ماذا يعني الانسحاب من سوريا بالنسبة لموسكو

الحدث الأربعاء ١٦/مارس/٢٠١٦ ١٩:٢٧ م
ماذا يعني الانسحاب من سوريا بالنسبة لموسكو

(أ ف ب) - تعكس لقطات عودة اولى الطائرات المقاتلة الروسية من سوريا على شاشات التلفزيون انطباعا بان "المهمة انجزت". لكن تبقى بعض الاسئلة حول قرار فلاديمير بوتين سحب الجزء الاكبر من قواته. فهل يشكل القرار الاخير للرئيس الروسي انسحابا او تراجعا تكتيكيا بسيطا؟ وهل تراجع دعم الكرملين للرئيس السوري بشار الاسد؟ لماذا الانسحاب الان؟ اعلن بوتين منذ البداية ان تدخل القاذفات والمقاتلات التابعة للجيش الروسي سيكون محدودا. وبعد اكثر من خمسة اشهر على بدء الغارات الجوية، تغيرت الاوضاع العسكرية على الارض، واستعاد الجيش السوري تفوقه، بعد النكسات التي مني بها منذ ربيع عام 2015.

بالنسبة لموسكو، فقد حان الوقت للعودة الى "المسار السياسي"، وترجمة التوازن الجديد للقوى ميدانيا على طاولة المفاوضات. وهناك ذريعة اضافية، فقد حقق الجيش الروسي بعد الآلاف الغارات الجوية انتصارا سهلا دون اضرار مع مقتل ثلاثة جنود فقط. لكن قوات الرئيس السوري لم تستعد السيطرة على كامل حلب ثاني مدن البلاد. والخطر كان كبيرا للتورط في محاولة الدفع اكثر باتجاه ذلك. وكما يلخص بقساوة فيودور لوكيانوف، رئيس تحرير مجلة "روسيا في السياسة العالمية"، فان الرسالة الى دمشق واضحة "نحن لا ننوي القيام بكل الاعمال من اجلك". من جهته، يقول كريم اميل بيطار، الخبير في شؤون الشرق الاوسط في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس ان "بوتين حقق اهدافه وهي التوطيد والسيطرة على سوريا المفيدة" اي المناطق الماهولة في وسط سوريا وغربها.

والنقطة الاخيرة هي المال، عصب الحرب. وتشير تقديرات صحيفة "ار بي كاي" الروسية الى ان كلفة الحملة العسكرية تلبغ 2,5 مليون دولار في اليوم الواحد. ما يشكل نفقات لا يستهان بها بالنسبة لهذا البلد الذي يستعد للعام الثاني على التوالي لركود اقتصادي مع انتفاء اي امل في تحسن ملحوظ اسعار النفط المنخفضة. انسحاب ام تراجع تكتيكي؟ واعلن بوتين انسحاب غالبية قواته لكنه شدد على الاحتفاظ ب"موقع لوجستي جوي" في قاعدة حميميم العسكرية. في الواقع، فان الكرملين الذي لم يعلن مطلقا بشكل رسمي عديد عناصره او طائراته المنتشرة هناك لم يؤكد كم سيعود منهم. لكن رئيس لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ الروسي قدر باكثر من 800 عدد القوات التي ستبقى منتشرة في سوريا. كما ان الجيش الروسي سيحتفظ ايضا في المكان بمنظومة صورايخ اس 400 المضادة للطائرات. بعبارة اخرى، بدلا من الانسحاب، يجب التحدث عن خفض وجود موسكو العسكري. بدوره، يقول اليكسي مالاشينكو، الخبير في مركز كارنيغي في موسكو، ان الكرملين ليس مقيد اليدين. ويضيف ان "قرار سحب القوات، الذي بدا انه غير متوقع في البداية، لا يمكن ان يكون تم اتخاذه دون التشاور مع الولايات المتحدة، فهو نتيجة تسوية صعبة.

لكنها اذا لم تعمل، فلا شيء يمنع موسكو من ارسال قواتها الجوية الى سوريا". لكن بيطار يعتبر "ذلك، مؤشرا الى التهدئة" مضيفا "هناك مخاوف روسية من الغرق في مستنقع في الشرق الاوسط" مشيرا الى ان "تجربة التدخلات الاجنبية في المنطقة تؤكد انه ستكون ردود فعل عنيفة". الاسد يتعرض للضغوط؟ وكما في كل مرة تحرك روسيا قطعة على رقعة الشطرنج السورية، يسارع المراقبون الى التدقيق في مؤشرات على وجود تغير في الدعم الروسي للاسد. ويتابع بيطار "لا اعتقد ان الروس في طريقهم للتخلي عن الاسد. انها كمن ينظر الى تمنياته كحقائق ليؤكد ذلك الآن". ومع ذلك، اشار العديد من الخبراء الى ان الرئيس السوري يزعج بعض الاحيان موسكو وان روسيا تريد زيادة الضغوط عليه في بداية مفاوضات السلام، الامر الذي نفاه المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الثلاثاء. وتقول ساره لاين، من المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن ان "مسألة رحيل الاسد او بقائه في السلطة تشكل نقطة خلاف ضخمة تستمر في عرقلة المفاوضات في جنيف". وختمت "اعتقد ان الانسحاب الروسي يهدف الى تسريع المناقشات بشأن الانتقال السياسي".