السلوكيات السلبية تهدد شجرة «العلعلان» بالانقراض

بلادنا الأربعاء ١٩/سبتمبر/٢٠١٨ ٠١:٥٦ ص
السلوكيات السلبية تهدد شجرة «العلعلان» بالانقراض

الجبل الأخضر - أسد بن حارث الزكواني

مشهد جميل وطبيعة خلابة على قمة جبل شمس والجبل الأخضر من خلال النظر إلى أشجار معمرة نادرة الوجود ذات شكل مميز تسر العين، ولكن لا تكتمل الفرحة عند العبث بالحياة البرية النادرة في الجبل الأخضر، مشهد يتكرر لأكثر من مرة عند زيارة السياح للاستمتاع بالأجواء الباردة في الجبل الأخضر إلا أن «بعضهم» يقوم بحرق أشجار العلعلان المعمرة نادرة الوجود على طبيعة السلطنة مخلفة على النفس الحزن الشديد، غير مدركين في نفوسهم الأفعال التي تساعد في القضاء على جمال الحياة البرية للبيئة نادرة الوجود.

ولقد كانت لـ«الشبيبة» وقفة لعرض أهمية أشجار العلعلان في الطبيعة البرية للجبل الأخضر، وأهم المشاكل التي تهددها بالانقراض.

مميزات وأهمية شجرة العلعلان

«العلعلان» من الفصيلة الصنوبرية وتسمى العرعر توجد في البيئة الأصلية على شكل شجرة عطرية دائمة الخضرة في مرتفعات الجبل الأخضر وجبل شمس والجبال القريبة منهما، ساقها متفرع وقد يصل ارتفاعه إلى 12م وتكون الأوراق على هيئة حراشف والأزهار المذكرة لونها الأخضر يتحول إلى الأصفر أما المخاريط المؤنثة فتتغير بلونها الأرجواني الذي يتحول إلى الأزرق، والجدير بالذكر أن عمرها يصل أكثر من 2000 عاما. وحول أهمية شجرة «العلعلان» تحدثنا فاطمة بنت خالد الزدجالية الباحثة البيئية بمركز الوطني للبحث الميداني في مجال حفظ البيئة بديوان البلاط السلطاني قائلة: شجرة العلعلان تتميز برائحتها العطرية الزكية التي تنفرد بها عن غيرها من البلدان الأخرى وتعد من أجمل الأشجار النباتية في مرتفعات الجبل الأخضر، إذ يستفاد من خشب العلعلان في العمارة والنجارة قديما لما يميز أخشابها بالقوة وعدم تأثره بمتغيرات الطقس والتربة، ويستخرج من سيقان هذه الشجرة «صمغ» يذاب ليصبح سائلا ثم يشرب لزيادة الحفظ، وثماره تشبه الكرز في غذاء الحيوانات وأخشابه محنطة بحنوط يمنعها من السوس مهما طال الزمان، يفيد دخان ثمار «العلعلان» في طرد الزواحف والبعوض فتهرب من المكان الذي ينتشر فيه الدخان، والأوراق الطازجة أو المجففة تغلى جيدا والمحلول الناتج يستخدم لمعالجة مشاكل «المعدة» والبعض يستخدم ثماره للتزين كقلادة.

