تسويق الطبخ المنزلي

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٧/أغسطس/٢٠١٨ ٠٣:٥٧ ص
تسويق الطبخ المنزلي

مات سميث

الطبخ المنزلي يدخل عالم التقنية المتطورة بعد إطلاق نساء ليبيات لخدمة توصيل الطعام عبر تطبيق إلكتروني

وسط الاضطراب السياسي والاقتصاد الممزق في ليبيا، أطلقت اثنتان من رائدات الأعمال الشابات خدمة مبتكرة تمكّن النساء من العثور على عمل آمن ومجزٍ.

تُظهر بيانات البنك الدولي أن 27% فقط من النساء الليبيات اللاتي يبلغن من العمر بين 15 و64 عاما يعملن الآن، وأن الوظائف أصبحت نادرةً في بلدٍ لا تسيطر عليه الحكومة المعترف بها دوليا بشكلٍ كاملٍ. وغالبا ما تزيد الاعتبارات الثقافية والدينية من تقييد النساء في ليبيا من تحقيق الحرية الاقتصادية.
لكن الإبداع يولد من رحم المعاناة أيضا، كما أثبتت مساعي فاطمة ناصر البالغة من العمر 20 عاما، إذ أطلقت هي والشريكة المؤسسة عزيزة آدم خدمة يمي Yummy لتوصيل الطعام في مدينة سبها الليبية أواخر العام 2017.
قد لا يبدو ذلك ملحوظًا، لكن الطريقة التي تعمل بها الشركة هي أن الطهاة المهرة يُعدون الوجبات في منازلهم، ثم تُطلب هذه الوجبات ويجري توصيلها إلى الزبائن عبر تطبيق إلكتروني. وحتى الآن، سجّل 300 طاهٍ في تطبيق يمي.
وقالت فاطمة: «مهمتنا هي تمكين النساء اللاتي يعملن من المنزل اقتصاديا ودمجهن في الاقتصاد الرسمي. لا يساعد الوضع في ليبيا أي شخص يرغب في بدء نشاط تجاري؛ لذلك أنشأنا هذه المنصة لمساعدة النساء في كسب المال».
وبعد بدء توصيل الوجبات أواخر العام 2017 في جزء من إطلاقٍ تجريبيٍ، أُصدِر تطبيق يمي على نظام التشغيل أندرويد في أبريل الفائت. وستُطرح نسخة من التطبيق لأجهزة أيفون على متجر تطبيقات أبل في سبتمبر المقبل لتتزامن مع إطلاق خدمات يمي في مدينتي طرابلس وبنغازي خلال الشهر ذاته.
وسيوّظف فريق يمي، المكون من سبعة أفراد، المزيد من الأشخاص قبل توسعه في الساحل الشمالي الليبي.
وقالت فاطمة: «لقد حققنا الكثير من خلال التوسع رويداً رويداً».
ولكي يتمكن الطهاة من الانضمام إلى خدمة يمي، يجب على المتقدمين أن يمتلكوا شهادة نظافة شخصية وأن يكونوا قد مارسوا مهنة الطبخ تجاريًا لمدة سنة على الأقل. وبعد الانضمام إلى فريق يمي، ستزور الشركة منزل الطاهي وستلتقط صوراً دعائية لإبداعاتهم في الطعام، وستروج لأطباقهم على المنصة وستنظم مواعيد التوصيل إلى الزبائن.
وتابعت فاطمة قائلةً: «يُعد الطهي المنزلي اتجاهاً سائداً في ليبيا، إذ يواجه الاقتصاد الأوسع نطاقاً صعوبات بسبب الوضع السياسي، وتستخدم المزيد والمزيد من النساء مهاراتهن في الطبخ لتحقيق دخل. واكتشفن أن أفضل طريقة لتحقيق ذلك هي من خلال العمل من المنزل».

وعادةً ما تكون الطلبات من الوجبات متعددة الأطباق للمجموعات الكبيرة، من أجل حفل زفاف أو مناسبة عامة على سبيـــل المثال، بدلًا من خدمة الوجبات الجاهزة التقليدية، رغم أن بعض الطلبات تكون أصغر مثل بيتزا أو كعكة.

وقالت فاطمة: «عندما يطلب الزبون وجبة، نتفق معه ومع الطاهي على تاريخ ووقت التسليم ونرتب وصول الطعام في الوقت المتفق عليه، وكل ما على الطاهي فعله هو إعداد الوجبة؛ لأننا نهتم بكل شيء آخر».

وفي المقابل تحصل الشركة على 10 % من إيرادات بيع الطعام و10% من رسوم التوصيل، في حين يتكون فريق التوصيل من الطلاب الذين يحتاجون إلى دخل إضافي لتمويل تعليمهم.
وأوضحت فاطمة، التي تجمع بين عملها الريادي والدراسة للحصول على شهادة في اللغة الإنجليزية، قائلةً: «نحاول أن يكون لنا تأثير اجتماعي إيجابي بأكبر قدر ممكن». كانت لحظة مهمة في تطوير خدمة يمي عندما شاركت الشريكتان المؤسستان في مسابقة إنجازي للشركات الناشئة التي تديرها شركة تطوير الليبية للبحوث بالشراكة مع معهد ماساتشوستس للتقنية.
وقالت فاطمة: «في ذلك الوقت، كانت يمي مجرد فكرة على الورق. وبداية من ذلك، بنيّنا شبكة ضخمة مع رواد أعمال ليبيين آخرين».
وخلال المشاركة في مسابقة إنجازي، أكملت الشريكتان المؤسستان للشركة دورة مكثفة مدتها 35 يومًا لوضع خطة عمل مفصلة تحدد كيفية عمل الشركة وتوسعها. وتضمن البرنامج أيضًا تدريبًا على كيفية عرض الأعمال على المستثمرين المحتملين.
وقالت فاطمة: «لقد ساعدنا ذلك حقًا لأننا كنا نفتقر إلى المعرفة بكيفية بدء نشاط تجاري».
وكانت شركة يمي، التي تمول نفسها حاليًا لكنها تقدمت لشركة تطوير للاستثمار من ذراعها الرأسمالي الاستثماري، واحدة من عشر شركات ناشئة اختيرت للمشاركة في المرحلة الثانية من مسابقة إنجازي، إذ سافرت الفتاتان إلى العاصمة اللبنانية بيروت للمشاركة في معسكر تدريبي للشركات الناشئة لمدة أسبوعين في نوفمبر الفائت.
وقالت فاطمة: «كان الجزء الأول من الدورة نظريًا في الغالب، لكن الجزء الثاني كان عمليًا أكثر وكنا قادرين على ابتكار منتج قابل للتطبيق. طبّقنا النظرية التي تعلمناها لبدء نشاط تجاري حقيقي، بدايةً من إنشاء صفحتنا على فيسبوك للتسويق والتواصل مع الزبائن».
فعلت فاطمة كل ذلك بينما كانت لا تزال تدرس للحصول على شهادتها، وستعمل بدوام كامل مع يمي بعد أن تتخرج في أغسطس المقبل.
واختتمت فاطمة قائلةً: «كان ذلك بمثابة تحدي؛ لكنني شغوفة بما أفعله بالإضافة إلى دعم عائلتي وأصدقائي. كان من الصعب أن أوازن بين العمل في يمي ودراستي، لكن كلما كان الأمر صعبًا أتذكر أنني لا أفعل ذلك من أجل المال فحسب؛ فأنا أفعل ذلك من أجل بلدي ولمساعدة النساء الأخريات».

كاتب وصحفي