قلعة مطرح إطلالة شامخة على البحر والجبل

مزاج الاثنين ٠٣/سبتمبر/٢٠١٨ ٠١:٠٨ ص
قلعة مطرح إطلالة شامخة على البحر والجبل

مسقط- خالد عرابي - تصوير - شبين

تعد «مطرح» واحدة من أهم الولايات في تاريخ عُمان العريق بماضيه وحاضره ومستقبله، وذلك لأسباب كثيرة منها تاريخ هذه الولاية وموقعها وخصوصيتها بل والشخصيات التي نشأت بها وخرجت منها وانعكس أثرها على التاريخ العماني، إذ إن مطرح كانت تعرف بمدينة التجار، ويعود عمر الولاية إلى الألف الثالثة قبل الميلاد، وتقع في الجزء الشمالي الشرقي من السلطنة حيث تطل على شاطئ بحر عُمان الذي يرتبط تاريخيا وجغرافيا بالصين والهند وشرقي أفريقيا وبلاد فارس وهو ما جعلها منطقة تجارية من الطراز الأول وعلى مر التاريخ.. وقد كانت واحدة من المعالم الرئيسية والبارزة في الولاية هي قرية مطرح التي تقف كقلعة شامخة عتيدة مطلة على خليج عمان أمام شاطئ البحر والجبل مستنشقه هوائه المحمل بعبق ذكريات السفن التي جابته وتجوبه إلى اليوم ذهابا وإيابا وفي جعبتها الكثير من المواقف والأحداث لتظل أحد معالمها وشواهدها التي لم تنفصل عن أحداثها ووقائعها.. وقد افتتحت وزارة السياحة مؤخراً المرحلة الأولى لتطويرها وتأهيلها لاستقبال الزوار من المواطنين والمقيمين والسياح، لتكون إضافة نوعية تسهم في إثراء السياحة التراثية والثقافية ومنتجا سياحيا نوعيا يضاف إلى قائمة القلاع والحصون التي تم تحويلها مؤخرا إلى مزارات سياحية في العديد من ولايات السلطنة المختلفة، وبحسب إعلانها ستكون مفتوحة للجميع من السبت إلى الخميس من الساعة 9 صباحا إلى 4 مساءً. والجمعة على فترتين: من الـ 9 إلى 11 صباحا، ومن الـ2 إلى 4 عصرا.

«الشبيبة» تأخذكم في جولة من داخل القلعة بعد افتتاحها وتطويرها، وفي البداية نجد أنه ومنذ الوهلة الأولى يمكن للزائر للقلعة أن يرصد شموخها وتميزها من موقعها الفريد إذ تقف شامخة عالية فوق قمة صخرية جبلية قوية وشاهقة، مطلة على العديد من المعالم المطرحية بل والعمانية العريقة والفريدة ومنها على سبيل المثال: ميناء السلطان قابوس السياحي، وسوق مطرح، وحصن مطرح من الناحية الأخرى من خليج عمان وسور اللواتية والكورنيش وحديقة الريام، واختصار للوصف يمكن للزائر لها أن يحصل على إطلالة فريدة على معظم معالم الولاية السياحية وفي صورة بانورامية من أعلى.

ثلاثة أبراج دائرية
ففي البداية تجد أن القلعة تتكون من ثلاثة أبراج دائرية أحدها برج كبير على القمة والاثنين الآخرين أصغر حجما ويقع أحدهما عند أول نقطة في الغرب أما البرج الآخر والذي لا زال يحوي أحد المدافع القديمة، ويقع ناحية الشمال من القلعة بالقرب من البرج الكبير.. وتحتوي القلعة على مجموعة متنوعة من المدافع القديمة، والتي يختلف تاريخ كل مدفع منها عن الآخر، وكذلك عربته طبقا لتاريخ صناعة كل مدفع وبلد صناعته فتوجد (مدافع عُمانية، بريطانية، برتغالية، أميركية،هندية، فارسية، و فرنسية) ونوع العربات المستخدمة فيه (ثلاثة أنواع ـ ميداني للمعارك، وبحري للسفن، وثابت للمباني كالقلاع وغيرها) مع نبذة تاريخية لكل منها ومعلومات عن استخداماتها وأهميتها العسكرية وغير ذلك.