التهديدات التي تعمل

على تدمير البيئة الجبلية

تتعرض الأشجار البرية إلى الكثير من التهديدات التي تعمل على تدمير البيئة الجبلية، وأبرز هذه التهديدات تستعرضها فاطمة الزدجالية بالقول: أولا «الجفاف» للجفاف تأثير كبير على كل من المنظومة البيئية والزراعية في المنطقة المتضررة، ورغم أن فترات الجفاف التي قد تستمر لسنوات عديدة فإن فترة قصيرة من الجفاف الشديد كفيلة بإلحاق أضرار هائلة للنباتات والأشجار البرية. ثم «الأنشطة البشرية»: وتعد ثاني التهديدات من الإنسان الذي يعمل على تدمير البيئة الجبلية. وتتعرض النباتات البرية إلى الكثير من التهديدات من قبل الإنسان، وأشارت فاطمة الزدجالية إلى ذلك بالقول: يعد الجبل الأخضر من أبرز المناطق التي يوجد فيها سياح إذ يقوم بعض السياح بالجلوس تحت الأشجار البرية لكي يستفيدوا من ظلها، ولكن بعضهم يقوم بإشعال النار بالقرب من الأشجار مما يؤدي إلى تضررها والبعض الآخر يقوم بكسر أغصانها. أيضا من خلال قطع الأشجار بطريقة جائرة وعشوائية، وشق الطرق كما نعلم فإن كوكب الأرض يتعرض لتحولات خطيرة من الناحية الجيولوجية والمناخية والبيئية، وكل هذا نتج عن تصرفات الإنسان السلبية وعدم احترامه للتوازن البيولوجي وتلويثه للبيئة من خلال أنشطته المختلفة. إن عمليات المحافظة على البيئة الطبيعية تتطلب إمكانيات مادية وبشرية بإحداث نشاطات مولدة للمواد التي تضمن التمويل الذاتي، وزيادة الإقبال على السياحة وارتفاع أعداد السياح وتنوع دوافعهم يؤدي إلى ظهور العديد من الآثار البيئية السلبية مثل التدهور السريع لبعض الموارد الطبيعية والحضارية والازدحام والتلوث وتأثيرها على البيئة المائية وتؤثر على البيئة الجبلية من خلال ما يتم من أعمال مد الطرق وإقامة المنتجعات السياحية. ثم هناك «الرعي الجائر»: إذ يتم الضغط على المراعي الطبيعية من قطعان الأغنام ويحدث بتمكين أعداد كبيرة من الحيوانات بالتغذي على بقعة محدودة من المراعي مما يؤدي إلى تدهور التربة الذي قد يرافقه تقليل ثبات التربة وقابليتها للتجريف بفعل عوامل التعرية من الرياح والأمطار، وقد يؤدي إلى تصحر تلك المراعي، ورغم أن الكثيرين يعانون من الرعي الجائر إلا أنه لا يعد من التهديدات الرئيسية التي تؤثر على النباتات البرية في الجبل الأخضر إلا بشكل قليل جدا، وأيضا هناك نوع آخر من الحيوانات التي تسبب الرعي الجائر وهي «الحمير» إذ تنتشر بشكل كبير في الجبل الأخضر وتقوم باستغلال معظم المراعي، مما يستدعي العمل من أجل المحافظة على التوازن في الطبيعة.

دور المركز في الحفاظ على البيئة

وهنا تبين لنا الباحثة البيئية دور المركز قائلة: المركز قام بإجراء عديد من المسوحات في تنوع الأحيائي من طيور وفراشات وزواحف في مناطق مختلفة من الجبل الأخضر، اطلق المركز الوطني للبحث الميداني في مجال حفظ البيئة مشروع الحفاظ على الغطاء النباتي وعمل كثير من المسوحات فيه ويهدف إلى التعاون مع المجتمع المحلي والشركاء الآخرين لتحديد متطلبات الحماية، نظرا لكون المجتمع المحلي شريكا أساسيا في المحافظة على أشجار العلعلان وتعد هذه الدراسة الأولى من نوعها التي تنفذ في السلطنة وهي من الدراسات البيئية الشائعة في كثير من دول العالم، أيضا موجهة بشكل أساسي لتقييم المعرفة البيئية لدى أفراد المجتمع من أجل تحديد الموجة المناسبة لمبادرة الحفاظ على البيئة. أيضا قام الباحثون بالمركز بالتقييم الغطاء النباتي وجمع البيانات حول أوضاع النباتات والعوامل البيئية وتأثير البشر بهدف تحديد ما يواجه أشجار العلعلان وأشجار العتم من المهددات، حيث تسلط الدراسة الضوء على العلاقة المباشرة بين التخطيط للمحافظة على البيئة من جهة والمعرفة المحلية والسلوك والكفاءات من جهة أخرى، كما تسلط الضوء على الفرص المستقبلية لمشاركة المجتمع المحلي في تخطيط وتطبيق سياسات الحفاظ على البيئة في الجبل الأخضر والمناطق الأخرى من السلطنة، أيضا يقوم المركز بتدريب عدد من طلاب الجامعات والكليات المختلفة على عمل المسوحات في التنوع البيئي.