للتصدي للتحرش الجنسي في مصر

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٣/سبتمبر/٢٠١٨ ٠١:١٤ ص

مي الحبشي

مدربة الفنون القتالية Wen-Do شيرين سالم تتحدث حول كيفية الاستفادة من فنون الدفاع عن النفس كي يمكن للمرأة المصرية الدفاع عن نفسها.

شعرت شيرين سالم دوما برغبتها في مساعدة ودعم النساء والفتيات، ولكنها أدركت فقط في أعقاب الثورة المصرية أنه يمكنها المساهمة في حل مشكلة التحرش الجنسي في مصر.

عانت شيرين دوما من كونها سلبية، وصامتة، فقررت، بالتعاون مع صديقتها إيميلين لافندر إطلاق حملة «إجمدي»، وهي عبارة عن سلسلة من الفعاليات لتعليم المرأة كيفية الدفاع عن نفسها ضد التحرش الجنسي من خلال التدريب على تدريبات اللياقة البدنية Zumba، والفنون القتالية Wen-Do، فمن خلال حملة إجمدي، يمكن للنساء مشاركة تجاربهن وتعلم طرق الدفاع عن أنفسهن في مختلف الأنحاء.
تقول شيرين: «عندما اندلعت الثورة، وازدادت معدلات التحرش الجنسي، فكرت فيما يمكن القيام به للتحسين من الأوضاع بمصر. كنت أرغب في الاستفادة من مهاراتي لإحداث التغيير الإيجابي وأن يستفيد من ذلك النساءوالفتيات في مصر».
منذ كانت في سن الثالثة عشر من عمرها، كانت شيرين تسعى دومًا لتعلم ممارسة الفنون القتالية Wen-Do في ألمانيا، فالفنون القتالية Wen-Do هي نوع من فنون القتال التي ابتكرها زوجان في مدينة تورنتو بكندا في العام 1964، بعدما قُتلَّت إحدى النساء بطريقة وحشية في نيويورك في ذلك العام، ومنذ ذلك الحين، اكتسبت الفنون القتالية Wen-Do شهرة كبيرة في جميع أنحاء أوروبا، والولايات المتحدة، والآن في مصر، بفضل شيرين.
يعتبر التحرش الجنسي مشكلة اجتماعية تواجه الكثير من النساء، كما الحال في العديد من البلدان حول العالم.
تقول شيرين: «الكثير من الفتيات، بما فيهن أنا، واجهنا تجارب التحرش الجنسي، ولذلك من الضروري أن نعرف كيف نتعامل مع تلك المواقف كي لا تؤثر على حياتنا».

كي تتعلم المــــرأة فنـــون القتال، تبدأ في زيــــادة اللياقة البدنيـــة Zumba للمساعدة فــــي تعـــزيز ثقتهـــا بنفسها من خلال الحركـــة، ومـــن ثم تبـــدأ في التدرب على اكتساب المهارات القتالية Wen-Do، فتلك التدريبات تغطي نطـــاق واسع من التدريبات البدنية وفنون الدفاع عن النفس، وكيفية الوعي ومواجهة تلك المواقف، إلى جانب مناقشة المشكلات النفسية، والاجتماعية، والقانونية التي ربما تنتج نتيجة ممارسة فنون الدفاع عن النفس.

لتنظيم تلك الفعاليات، تعمل حملة إجمدي بالتعاون مع العديد من منظمات الدفاع عن حقوق المرأة في مصر مثل معهد نظرة للدراسات النسوية، ومبادرة خريطة التحرش الجنسي، ومؤسسة هي مصر.

تقول شيرين: «تلقينا العديد من ردود الفعل الإيجابية من النساء والفتيات ممن حضرن إلى تلك الفعاليات، فالفتيات اللاتي حضرن تشعرن بالتمكين ليس فقط في مواجهة المتحرشين، ولكن كذلك في كافة مجالات الحياة، فذلك الشعور بالثقة والتمكين يتخلل ليشمل كافة الجوانب الأخرى».
لم تلقْ مبادرة إجمدي استحسان جميع النساء والفتيات، فالعديد منهن تخوفن من عدم تمكن فعاليات يغلب عليها طابع الرقص من مواجهة مشكلة خطيرة مثل التحرش الجنسي.
تقول شيرين، «كانت هناك العديد من الأسئلة حول كيف ننوي محاربة ظاهرة التحرش الجنسي بالرقص على المسرح، ولذلك تطلب الأمر بعض الوقت كي يفهم الآخرين أن هذا ليس مجرد رقصًا، فهدفنا هو أن نجعل المرأة تشعر بالثقة في نفسها من خلال الأغاني التي تشمل رسائل تحفيزية، وتخلف نوعًا من الشعور بالمساندة بين المشاركات وبعضهن البعض لتحفيزهن على مواجهة المتحرشين».
توضح شيرين أنه كي يمكن للمرأة مواجهة المتحرش، ينبغي عليها أن تؤمن أن من حقها الدفاع عن نفسها.
«ولكن هنا في مصر، تعاني المرأة من عدم قدرتها على ذلك».
تضيف شيرين أن العديد من النساء يؤمن بأن التجاهل هو الوسيلة المُثلى، وتجنب مواجهة المتحرش، لأن ذلك غير لائق من الناحية الاجتماعية.
«في مجتمع تندر فيه جوانب التواصل الجسدي والعاطفي بين الرجل والمرأة، من الضروري جعل المرأة تشعر أن من حقها الدفاع عن سلامتها وأمنها».
بينما يستغرق إيجاد حلول لمشكلة التحرش الجنسي في مصر بضعة سنوات أو ربما بضع عقود، ربما، على المدى القصير، تعلم المرأة كيفية مواجهة المتحرشين والدفاع عن حقوقها رسالة واضحة يمثل رسالة مفادها أن الأمور لم تعد كما كان.
واحدة من أفضل لحظات شيرين أثناء تعليم المهارات القتالية Wen-Do كان عندما أخبرتها إحداهن أنها لم تعد تتعرض للمضايقات من الآخرين.
«الأمر لا يعود إلى كونها تقاوم المتحرش جسدياً، ولكنه يعود إلى كونها الآن تمتلك الثقة والأدوات اللازمة للتعامل معه، وهذا ينعكس في الطريقة التي تسير بها والطريقة التي تتعامل بها مع الآخرين».
في الوقت الحاضر، يتم تنظيم برنامج إجمدي مرة واحدة سنوياً، لأنه يعتمد في تمويله على الشركاء الذين يقومون برعاية الفعاليات حتى يمكن للنساء الحضور مجانًا.
تختم شيرين حديثها: «أتمنى أن أتمكن من تنظيم الكثير من فعاليات إجمدي ليس فقط في مصر، ولكن كذلك في البلدان العربية المجاورة، فأينما نقوم بتنظيم البرنامج، سواء في المدن الكبرى مثل القاهرة، أو الإسكندرية، أو في المناطق النائية مثل المنيا أو دمنهور في مصر، أدرك أننا جميعاً سواسية، وهكذا الأمر ينجح مع الجميع، بصرف النظر عن موقعهن».