انكشاف الأسرار

الحدث الأحد ٢٦/أغسطس/٢٠١٨ ٠١:٠٥ ص
انكشاف الأسرار

نيويورك - واشنطن - رويترز

شهد مايكل كوهين المحامي الشخصي السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن ترامب أصدر تعليمات له بارتكاب جريمة بترتيب مدفوعات قبل انتخابات الرئاسة العام 2016 لشراء صمت امرأتين تزعمان أنهما أقامتا علاقات جنسية مع الرئيس.

وتهدج صوت كوهين عدة مرات وهو يقر بالذنب في ثماني تهم جنائية أمام محكمة اتحادية في مانهاتن ومن بينها التهرب الضريبي والاحتيال المصرفي وانتهاكات تتعلق بتمويل الحملة الانتخابية.
ويواجه كوهين عقوبة السجن لمدة تصل إلى خمس سنوات ويمثل إقراره بالذنب تغيُّرا دراميا بعدما تفاخر في السابق بأنه يصحح لترامب وسيدافع عنه.
ويقول معظم خبراء القانون إنه لا يمكن توجيه اتهامات لرئيس حالي بارتكاب جريمة لكن الدستور يسمح للكونجرس بمساءلة وعزل رئيس لارتكابه «جرائم ومخالفات خطيرة».
ويهيل اتهام كوهين الضغوط السياسية على ترامب قبل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس المقررة في نوفمبر إذ يحاول الديمقراطيون استعادة سيطرتهم على مجلسي النواب والشيوخ.
وقال كوهين للقاضي وليام بولي إنه رتّب مدفوعات لامرأتين بهدف شراء صمتهما «بغرض التأثير في الانتخابات بالأساس» وذلك «بالتنسيق مع مرشح لمنصب اتحادي وبتوجيه منه».
وحصلت ممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز على 130 ألف دولار كما تلقت عارضة مجلة بلايبوي السابقة كارين مكدوجال مبلغ 150 ألف دولار.
ولم يذكر كوهين ترامب بالاسم أمام المحكمة لكن محاميه لاني ديفيس قال فيما بعد إن موكله كان يشير إلى الرئيس الأمريكي.
وأضاف ديفيس في بيان «أقر (كوهين) اليوم مع حلف اليمين بأن دونالد ترامب أصدر تعليمات له بارتكاب جريمة بدفع المال لامرأتين بغرض التأثير في انتخابات بالأساس».
وتابع: «إذا كانت هذه المدفوعات جريمة بالنسبة لمايكل كوهين فلماذا لا تكون كذلك بالنسبة لدونالد ترامب؟».
ونفى ترامب إقامة علاقات جنسية مع المرأتين. وقال محاميه رودي جولياني إن الغرض من المدفوعات هو رفع الحرج عن ترامب وأسرته ولم تكن لها علاقة بالحملة الانتخابية.
ولم يتطرق ترامب لكوهين خلال حشد انتخابي بعد ذلك بساعات في ولاية وست فرجينيا.
وانتقد جولياني كوهين ووصفه بأنه «جرذ مخادع صغير» مضيفا أن محامي ترامب الأسبق له تاريخ في الكذب.
وقال جولياني لرويترز «أرى أن ساحة الرئيس بريئة تماما. انتهى موضوع كوهين».
وينص القانون الأمريكي على ضرورة الكشف عن المساهمات المقدمة للحملات الانتخابية. ويرى خبراء أنه يمكن اعتبار دفع أموال لإسكات مزاعم إقامة علاقة جنسية خلال الفترة الفائتة للانتخابات مساهمة في الحملات الانتخابية التي ينبغي ألا تتجاوز 2700 دولار للشخص الواحد في انتخابات واحدة.
وقال روس جاربر وهو محام دافع عن أربعة حكام جمهوريين في قضايا مساءلة إن تصريحات كوهين «تزيد كثيرا من احتمال أن يبدأ الديمقراطيون تحقيقات مساءلة إذا سيطروا على مجلس النواب في انتخابات التجديد النصفي».
وأدلى كوهين بشهادته بمحكمة في نيويورك في إطار صفقة مع الادعاء أقر فيها بارتكاب مخالفات فيما يتعلق بتمويل الحملة الانتخابية والتهرب من الضرائب والاحتيال المصرفي.
وقال ترامب على تويتر إن مخالفات تمويل الحملة التي اعترف بها كوهين «ليست جريمة» رغم أن المدعين وكوهين أقرا بأنها جريمة.
وقد أدلى ترامب بهذا التعليق دون أن يقدم أي دليل.
وكان محاميه رودي جولياني قال إن الأموال التي دفعها كوهين أموال شخصية ولا علاقة لها بالحملة.
وفيما يلي أوجه الحماية التي يتمتع بها الرئيس الأمريكي من المقاضاة الجنائية وكيف يمكن استخدام المساءلة النيابية لعزله من منصبه.

