عنصر مهم يهدد السياحة

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٣/سبتمبر/٢٠١٨ ١٧:٣٤ م
عنصر مهم يهدد السياحة

مسقط - ش
لا يختلف اثنان على أن القطاع السياحي يعد من القطاعات المهمة والواعدة، والتي تساهم في الناتج المحلي وتعزيز دور الاقتصاد الوطني بشكل عام، وتحرص العديد من الدول على الاهتمام بهذا القطاع الحيوي وتوفير كافة الإمكانيات المطلوبة لتعزيز دور هذا القطاع لما له من أهمية كبيرة ليس على تطور وتقدم القطاع السياحي فقط وإنما على قطاعات أخرى بشكل مباشر أو غير مباشر، لدرجة أن بعض الدول تعتمد في الدخل القومي بشكل أساسي على القطاع السياحي وكلما شهد هذا القطاع نمواً ساهم ذلك في تقدم الدولة وتطورها لأنه كما أشرنا ينعكس إيجابياً على قطاعات أخرى، كما أن بعض الدول تستثمر الدخل الذي يأتي من القطاع السياحي لتنمية وتطوير البنية الأساسية وتوفير الخدمات والتسهيلات المختلفة حتى يستمر هذا القطاع في التقدم والتطور، بحيث أصبحت بعض الدول اليوم معروفة بتطور السياحة وتقدمها وأيضا أصبحت بعض الدول مثل تايلاند وماليزيا وتركيا وبعض الدول في أوروبا وإفريقيا تستقبل ملايين السائحين في العام الواحد، ويساهمون هؤلاء السائحين في تدفق العملة الأجنبية، وإنعاش الاقتصاد الوطني لهذه الدول.

