استخدم الهاتف في القيادة!

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٧/مارس/٢٠١٦ ٠١:٠٠ ص
استخدم الهاتف في القيادة!

محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby

أنصحك عزيزي القارئ أن تستخدم هاتفك أثناء القيادة، وأركّز على قيادة المركبات (السيارات) لا أية قيادة أخرى يمكنك من خلال الهاتف ممارستها.. قيادة فريق عمل أو مؤسسة ما.. أنصحك أن لا تصدق ما يقوله شعار أسبوع المرور الخليجي، أو حتى الإحصائيات العالمية عن الحوادث التي تسببها هذا الجهاز العجيب وما أوقعته من وفيات وإصابات مؤلمة.

هل تسمع الرنة الناعمة الصادرة من هاتفك الجميل، لا ريب أنها رسالة واتسابية جميلة، طرفة ستضحك لأجلها، أو خبر يهمك توزيعه على المجموعات المتكاثرة يوما بعد آخر.. ربما صديق يدعوك لـ»عزومة» ويترقّب ردك فورا، أو إنها استفسار من «وزارة الداخلية» في بيتك، وسؤالها «وينك» يتطلب الدعاء بالثبات.

لماذا تريدنا الشرطة أن نكفّ عن تسلية اعتدنا عليها؟!
من يستطيع الصبر على الحرمان من الهاتف الذي يأتي بالجديد كل لحظة؟ أو يقاوم فضولا تأتي به رسائل من هنا وهناك، التسلية بمراسلة الأصدقاء للتغلب على طول المشوار؟ عين على الهاتف وأخرى على الطريق.. والخط الأبيض الفاصل بين اتجاهين، أو مسارين تدركه جيدا..
أنت جزء من هذا العالم.. كيف تنقطع عنـــه؟! كيف يمكــــن لرسالة أن تبقى بدون قــــراءة، ولمحادثة لا يرد عليها؟!

لو أني قلت لك لا تستخدم هاتفك النقال في القيادة لقلبت الصفحة فورا، لا حاجة لك بنصائح متكررة.. تقال دائما وقد فرغت من مضمونها بسبب استسهال قولها.. وأنت تعرف الصواب من الخطأ، وتعرف ما يشكل خطرا على سلامتك، وما لا يشكل خطرا، وتدرك أكثر ثقتك في نفسك.. الأمور معك «تحت السيطرة» ولا تشبه أولئك الذين لا ينتبهون وهم يكتبون رسالة فيجدون أنفسهم نطحوا بسيارتهم سيارة أخرى واقفة أمامهم، أو أنهم انحرفوا نحو الشارع المقابل فكانت الكارثة، وفيات وإصابات ومجالس عزاء وأيتام وأرامل وأمهات ثكلى وغيرها مما يتوقع من كوارث تقع بسبب غفلة جرت في غمضة عين!

للأسف الشديد هناك من يلغي النصف الأول من المقال والمتضمن نصائحي «السلبية» لأن هناك حقيقة واضحة نتغاضى عن القبول بها: ما حدث للآخرين سيحدث لنا، وما نفكر به حول سيطرتنا على الوضع قالوه أيضا أولئك الذين تعرضوا لحوادث جسيمــــة، وبسبب رسالة نصية تسببوا في كوارث إنسانية رهيبة، والندم يأتي متأخـــرا جدا.. ولات حين ندم، كما يقال.
لسنا مختلفين عن الآخرين.. لا نملك قدرات خرافية لندّعي أننا «غير».. فقط لو نقاوم فضولنا قليلا، لو أغلقنا خدمة الإنترنت نهائيا خلال القيادة.. لو فكّرنا بلحظة تخرج فيه السيارة عن مسارها، إلى أين يمكن أن تتجه؟!
لست بريئا بما يكفي لأنصح.. لكنّي أقاوم للتخلص من إدمان التراسل خلال القيادة.. أفكر أن أخطو ولو خطوة صغيرة إيجابية لأسمع صوت العقل داخلي، لا صوت الثقة.. ترى ماذا سيخسر العالم لو امتنعت عن الرد على مكالمة أو رسالة حتى تتوقف السيارة؟ ماذا سيكسب العالم إن تناولت هاتفك وانشغلت به؟ وحدك ستخسر، ربما ماديا تستطيع أن تعوّض خسائرك، لكن ماذا عن روحك، ماذا عن أرواح الآخرين؟!!