صلالة - عادل اليافعي
رعى نائب رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي الممثل الخاص لجلالة السلطان، صاحب السمو السيد أسعد بن طارق آل سعيد عصر أمس الاثنين بمجمع السلطان قابوس الشبابي للثقافة والترفيه بمدينة صلالة حفل افتتاح أعمال الاجتماع الوزاري «الطريق إلى التغطية الصحية الشاملة في إقليم شرق المتوسط» الذي تستضيفه السلطنة خلال الفترة 3- 5 سبتمبر الجاري.
حضر الحفل عدد من أصحاب السمو والمعالي والسعادة وأصحاب المعالي وزراء الصحة في دول إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط وأعضاء مجلسي الدولة والشورى وعدد من مسؤولي المؤسسات الحكومية بالمحافظة من مدنيين وعسكريين وعدد من كبار مسؤولي منظمة الصحة العالمية وممثلي الهيئات والجمعيات الدولية، ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة والمنظمات غير الحكومية التي لها علاقات رسمية مع منظمة الصحة العالمية وجمع غفير من المدعوين.
فقرات الافتتاح
تضمن برنامج الافتتاح مجموعة من الفقرات منها: كلمة ترحيبية للمدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط د. أحمد بن سالم المنظري، قال فيها: إن الاستثمار في الصحة والتغطية الصحية الشاملة استثمار في الإنسان وهو المحرك لتحقيق التنمية الاقتصادية، حسبما أكدته مرارا اللجان والدراسات القديمة منها والحديثة على حد سواء، مضيفا أن الاختبار الحقيقي لنجاح أي إستراتيجية معنية بتحقيق التغطية الصحية الشاملة هـو أن يحصل كل فرد على الرعاية الصحية التي يحتاج إليــــــها وبجودة مناسبة، وانه يسعدني كثيرا أن أعلن لكم أننا، ومنذ فترة قريبة، قـــــد شكلنا فريقا مخصصا للعمل عبر إدارات المكتب الإقليمي معنياً بتـــــقوية النظم الصحية من أجل تحقيق التغطية الصحية الشاملة، مع إمكانية تكييف هذا الفريق حسب ظروف البــــلدان المـــتأثرة بالصراعات والأكثر ضعفاً نسبياً في الإقلـــيم وينضوي هذا الفريق تحت ما نطلق عليه اسم «نظامنا الصحي في مختبر الطوارئ». ومن مهام هذا الفريق أن يتابع على نحو استباقي تنفيذ مبادئ الربط بين العمل الإنساني والتنمية والسلام.
غايات وأهداف
من جانبه أكد وزير الصحة معالي د. أحمد بن محمد بن عبيد السعيدي في كلمته بالمناسبة على أن تحقيق التغطية الصحية الشاملة يمثل أحد أبرز غايات الهدف الثالث من أهداف التـــــنمية المستدامة، وتعني التغطية الصحية الــــــشاملة إمكانية الحصول على خدمات الرعاية الصحية التعزيزية والوقــــــائية والعلاجــــية والتأهيلية والتلطيفية الجيدة دون تكبد مشقة مالية.
حزمة شاملة
موضحا أن التغطية الصحية الشاملة ليست حزمة شاملة لحد أدنى من الخدمات الصحية فحسب، بل هي ضمان التوسع التدريجي في التغطية بالخدمات الصحية، كلما توافرت المزيد من الموارد. ولا يجب أن يُفهم من ذلك مجانية جميع التدخلات الصحية الممكنة بغض النظر عن التكلفة، إذ لا يستطيع أي بلد أن يقدم جميع الخدمات مجانا على نحو مستدام.
تنفيذ التغطية
وقال معاليه: لقد أوضح معالي د. تيدروس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، أن «تنفيذ التغطية الصحية الشاملة هو تحدٍ سياسي أكثر من كونه اقتصاديا». ومع جدول أعمال التنمية المستدامة لعام 2030 فقد وقّع العالم على التغطية الصحية الشاملة بحلول عام 2030، مما يعني أنه قد تم بالفعل الالتزام عالميا بذلك، وهو ما يترتب عليه تحويل هذا الالتزام العالمي إلى عمل وطني. مع الإدراك أن التغطية الصحية الشاملة ممكنة وأن الموارد يمكن توفيرها وأنه يجب أن تكون الصحة حاضرة وجزءاً لا يتجزأ من جميع السياسات، وعلى ضوء ذلك فإن التغطية الصحية الشاملة أصبحت اليوم من أهم الأولويات الإستراتيجية والقيادية لمنظمة الصحة العالمية.
