خلافات عن الركود

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٩/سبتمبر/٢٠١٨ ٠٤:٠٦ ص
خلافات عن الركود

روجر ي أ فارمر

إن الخلاف العلني بين الحائز على جائزة نوبل جوزيف ستيجليتز ووزير الخزانة الأمريكي الأسبق لاري سامرز هو خلاف جدير بالملاحظة بسبب العداء الشخصي الذي يعكسه ذلك الخلاف بين اقتصاديين يتفقان بشكل أساسي بالنسبة للأسس الاقتصادية.

يشن ستيجليتز هجوما واضحا على سامرز بسبب فشله في الإصرار على عجز مالي أضخم عندما كان يدير المجلس الاقتصادي القومي إبان فترة رئاسة أوباما.

لقد رد سامرز بإن الأمور السياسية جعلت التحفيز المالي الأكبر غير ممكن وبينما يتفق الاثنان على أنه كان بالإمكان التغلب على الركود العظيم بتحفيز مالي أكبر، لم يتقدم أي منهما بالنموذج الاقتصادي الذي يعكس ثقتهما بتلك النتيجة.
لقد قام سامرز بإحياء عمل ألفن هانسن والذي أتى بمفهوم الركود المزمن في الثلاثينات من القرن الفائت ولكن لم يقم سامرز بتقديم نموذج توازن عام ديناميكي مفصل لدعم نصيحته وفي كتاباته عن الموضوع، تنقل سامرز بسلاسة بين تعريف الركود المزمن على انة يتضمن معدلات نمو منخفضة بشكل دائم كنتيجة للاستثمار المنخفض وبأنه يتضمن توظيف أقل بشكل دائم كنتيجة لانخفاض الطلب الكلي.
إن هناك اختلافاً بين التعريفيين وفي ردة على ستيجليتز، يؤيد سامرز التعريف الثاني حيث يقول: «لو تركنا الأمور للاقتصاد الخاص فإن هذا الاقتصاد قد لا يستعيد قدرته على تحقيق التوظيف الكامل بعد انكماش حاد».
أنا اتفق مع هذا التأكيد حيث قدمت نظرية متماسكة تنص على أن الركود المزمن ينشأ بشكل تلقائي كنتيجة للتوقعات المنخفضة للأسر والشركات فيما يتعلق بالقيمة المستقبلية لأصولها.
إن هذه النظرية تدمج الاقتصاد الكينزي مع نظرية التوازن العام بطريقة جديدة. إن ارتفاع معدل الباحثين عن عمل المزمن ليس له علاقة بالأسعار الثابتة بل هو نتيجة للعامل المفقود في الأسواق.
سامرز يعرف تماماً أعمالي في هذا الموضوع حيث ناقشنا ذلك عندما زرت هارفارد سنة 2011 ومجدداً عندما ألقيت محاضرة في كلية لندن للاقتصاد سنة 2012 علما أنه في بادئ الأمر كان يدعم ذلك العمل من خلال مراسلاتنا عبر البريد الإلكتروني ولكن عندما أشرت بأن النظرية لا تدعم بشكل لا لبس فيه التوسع المالي على أساس أنه الرد المناسب على الركود، لم يعد سامرز مهتما بعملي.
إن من الصعوبة بمكان عادة قبول الأفكار الجديدة حيث تتطلب تلك الأفكار الاستثمار بطريقة تفكير جديدة يمكن ان تكون صعبة الاستيعاب وحتى بالنسبة لأشخاص بذكاء ستيجليتز وسامرز.
نحن لا نستطيع الاستمرار في تأكيدات لا أساس لها من الصحة عن السياسة الاقتصادية التي تستخدم التفسير الفاشل للنظرية العامة والتي انبثقت عن محاولة جون هيكس تطويع كينيز لتتلاءم مع الأسس الاقتصادية التقليدية.
إن هذه المقاربة تنعكس حاليا فيما يطلق عليه الآن الأسس الاقتصادية الكينزية الجديدة والتي رفضها سامرز نفسة وهو محق في ذلك لإنها لا تتوافق مع الركود المزمن. لكن ليس كافيا التأكيد على أن الركود المزمن هو احتمالية قائمة فلقد حان الوقت لمواجهة نظريات بديلة تتعلق بالركود المزمن بأدلة تجريبية كما فعلت. إن التأكيد على أن الأجور النقدية هي ثابتة من حيث ميلها للانخفاض هو ليس تفسيراً ذا مصداقية للبطالة المزمنة كما أنه لا يشكل تفسيرا ذا مصداقية لكينز والذي أكد على أن نظريته لا تعتمد على افتراض الأجور الثابتة.
أما بالنسبة للنموذج المفصل بشكل كامل والقائم على أساس معدلات باحثين عن عمل متعددة محتملة ومتوازنة فإن على المرء تفسير كيفية اختيار هذا التوازن ومن خلال عملي وجدت أن التوقعات –أو ما يطلق عليها الغريزة الحيوانية – هي أساس جديد ومستقل يحدد الحالة الثابتة لمعدل الباحثين عن عمل فعندما نشعر بأننا أغنياء، سنصبح أغنياء ولو كانت الغريزة الحيوانية بالفعل أساسية، فإنها تصبح مهمة في فهم العوامل التي تحدد التقلبات في الثقة.
لو كانت جرعة كبيرة من السياسة المالية التوسعية هي ليست الحل فإذن ما هو الحل؟ إن ردي هو أن الطريقة الصحيحة للاستجابة للأزمات المالية تكمن في سياسات تستعيد قيمة الأصول الخاصة والطريقة الصحيحة لمنع الأزمات المالية في المقام الأول هو في التدخل في الأسواق المالية للتخفيف من التقلبات في قيمة الأصول وتجنب الركود قبل وقوعه.

أستاذ الاقتصاد في جامعة وارويك ومدير الأبحاث في المعهد الوطني للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية بالولايات المتحدة.