ناجون يتسولون الطعام

الحدث الأحد ٢٦/أغسطس/٢٠١٨ ٠١:٠٥ ص

الموصل (العراق) - رويترز

طوّق حشد من العراقيين الغاضبين شاحنة صغيرة محمّلة بلحوم بقرتين مذبوحتين عصر أحد أيام أغسطس شديد الحرارة وسط الأنقاض بمدينة الموصل التي كانت آخر معقل لتنظيم داعش في العراق.

ووسط الزحام ومشاعر اليأس يتخطف المتزاحمون قطع اللحم من رجل يقف في صندوق الشاحنة حتى تغادر ثم ينتظر البعض وصول شاحنة أخرى للحصول على نصيبهم من اللحوم.
ولم تف تلك المساعدات، التي توزع في إطار الاحتفالات بعيد الأضحى، باحتياجات من يعيشون وسط الأنقاض في البلدة القديمة بالموصل بعد أكثر من عام من طرد مسلحي تنظيم داعش في معركة أخيرة حوّلت الكثير من السكان إلى مشرّدين ومتسوّلين.
يقول علي شريف (24 عاما) بعد أن حصل على بعض اللحم من إحدى السيارات «هناك الكثير من السكان الذين يحتاجون إلى المساعدة في الحصول على الطعام وإعادة بناء منازلهم... الجميع هنا تضرروا من الحرب».
ومنذ أعلنت القوات العراقية النصر على داعش لم يطرأ تحسّن يُذكر على حياة الذين يسكنون البلدة القديمة في غرب الموصل. وكان بعضهم قد رحّب بوصول المتشددين في 2014. وتسبب ذلك في ضغوط إضافية عليهم من الحكومة في بغداد والتي يتهمونها منذ فترة طويلة بمعاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية.
وقال علي أغا المسؤول المحلي وهو يتجوّل في الأزقة الضيّقة المتشعبة للبلدة القديمة في الموصل ويقرع الأبواب لتوزيع اللحم «سنوزع هذا على الفقراء هنا لمساعدتهم ونسأل الله أن يبارك لنا. لا تفعل حكومتنا أي شيء» لمساعدتهم.
وأسست بغداد (صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة من العمليات الإرهابية) لمساعدة المدن والبلدات التي سُوّيت بالأرض خلال معارك طرد داعش التي سيطرت لفترة على ثلث مساحة العراق.
وتفيد بيانات للصندوق نشرت يوم 20 أغسطس أن خطة إعادة إعمار الموصل وكل المناطق المحيطة في محافظة نينوى تستهدف إقامة 78 مشروعا في 2017-2018 بقيمة 75.5 بليون دينار عراقي (63.69 مليون دولار) جرى تكملتها بمبلغ 135 مليون يورو (154.4 مليون دولار) في صورة قرض من ألمانيا.
لكن الخبراء يقولون إن من المتوقع أن تكلّف إعادة إعمار الموصل وحدها، والتي كان يقطنها مليونا نسمة قبل الحرب وأصبح بها الآن 646 ألف مشرّد، بلايين الدولارات.
وقال الصندوق في بيان هذا الشهر إن «قلة التخصيصات قياسا بحجم الدمار» يشكّل تحديا كبيرا أمامه.
في أوائل أغسطس عاد حازم محمد (52 عاما) وأسرته إلى كومة من الأنقاض كانت يوما منزله على مقربة من ملعب سابق لكرة القدم لحقت به أضرار جسيمة وعلى بُعد دقائق سيرا على الأقدام من أطلال مهجورة ما تزال تفوح منها رائحة رفات لم تُنتشل حتى الآن.
ونصب محمد خيمة، على أطلال منزله القديم، لتوفر بعض الظل لأسرته في جو صيفي تتجاوز درجة الحرارة فيه 43 درجة مئوية. وقامت زوجته بغلي الماء على نار قرب الخيمة بينما كان الأطفال الصغار يلهون بداخلها.
وقال محمد «قررت أن أقيم مع أسرتي في تلك الخيمة لتشجيع الحكومة العراقية والمنظمات الإنسانية على إعادة بناء منزلي والمنازل الأخرى المدمّرة في البلدة القديمة».
وتابع قائلا: «نحن أسرة فقيرة. لا نملك المال لنعيش بكرامة. نعاني من نقص الطعام ولا نملك ما يكفي من الأثاث لأنه تحت أنقاض منزلنا الآن».
وتوقفت سيارة عند الخيمة وقام السائق الذي قال إنه يُدعى محمد صالح بإعطائهم نصيبهم من لحوم الأضاحي.
وقال صالح: «أخشى أن يؤدي فشل الحكومة في إعادة بناء البنية الأساسية في عودة التشدد».
ويخشى أيضا المسؤولون المحليون في الموصل والمانحون الغربيون من أن يتسبب البطء في إعادة البناء في إذكاء حساسيات طائفية استغلها من قبل تنظيم داعش.