وقف التحويلات المالية للعمال الهاربين

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٠/سبتمبر/٢٠١٨ ٠٤:٠٧ ص
وقف التحويلات المالية للعمال الهاربين

علي بن راشد المطاعني

يعاني أصحاب العمل من مشكلة العمال الهاربين كأحد معضلات سوق العمل في السلطنة التي ما برحت تشكل هاجسا أمنيا واقتصاديا واجتماعيا له عواقبه الوخيمة، وتسعى الجهات المختصة جاهدة لإيجاد معالجة للظاهرة بكل الأطر والتشريعات الهادفة للحد منها.
هناك اقتراحات ترى أنه من الممكن معالجة الظاهرة من خلال منع وإيقاف التحويلات المالية من القوى العاملة الهاربة والمبلغ عنها عن طريق وزارة القوى العاملة عبر تعميم قوائم أسماء الهاربين على الجهات المصرفية وشركات تحويل الأموال ولتحرم بالتالي من تحويل أموالهم إلى بلدانهم كأحد الإجراءات التي قد تحد من تنامي هذه الظاهرة وتأثيراتها على سوق العمل في المرحلة المقبلة، وهو ما يتطلب بحث ودراسة مثل هذه المقترحات للوقوف على جدواها وفاعليتها للحد من الظاهرة في إطار المساعي المبذولة الرامية لاجتثاثها من الجذور.
لا شك أن الجهات المختصة تسعى إلى تنظيم سوق العمل من خلال بعض الأطر والإجراءات التي تسهم في استقراره وإزالة التشوهات التي تعيق تنظيمه، لعل آخرها فرض غرامات على العامل الهارب عن كفيله، وفرض غرامات على أصحاب العمل الذين يتيحون فرص عمل للهاربين وغيرها من الإجراءات، وبالتالي فإن وقف تحويل الأموال ربما يكون أحد الإجراءات التي يجب أن تفرض على العامل الهارب من خلال الربط الآلي بين الجهات المختصة كوزارة القوى العاملة وشرطة عُمان السلطانية والبنوك وشركات تحويل الأموال بحيث يتم وقف رقمه المدني عن الاستخدام في أي تعاملات خلال فترة الهروب.
إن انتهاك القوانين المنظمة للعمل والإقامة في البلاد يجب أن تواجه بحزم، مثل الكثير من الدول وخاصة الأوروبية التي تجرم حتى تغيير مكان إقامة العامل، إذ يتوجب على المقيم إبلاغ مصلحة الهجرة والجوازات عند تغيير محل إقامته وعدم تغييرها يعد جريمة يعاقب عليها القانون، فعدم الإبلاغ يمثل خطرا أمنيا كبيرا على البلاد والعباد.
غير أن هذا الجانب لا يحظى لدينا بالاهتمام الكافي أو قد لا يجد أي اهتمام يذكر لدينا لأمور كثيرة منها عدم تنظيم العنونة في البلاد، لذلك فإن الدولة تدفع تكلفة عالية لسد تبعات هذه الثغرة التي كان من الممكن تلافيها بسهولة لو تم تطبيق هذا المبدأ الاحترازي، وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة لتغيير مكان الإقامة في تلك الدول فماذا نقول عمن يهربون ولا يعرف مكان إقامتهم أصلا وهو ما نعاني منه اليوم في بلادنا وهو ما يحتاج أيضا إلى تنظيم يحكم الكفيل بمعرفة إقامة العامل الذي تحت كفالته من خلال الضمانة له وعنوانه كجزء من الإجراءات التي يتطلب أن تشرع لحفظ الكثير من الحقوق وخاصة الأمنية.
بالطبع ظاهرة الهروب لن تحل بين ليلة وضحاها ولكن لا بد من البدء في التحرك الجاد للحد منها، فأي تباطؤ في التصدي للظاهرة تعني تفشيها وربما نجد أنفسنا في يوم من الأيام نعاني أضعافا مضاعفة نتيجة التراخي في التصدي لها منذ أن اتخذت هذا الوضع المقلق والمهدد للأمن والسلم الاجتماعي، لذلك لابد من إيجاد منظومة حلول متكاملة بالتنسيق بين الجهات المختصة تضع الجميع أمام المسؤولية سواء العامل أو صاحب العمل أو المشغل.
نأمل أن تدرس كل المقترحات التي تحد من انتهاك قوانين العمل والإقامة في البلاد وتجريمها ووضع الضوابط الصارمة التي تجعل من الهروب خطوة لا طائل من ورائها.