وحول تطوير القلعة تحدث عبدالله بن سالم الذهلي، المدير العام المساعد لتطوير المواقع والمنتجعات السياحية عند افتتاحها فقال: إن الجهود والدراسات التي تقوم بها وزارة السياحة لتطوير هذا المعلم نابعة من إيمانها بأهمية وضرورة المحافظة عليه ووضعه ضمن الخارطة السياحية للبلاد، وبناء على ذلك فإن الأهداف العامة التي عملت وزارة السياحة على تحقيقها بالمشروع تستند إلى رؤية علمية تخصصية تفرض التطوير وفق قواعد وأساليب التطوير الأثري والعلمي والذي يبتعد عن مفاهيم التجديد الحديث للمباني حتى لا يتم طمس الخصائص والسمات التاريخية الأصلية للقلعة. وأضاف قائلا: إن خطة التأهيل والتطوير لها تضمن الصيانة الشاملة بغرض الحفاظ عليها كأثر يفوح منه عبق التاريخ التليد، تأكيدا لأصالة البناء وتدعيمه بما يراعي بشكل تام مختلف خصائصه المعمارية والإنشائية مع تحليل علمي شامل لمواد البناء المستخدمة، ودراسة السبل لصيانتها وأفضل الطرق لحمايتها من أضرار المناخ والرطوبة والتقادم الزمني وعوامل التعرية والتآكل ومعالجة الأضرار التي تنجم عن الآفات والحشرات والفطريات التي تنخر في المواد الموجودة بأسقف ونوافذ القلعة.
وأكد الذهلي على أن القلاع والحصون تعد فناً معمارياً وهندسياً فريداً وشاهداً على ثراء التراث المعماري العماني الذي يبرز حرفية وعبقرية عظيمة، منوها الى أن التراث العُماني غني بمفرداته المعمارية، ومنها العمارة العسكرية: كالأبراج، القلاع والحصون، أبراج المراقبة، والأسوار. ومنها العمارة الدينية كالمساجد. والعمارة المدنية:كالبيوت، الحارات القديمة، والأسواق.

المواقع التاريخية

وقال سلطان بن جميل المخمري، المكلف بأعمال مدير دائرة تطوير المواقع التاريخية بأنه تم إعادة تأهيل وتطوير بهو المدخل الرئيسي للقلعة من خلال إزالة الأسقف المتهالكة وإعادة تأهيلها، إضافة لتجديد وتغيير مسار شبكة المياه والصرف الصحي الحالية التي تعترض مسارات الحركة داخل وخارج القلعة. وأكد على أنه تمت أعمال الصيانة الشاملة لأجزاء القلعة الداخلي والخارجي، وإدخال الإضاءة الداخلية والخارجية الحديثة والتي تتماشى مع الطابع التاريخي للقلعة وإعادة تأهيل جميع الأرضيات والأسطح وإعادة تأهيل الدرج المؤدي لأعلي القلعة وصيانة وتأهيل المكونات الخشبية بالقلعة كالأبواب والنوافذ والأسقف، وصيانة وتأهيل الجزء الداخلي للقلعة وملء الفراغات الداخلية الموجودة في جدران وساحة القلعة لتكون منصات للزوار للنظر إلى الصورة البانورامية الواقعة أسفل القلعة، وصيانة المدافع القديمة الموجودة في أعلى القلعة وتغيير عرباتها وعرضها في مواقعها المخصصة لها مع وضع النبذ التاريخية لكل مدفع على حدة واستخداماته العسكرية.