اهتمام السلطنة
ثم تطرق معاليه إلى اهتمام السلطنة بالتغطية الصحية الشاملة وجهودها في هذا الخصوص موضحا أنه إدراكا من القيادة الحكيمة للسلطنة بأهميتها؛ فإن سلطنة عمان قد قطعت شوطا كبيرا في هذا المجال. وتحقق ذلك بفضل انتشار مؤسسات الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات في ربوع عمان، والتكامل والتنسيق بين المؤسسات الصحية الحكومية المختلفة وتعاون القطاع الصحي الخاص. وأضاف: في بداية عصر النهضة المباركة كان التركيز على الحد من انتشار الأمراض المعدية، من خلال البرامج الصحية المختلفة، كبرنامج التحصين الموسع، إذ بلغت نسبة التغطية به أكثر من 99% على المستوى الوطني في عام 2017م، ومع التغير في الخريطة الوبائية وازدياد الأمراض المزمنة، المتعلقة بأنماط الحياة، استجابت الخدمات الصحية لهذا التحول بإعادة هيكلة المراكز الصحية وتهيئتها للوقاية من هذه الأمراض، علاوة على علاجها، كما تم تطوير الخدمات الثانوية والثالثية بالتوسع في التخصصات الدقيقة وزيادة عدد الأسرة، ولم تغفل الرقي بالصحة العامة بما يتواءم مع المرحلة المقبلة من أجل تعزيز الصحة والوقاية من الأمراض بهدف الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة. تضمن برنامج الافتتاح أيضا رسالة مصورة لـ د. تيدروس بريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية جاء فيها: إن تحقيق التغطية الصحية الشاملة أولوية قصوى لمنظمة الصحة العالمية. حيث تعمل المنظمة من أجل عالمٍ يستطيع فيه جميع الناس الوصول إلى الخدمات الصحية التي يحتاجون إليها دون أن يواجهوا ضائقة مالية.غير أن الواقع يقول إن أكثر من نصف سكان العالم لا يحصلون على الخدمات الصحية الأساسية.
تحديات
ويقع كل عام 100 مليون شخص تقريباً في براثن الفقر المدقع بسبب ما يدفعونه من تكاليف من مالهم الخاص لقاء حصولهم على الرعاية الصحية، يعيش منهم 7.5 ملايين نسمة في إقليم شرق المتوسط.
لكننا نرى علامات على إحراز تقدُّمٍ تبعث على التفاؤل. فالكثير والكثير من بلدانكم باتت تُطبِّق أنظمةً للحماية المالية وحزماً للخدمات الصحية الأساسية لتصبح التغطية الصحية الشاملة واقعاً لا مجرد حلم. والطريق إلى بلوغ التغطية الصحية الشاملة محفوف بمزيدٍ من التحديات في إقليم شرق المتوسط في ظل ما يشهده من صراعات عديدة وطوارئ إنسانية. النظم الصحية القويةلكن تظل التغطية الصحية الشاملة والأمن الصحي وجهين لعملة واحدة. والنظم الصحية القوية، التي أساسها الرعاية الأولية التي تركز على الناس، هي الاستثمار الأمثل للحد من أوجه عدم المساواة، وخط الدفاع الحصين في وجه آثار حالات الطوارئ. تضمن برنامج الافتتاح أيضا كلمات أخرى إحداها لـ د. ناوكو يماموتو- المدير العام المساعد للتغطية الصحية الشاملة والنظم الصحية بمنظمة الصحة العالمية- وأخرى لـ د. رجب أكداغ- عضو البرلمان، ووزير الصحة، ونائب رئيس الوزراء السابق بتركيا حول الدورة السياسية في التغطية الصحية الشاملة في التجربة التركية- وكلمة ثالثة لـ د. سانيا نيشتار - الرئيس المشارك للجنة الأمم المتحدة رفيعة المستوى المعنية بالأمراض غير المعدية غير السارية–عن الأمراض غير السارية في سياق التغطية الصحية الشاملة، إضافة إلى كلمة صاحبة السمو الملكي الأميرة دينا مرعد- الرئيس المنتخب للاتحاد الدولي لمكافحة السرطان- حول دور الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان في تحقيق التغطية الصحية الشاملة. الاجتماع ينظمه المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط بالتعاون والتنسيق مع وزارة الصحة، بمشاركة 22 بلدا من بلدان الإقليم، والتي يمثلها وزراء الصحة، وعدد من المسؤولين من القطاعات المالية والبرلمانية، بالإضافة إلى مشاركة واسعة من المندوبين والمستشارين والخبراء، إلى جانب بعض المؤسسات الصحية الوطنية. تقييم الحالة الإقليميةويتمثل الغرض من الاجتماع في تقييم الحالة الإقليمية، وتبادل الخبرات الدولية والإقليمية الناجحة في مجال النهوض بالتغطية الصحية الشاملة مع القـــــادة الإقليـــــميين وصانعي السياسات المسؤولين عن النظم الصحية الوطنية. وسيستند الاجتماع إلى أفضل الممارسات والمعارف العالمية. ومن المؤمل أن يتم من خلاله إعلان التزام أقوى بوضع وتنفيذ خرائط الطريق من أجل النهوض بشكل ملموس بالتغطية الصحية الشاملة في الإقليم.
