السلطنة اقتصاد مستقر

مؤشر الأحد ١٩/أغسطس/٢٠١٨ ٠٤:٤١ ص

مسقط -
وضع تقرير جديد أصدرته مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب، مؤخراً، السلطنة في الفئة الثانية عالمياً في مجال الرفاهية الاجتماعية.

وأشار التقرير الذي حمل عنوان «تحقيق التوازن بين الرفاهية الاجتماعية والنمو الاقتصادي: تقييم التنمية الاقتصادية المستدامة 2018» إلى أن السلطنة تفوقت على نظيراتها من الدول الخليجية الأخرى في عدة مجالات مثل الاستقرار الاقتصادي والمجتمع المدني والحوكمة والبيئة، إلَّا أنها شهدت تراجعاً في موقعها في مجالات أخرى خاصةً التوظيف والدخل.

وخلُص التقرير إلى أن الدول الأكثر ثراءً تحظى بمستويات عالية من الرفاهية، مبيناً أن مؤشر الرفاهية في السلطنة جيد بشكل عام ويتحسن.
وحلت السلطنة على قدم المساواة مع المتوسط العالمي فيما يتعلق بالاستفادة من الثروات لتحقيق الرفاهية. ومقارنةً بالدول التي تمتلك معدلات مماثلة من الرفاهية، حلَت السلطنة في الفئة الثالثة الخاصة بالدول التي شهدت تغيراً ملحوظاً.
وتأتي نتائج هذه الدراسة متعارضة مع الفكرة التقليدية التي تُفيد أن على الدول إجراء مقايضة بين السياسات التي تدعم النمو الاقتصادي وتلك التي ترتقي برفاهية مواطنيها.
وكشف البحث، الذي استند إلى التقييم الذي أجرته مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب بعنوان «تقييم التنمية الاقتصادية المستدامة (SEDA)»، والذي يعد بمثابة أداة تشخيص شاملة لتقييم معدلات الرفاهية في الدول، عن وجود صلة وثيقة بين الرفاهية والنمو، إذ إن ازدهار أحد هذين العنصرين يؤثر إيجاباً في الآخر.
وقال جواو هروتكو، شريك مفوَض لدى مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب ومشارك في إعداد التقرير: «كانت مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب ولا زالت تدعم بقوة ضرورة تركيز الدول سياساتها واستراتيجيات التنمية لديها نحو تعزيز رفاهية المجتمع، لكن ما زال هناك اعتقاد بأن مثل هذه السياسات الهادفة إلى تحسين مستوى الرفاهية قد تؤدي إلى تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي. وخلُص تحليلنا إلى أن بإمكان الدول تجنب مثل هذه المقايضة المفترضة، إذ إن اتباع نهج يوازن بين الرفاهية الاجتماعية والنمو الاقتصادي في الظروف العادية من الأمور التي يُنصح بها بشدة ومن المهم اتباع مثل هذا النهج في أوقات الأزمات. وفي مثل هذه الأوقات يتعين على الدول تجنب اتباع السياسات التي تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي على حساب الرفاهية الاجتماعية».
وحققت السلطنة معدلات متباينة في مجالات البنية الأساسية والتعليم والاستقرار الاقتصادي والحوكمة والتوظيف مقارنة مع الدول الأخرى، ولكنها تشهد تحسناً في تلك المجالات.

في المقابل، تتمتع السلطنة بوضع جيد مع تراجع طفيف في مجال الدخل، إلا أنها لا تزال تتفوق على نظيراتها من الدول العالمية في هذا المجال. وتظهر الدراسة بعض التراجع في تصنيف السلطنة في مجالات أخرى كالبيئة والمجتمع المدني والمساواة والصحة.