هل يمكن اتهام الرئيس بارتكاب جريمة وهو في منصبه؟

لم يتطرق الدستور الأمريكي إلى هذا الأمر. وسبق أن قال عدد من الخبراء القانونيين إنه لا يمكن اتهام الرئيس أثناء شغله منصب الرئاسة وإنه إذا ارتكب الرئيس جريمة فإن المسار المناسب في تلك الحالة هو المساءلة البرلمانية.

وينص الدستور الأمريكي تحديدا على أن من الممكن عزل الرئيس بتهمة الخيانة أو الرشوة أو غيرها من «الجرائم الكبرى والجنح».
ولم تبت المحكمة العليا الأمريكية فيما إذا كان من الممكن توجيه الاتهام لرئيس وهو في منصبه إلا أن مذكرة أعدتها وزارة العدل العام 2000 خلصت إلى أن الإجراءات الجنائية ستتعارض على نحو لا يمكن السماح به مع قدرة الرئيس على أداء مهمات وظيفته.
وقال خبراء آخرون إن من الممكن توجيه الاتهام للرئيس على أساس أنه لا أحد فوق القانون.

كيف تتم عملية المساءلة؟

تبدأ عملية المساءلة في مجلس النواب إذ يمكن لأعضائه أن يتقدموا فرادى بمشروعات قرارات لمساءلة الرئيس مثل مشروعات القوانين العادية أو يمكن للمجلس أن يبدأ الإجراءات بالموافقة على قرار بالتفويض في إجراء تحقيق.

وتستلزم مساءلة الرئيس الموافقة بأغلبية بسيطة في مجلس النواب غير أن عزل الرئيس من منصبه يتطلب موافقة أغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ.
وسبق مساءلة رئيسين أمريكيين الأول آندرو جونسون في 1868 والثاني بيل كلينتون في 1998. وفي الحالتين لم توافق الأغلبية المطلوبة في مجلس الشيوخ على عزل أي منهما وبقي الاثنان في موقعهما.
وفي حالة عزل الرئيس يتولى نائبه قيادة البلاد لحين إجراء الانتخابات الرئاسية العادية التالية.

هل مخالفة قواعد التمويل في الحملات الانتخابية جرم يمكن أن يعرّض صاحبه للمساءلة؟

يختلف الخبراء القانونيون فيما إذا كان من الممكن مساءلة ترامب على أساس الادعاء بأنه وجه كوهين لمخالفة قواعد التبرع للحملات الانتخابية.

وللكونجرس صلاحية تحديد «الجرائم الكبرى والجنح» وقال الخبراء القانونيون إنه رغم استرشاد الكونجرس بالقانون الجنائي الأمريكي فهو ليس ملزما به.
وقال آندرو رايت أحد المستشارين القانونيين للرئيس الأسبق باراك أوباما إن إقرار كوهين بالذنب يمثل مبررا كافيا لبدء تحقيق يهدف لمساءلة الرئيس.
وأضاف أن الدستور يشير إلى أن مؤسسي الدولة اهتموا باحتمالات إساءة استخدام السلطة وهو ما يشمل أي محاولة لتضليل الشعب أثناء الاستعداد للانتخابات.
وقال خبراء آخرون إن ترامب قد يدفع بأن الأموال التي تم دفعها للمرأتين لا تشكل جريمة لأن الغرض كان حماية سمعته لا التأثير على الانتخابات.
وحتى إذا كان الغرض من دفع هذه الأموال هو التأثير في الانتخابات فإن بعض أساتذة القانون يجادلون بأن مخالفة تمويل الحملات الانتخابية تعاقب في العادة من خلال عقوبات مدنية ولا تصل إلى مستوى الجرائم الكبرى أو الجنح. ومن ثم فلا يوجد ما يبرر المساءلة.