إن هذه الدول التي أصبحت معروفة سياحياً، وتحظى بإقبال كبير من السائحين ويحرص الجميع على زياراتها سنوياً، لم تحقق هذه النتائج الإيجابية أو هذا التقدم في هذا المجال بسبب وجود البنية الأساسية أو المقومات السياحية أو الإمكانيات المختلفة فقط، وإنما بسبب توفر منظومة سياحية متكاملة تشمل كافة العناصر الأساسية التي تلعب دوراً كبيراً في هذه المنظومة فوجود خلل واحد في هذه المنظومة يؤثر سلبياً على تحقيق النجاح المطلوب ويؤثر تأثيرا كبيرا في تقدم وتطور القطاع، فعلى سبيل المثال تتوفر في بعض الدول بنية أساسية قوية ومقومات سياحية رائعة ولكن للأسف تفتقد للكوادر البشرية المؤهلة التي تمتلك الخبرة الكافية للعمل في مؤسسات القطاع السياحي أو في المؤسسات التي لها علاقة بالقطاع السياحي؛ فالسائح عندما يزور أي بلد يتعامل ويحتك بشكل مباشر مع العنصر البشري في كافة الأمور بدءا من شركات الطيران وفي المطار والاستقبال مروراً بالشركات السياحية وسائقي الأجرة وموظفي الفنادق والعاملين في المطاعم والمشرفين على المواقع السياحية وغيرهم من الذين يقدمون خدمات سياحية وإرشادية للسائح، فالعنصر البشري يعد من العناصر المهمة التي تساهم في تطوير القطاع السياحي ويلعب هذا العنصر دوراً مهماً في إقبال واختيار السائحين السفر لقضاء أوقات ممتعة في دولة معيّنة وعدم الذهاب إلي دولة أخرى بغض النظر عن الإمكانيات والمقومات السياحية المتوفرة؛ فالاستقبال الجيّد وطريقة التعامل بين مواطني هذه البلد أو العاملين في القطاع السياحي وبين السائحين أثناء تقديم مختلف الخدمات السياحية له تأثير إيجابي كبير ومهم ويساهم وبشكل كبير في تدفق وارتفاع أعداد السائحين من دولة إلى دولة أخرى.
خلال السنوات الماضية قمت بزيارة إلى بعض الدول مثل تايلاند وماليزيا وتركيا وكانت الزيارات ناجحة وتركت انطباعاً إيجابياً لزيارة هذه الدول مرات عديدة في المستقبل وذلك ليس بسبب وجود مقومات سياحية أو مناخية أو بنية أساسية أو خيارات متعددة فقط ولكن بسبب العنصر البشري وطريقة تعامله مع السائحين وخاصة في تايلاند وماليزيا الذين يرحّبون بالسائحين بالابتسامة وبطريقة مميّزة ويحاولون تقديم مختلف الخدمات التي تجعل السائح يأخذ انطباعاً جيداً عن البلد بشكل عام، حيث إنهم يدركون أن هؤلاء السائحين هم الكنز الحقيقي لبلدهم وتطوير مستوى معيشتهم وزيادة دخلهم اليومي، كما أنهم يحرصون على التعامل مع السائحين بكل احترام وتقدير وبكل شفافية ونزاهة بعيدا عن الغش أو عمليات النصب التي تحدث للأسف في بعض الدول والتي أصبحت تزعج السائحين وبشكل كبير وتؤثر بعد ذلك على قرار اختيار دولة عن دولة أخرى وتترك انطباعا سيئا عن هذه الدولة وشعبها وكيفية تعاملهم مع السائحين وهذا ما حدث لي مؤخراً عند زيارتي لإحدى الدول المعروفة بالمنطقة والتي تتمتع بمقومات سياحية مختلفة فالتعامل مع العنصر البشري في هذه الدولة وخاصة من العاملين في القطاع السياحي ترك أثرا سلبيا على قرار العودة مرة ثانية لزيارة هذه الدولة وبالتالي مهما قامت حكومة هذه الدولة أو غيرها من إنفاق المبالغ على تعزيز البنية الأساسية وتوفير التسهيلات والخدمات المختلفة للسياح يبقى العنصر البشري مهما في هذه المنظومة السياحية ويجب الاهتمام بتثقيفه وتعريفية بأهمية كيفية التعامل مع السائحين وعدم ترك الأمور تسير دون تخطيط أو تنظيم فهذه خسارة كبيرة لهذه الدولة تؤثر على اقتصادها بشكل كبير وأيضا تؤثر على المدى المتوسط والبعيد على كافة المؤسسات وعلى المتعاملين في القطاع السياحي أو القطاعات المرتبطة به بل العكس تماماً يجب الحرص من المؤسسات المعنية على عمل المنظومة بشكل كامل والاهتمام بكل العناصر التي تؤثر على هذه المنظومة وفي مقدمتها العنصر البشري.
في السلطنة دائماً نتحدث أيضا عن أهمية قطاع السياحة، والجميع يشارك بالآراء حول تطوير هذا القطاع، ويرصد الملاحظات والمتطلبات لتطويره وخاصة تعزيز البنية الأساسية والتعريف بالمقومات السياحية والتاريخية واستثمار ميزة الأمن والاستقرار الذي تتمتع بها السلطنة، وهذا أمر إيجابي ويفيد أصحاب القرار سواء في وزارة السياحة أو في المؤسسات الأخرى التي لها علاقة بهذا القطاع الحيوي، ورغم كل الجهود التي تبذلها وزارة السياحة والمؤسسات الأخرى في هذا المجال ورغم السمعة الطيبة والأخلاق الحميدة التي يتمتع بها المواطن العماني إلا أننا يجب علينا التركيز والاهتمام أيضا بمتابعة العاملين في هذا القطاع والذين يتعاملون مباشرة مع السائحين في كافة المواقع مثل شركات الطيران أو المطارات والفنادق وسائقي الأجرة والعاملين في الشركات السياحية المختلفة؛ بهدف ضمان تقديم الخدمات والتعامل مع السائحين بأسلوب مميز وراق وبعيدا عن أساليب النصب أو الغش إذا كانت موجودة؛ حتى يحظى السائح بزيارة ووقت ممتع وترك ذكرى جميلة تساهم في ارتفاع ونمو أعداد السائحين إلى السلطنة ولتحقيق ذلك نأمل تنظيم دورات أو لقاءات بين فترة وأخرى للعاملين في هذا القطاع للتوضيح لهم وتعريفهم بكل المستجدات بهدف تحقيق أفضل النتائج.