عدة أهداف
ويسعى الاجتماع لتحقيق عدة أهداف أهمها: تزويد راسمي السياسات بأحدث المعارف والأفكار حول النظم الصحية والتغطية الصحية الشاملة وأهداف التنمية المستدامة. وتبادل أفضل الممارسات العالمية في مجال النهوض بالتغطية الصحية الشاملة بصورة فعالة من خلال تعزيز النظام الصحي. ومن أهم النتائج المتوقعة من تنظيمه: توقيع دول الإقليم على الشراكة الصحية الدولية من أجل تحقيق التغطية الصحية الشاملة 2030 «الاتفاق العالمي الرامي إلى المضي قُدماً صوب تحقيق التغطية الصحية الشاملة»، التوصل إلى فهم أفضل لأحدث المعارف والأفكار حول النظم الصحية، والتغطية الصحية الشاملة وأهداف التنمية المستدامة. ويشتمل البرنامج العلمي للاجتماع على العديد من الجلسات العلمية التي تضم عددا من المواضيع وحلقات نقاش عامة رفيعة المستوى والمداخلات والمناقشات المفتوحة، وتشمل جلسات اليوم الثاني للاجتماع اليوم الثلاثاء مواضيع: القُدُرات البشرية والعدالة الصحية، سياسة الاقتصاد الكلي وتمويل الصحة من أجل تحقيق التغطية الصحية الشاملة، تمويل الصحة لتحقيق التغطية الصحية الشاملة ، كيف أحرزت البلدان تقدماً ملحوظاً نحو بلوغ التغطية الصحية الشاملة؟ ، التمويل المستدام للتغطية الصحية الشاملة وضع وتنفيذ حزمة استحقاقات ذات أولوية لتحقيق التغطية الصحية الشاملة، الخدمات الصحية للأمهات والأطفال في سياق التغطية الصحية الشاملة، الخدمات الصحية للأمراض السارية وغير السارية في سياق التغطية الصحية الشاملة. إضافة إلى حلقة النقاش العامة رفيعة المستوى حول التجارب الوطنية في إقليم شرق المتوسط.
جلسات شاملة
أما اليوم الثالث والأخير غدا الأربعاء فتشمل جلساته مواضيع: الأمن الصحي والتغطية الصحية الشاملة، تعزيز النظم الصحية الوطنية الشاملة للمهاجرين والمجتمعات المستضيفة، رصد التغطية الصحية الشاملة من المنظورين العالمي والإقليمي، وحلقة النقاش العامة رفيعة المستوى حول التجارب الوطنية في السعي نحو بلوغ التغطية الصحية الشاملة في سياق الطوارئ، إضافة إلى حلقة نقاش أخرى حول الشراكات من أجل تحقيق التغطية الصحية الشاملة.
تحضير مبكر
ونظرا لأهمية هذا الحدث وانعقاده على أرض السلطنة فقد أولت وزارة الصحة الاهتمام البالغ بالتحضير المبكر والإعداد الجيد للحدث وتوفير الدعم الكافي للمشاركين، وذلك بالتنسيق مع الجهات المسؤولة، حيث تم تشكيل لجنة رئيسية تندرج تحتها عدة لجان وفرق عمل فرعية تختص بالأمور التنظيمية والإدارية والإعلامية المختلفة، تقوم جمعيها بالتجهيز والإعداد لاستضافة الاجتماع وتهيئة عوامل النجاح لأعماله.
استراتيجية رئيسية
تجدر الإشارة إلى أن التغطية الصحية الشاملة تعني حصول جميع الناس وجميع المجتمعات على الخدمات الصحية التي يحتاجون إليها بجودة عالية ودون مواجهة صعوبات مالية. وتضع البلدان التي تستثمر في التغطية الصحية الشاملة استثمارات سليمة في رأسمالها البشري. وفي العقود الأخيرة برزت التغطية الصحية الشاملة كاستراتيجية رئيسية لإحراز التقدم في سائر أهداف التنمية المتعلقة بالصحة والأوسع نطاقاً. فإتاحة الرعاية الأساسية الجيدة والحماية المالية لا تؤدي إلى تحسين صحة الناس ومتوسط أعمارهم المتوقعة فحسب، بل وتكفل حماية البلدان من الأوبئة، وتحد من الفقر ومخاطر الجوع، وتوفر فرص العمل، وتدفع عجلة التقدم الاقتصادي، وتعزّز المساواة بين الجنسين.
واتباعاً لإطار العمل المتعلق بالنهوض بالتغطية الصحية الشاملة في إقليم شرق المتوسط، يعقد المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية الاجتماع الإقلـــــيمي الوزاري الحالي الطريق إلى التغطية الصحية الشاملة بغية تجديد الالتزام بهذا الهدف، ودعم الدول الأعضاء في سعيها لتطوير رؤاها وتنفيذ خرائط طريق وطنية لتعزيز نظمها الصحية نحو التغطية الصحية الشاملة.