتى عندما يظهر حارس جيد قد ينتظر لوقت طويل حتى يحصل على فرصته في فريقه نظرا للاعتماد على أصحاب الخبرات القادرين على تحمل ضغط المباريات.
أرى أن المشكلة تحتاج لوقت طويل حتى تجد حلاً ونبدأ أولاً من البحث في المدارس وفي الدورات التي تقام للبراعم ويتم صقل هؤلاء الحراس والاهتمام بهم واستقدام أفضل المدربين المتخصصين لتأهيلهم حتى تكون لدينا قاعدة عريضة من الحراس الذين يفيدون أنديتنا، وكذلك المنتخبات الوطنية المختلفة.

هل من كلمة أخيرة تحب توجيهها؟

لدينا مدربو حراس مرمى عمانيين يقومون بالمهمة في بعض الأندية لكن للأسف لا يمنحون في المقابل نفس العائد المادي الذي يمنح لمدرب حراس المرمى الأجنبي ويفتقد مدرب حراس المرمى العماني لفرصة العمل والمساحة الكافية في الأندية والمنتخبات بسبب عدم وجود الثقة، مع أنه أثبت في مناسبات عدة أنه الأفضل والأكفأ ولمن يشكك في مدربي حراس المرمى العمانيين أقول: لدينا حاليا 15 مدرب حراس يحملون المستوى level 1 ولدينا أكثر من 7 مدربين يحملون شهادة level 2 فما يشاع أنه لا يوجد مدربو حراس مرمى عمانيين ليس له أساس من الصحة، والموهبة والرغبة في اللعب في هذا المركز من أهم العناصر والمواصفات، لكن ذلك وحده لا يكفي إذ لا بد من وجود تدريب متميز لأن دور المدرب هو صقل هذه الموهبة بأساليب تدريبية علمية للارتقاء بها للمستوى الفني العالي، ولا يأتي ذلك بمجرد التدريب اليومي العادي أو بالتدريب الجماعي مع الفريق حراسة المنتخب لا خوف عليها، نملك قائمة من الحراس الواعدين الذين ينتظرهم مستقبل واعد وهم حاليا في المنتخبات الوطنية ووجودهم في المنتخبات السنية يمنحهم مزيداً من الثقة والالتزام والدافع وأيضا تطور مستواهم من الجانب الفني أمثال يوسف الشيادي حارس منتخب الناشئين وإبراهيم المخيني وعمار الرشيدي في منتخب الشباب وأحمد الرواحي وبلال جلال البلوشي حراس المنتخب الأولمبي، وهؤلاء بإمكانهم أن يتوارثوا حراسة منتخبنا مستقبلا لو تم الاهتمام بهم.

ما هي أمنياتك وطموحاتك؟

عكفت طويلاً وسخرت كل خبراتي وخرجت بتصور مقترح لمشروع وطني هادف وهو: (تقييم وتحليل أداء حراس المرمى في المباريات) وللأسف لم يجد المشروع آذاناً صاغية من جميع الجهات التي وصل إليها المشروع، بينما الكل يعلم أن حراسة المرمى في السلطنة شكلت في المواسم الأخيرة نقطة ضعف قوية وكانت أكثر المشاكل بسبب حراسة المرمى، أتمنى أن يجد هذا المشروع الوطني النور قريباً، خصوصاً وأنه يعتمد على استمارات وإحصاءات معدة بطريقة علمية بحتة تقدم تشخيصاً فنياً بحتاً لأداء حراس المرمى، عوضاً عن التهم الملقاة على عاتق حراس المرمى ومدربيهم جزافاً.