وأفاد ألكسندر توربيتز، شريك ومدير مفوَض لدى «مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب»، الشرق الأوسط: «مقارنة مع نظيراتها من دول الخليج، تتمتع عُمان بأداء قوي في مجال الاستفادة من الثروات لتحقيق الرفاهية. وبالنسبة للدول التي شهدت ارتفاعاً نسبياً بمعدلات الرفاهية مؤخراً، تشير تحليلاتنا إلى أهمية منح مجالي التعليم والتوظيف أولوية قصوى، إذ إن تحقيق تقدم في هذين المجالين من شأنه أن يساهم بإعداد المواطنين -والمجتمع ككل- بشكل أفضل لمواجهة التحديات المتمثلة بالعولمة والتحولات التكنولوجية المستمرة».
وأضاف توربيتز: «تراجعت السلطنة في التصنيف الخاص بتقييم التنمية الاقتصادية المستدامة عن نظيراتها من دول الخليج بين أعوام 2009 و2018. وبغض النظر عن هذا التراجع، واصلت السلطنة تفوقها على الدول الخليجية في القدرة على الاستفادة من الثروات لتحقيق الرفاهية وبقيت على قدم المساواة مع المتوسط العالمي».
كما حققت السلطنة تطوراً ملحوظاً في مجالي الاستقرار الاقتصادي والتوظيف مع نسبة تطور أقل في مجالي الدخل والصحة. وشهدت، على مدى العقد الفائت، تحسناً قوياً في مجالات التوظيف والبنية الأساسية والاستقرار الاقتصادي بمعدل 21 نقطة و18 نقطة و14 نقطة على التوالي.
وبدرجة أقل، تحسنت السلطنة في مجالي البيئة عند 6 نقاط والمجتمع المدني عند 3 نقاط، إلا أنها شهدت نمواً سلبياً في مجالات الدخل مسجلة 9 نقاط سلبية والصحة عند 4 نقاط سلبية والمساواة عند نقطة سلبية واحدة والحوكمة عند نقطة سلبية واحدة.
وسلط التقرير الضوء على المجالات أو «الأبعاد» التي تبدو ذات أهمية حاسمة لإحراز التقدم المنشود في الدول مقارنة بنظيراتها، وكيف يمكن أن تختلف أهمية المجال تبعاً لمستوى التنمية في الدولة المعنية.
وبكل تأكيد لا يوجد برنامج عمل موحد لتحقيق التنمية إذ إن ظروف كل دولة تقتضي استجابات وسياسات مختلفة. ومع ذلك، فإن هذه النتائج تمنح صناع السياسات رؤية مهمة: إذ إن الأبعاد التي تميز الدول التي حققت أداءً أفضل يمكن أن تصبح نقاط ضعف تعوق مساعي التقدم إذا ما تم إهمالها وتجاهلها.
ويُقيّم تحليل بوسطن كونسلتينج جروب لعام 2018 الاتجاه العام للرفاهية المطلقة في جميع أنحاء العالم من خلال تحليل بيانات 40 مقياساً تشكل المقاييس العامة لتقييم التنمية الاقتصادية المستدامة العالمي -حيث يقدم التحليل نتائج تدعو للتفاؤل.
وأشار إنريك رودا - ساباتر، استشاري أول لدى مجموعة بوسطن كونسلتينج ومشارك في إعداد التقرير: «بالنظر إلى السنوات العشر الأخيرة، يظهر جلياً مدى تحسن مستويات الرفاهية بشكل عام في جميع أنحاء العالم. وفي الواقع هذا أمر مشجع للغاية -لا سيما وأن هذه الفترة شهدت أزمة مالية كبرى تسببت في ركود اقتصادي في العديد من الدول».
وتحققت نتائج إيجابية كبيرة في مجالات الصحة والتعليم والبنية التحتية من العام 2007 حتى العام 2016. رغم أن الاتجاهات كانت أقل تشجيعاً في الحوكمة والبيئة، إلا أن معظم الدول أظهرت تحسناً في غالبية المقاييس الأربعين لتقييم التنمية الاقتصادية المستدامة.